ومهدت الطريق في بلادها أمام إبرام عشرات الاتفاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية مع إسرائيل، وفتحت أسواق دولهم المحلية أمام سلع ومنتجات دولة الاحتلال والمستوطنات المحتلة أو إيجاد طريق لها نحو الأسواق الخارجية.
لكن هذه النظرة تظل قاصرة من وجهة نظري، فالصهاينة العرب أكبر من تلك الشريحة الرسمية الضيقة العدد والقوية التأثير.
خذ مثلاً التجار ورجال الأعمال والمستثمرين العرب الذين باتوا يتعاملون مع إسرائيل على أنها سوق مستهدف لا يختلف عن أي سوق خارجي آخر، ولذا يصدرون منتجات شركاتهم حالياً لدولة الاحتلال، ويغذون أسواقها بالسلع الضرورية، سواء للمواطن أو المجهود العسكري واحتياجات المقاتلين في قطاع غزة.
الصهاينة العرب
يساعدون دولة الاحتلال في احتواء أزمة غلاء الأسعار وكبح موجة تضخم داخل الأسواق الإسرائيلية، وسد العجز الحالي الحاصل في السلع
ويساعدون دولة الاحتلال في احتواء أزمة غلاء الأسعار وكبح موجة تضخم داخل الأسواق الإسرائيلية، وسد العجز الحالي الحاصل في السلع داخل الأسواق والناتج، إما بسبب استدعاء 360 ألف مدني إسرائيلي وإلحاقهم كجنود احتياط في جيش الاحتلال، أو بسبب استهداف جماعة الحوثي اليمنية السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ إسرائيل، وهو ما أثر سلباً على واردات دولة الاحتلال، خاصة من أسواق جنوب آسيا والشرق الأقصى.
كذلك يمارس هؤلاء التجار سياسة الخداع على المستهلك العربي والغربي عبر طمس العلامات التجارية لمنتجات وسلع شركات إسرائيل والمستوطنات المحتلة، وتغيير دولة المنشأ بهدف ترويجها في الأسواق المحلية وحتى لا تجد مقاومة من قبل الرافضين للتطبيع.
أو إعادة تصدير المنتجات الإسرائيلية عبر "اتفاقية الكويز" والتي تسمح مثلا بتصدير منتجات من مصر والأردن إلى الولايات المتحدة بلا جمارك ودون حصص محددة بشرط وجود مكونات ومدخلات من إسرائيل في هذه المنتجات وإنتاجها في المناطق الصناعية المعينة تصل نسبتها لنحو 17%.
هؤلاء الصهاينة من التجار العرب تحركهم المصالح المادية والصفقات وأحيانا محاولة القرب من دوائر صنع القرار في تل أبيب، وللأسف لم يحركهم قتل جيش الاحتلال آلاف الأطفال والنساء في غزة، وممارسة جرائم الإبادة الجماعية.
هؤلاء لم تصدم جرائمهم وممارساتهم القبيحة فقط الرأي العام العربي والعالمي الغاضب من جرائم الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، بل وضعوا دوائر صناعة القرار في بلادهم أمام حرج شديد، واستفزوا وزراء وكبار مسؤولين في دول تقيم علاقات اقتصادية وسياسية قوية مع دولة الاحتلال، ولديها معاهدات سلام واتفاقات اقتصادية منذ نحو 30 عاما كما هو الحال مع الأردن.
الصهاينة العرب من التجار لا يخجلون من أنفسهم، ولا يستحون على حالهم، إلا إذا شعروا بتهديد حقيقي من قبل المستهلكين لسلعهم ومنتجهاتهم في الأسواق المحلية قبل الإسرائيلية
فقبل أيام، خرج علينا وزير الزراعة الأردني، خالد حنيفات، بتصريح لافت تعليقاً على الحملة الشعبية الشرسة ضد تصدير سلع أردنية للأسواق الإسرائيلية قائلاً: "لا توجد آلية قانونية تمنع تجار الخضار من التصدير إلى إسرائيل؛ لكن نقول لهم في ظل هذه الظروف: "استحوا على حالكم".
ينطبق لفظ الصهاينة العرب على السماسرة والوسطاء وأصحاب العقود والصفقات الخبيثة والمتورطين في أنشطة تصدير السلع والمنتجات العربية والعالمية للأسواق الإسرائيلية، ومساعدة حكومة الاحتلال في الخروج من الأزمة الذي تعاني منها تلك الأسواق حالياً واضطراب سلاسل التوريد وتراجع إنتاج قطاعات حيوية مثل الزراعة خاصة في المستوطنات وغلاف غزة
بل وتحول هؤلاء السماسرة العرب إلى "ترانزيت" للسلع الإسرائيلية للبحث لها عن موطئ قدم داخل موانئ حيفا وإيلات وأشدود متجهة بعدها لأسواق العالم، بعد أن أصابت تلك السلع لعنة المقاطعة الواسعة حتى من قبل مواطنين غربيين هزتهم جرائم الإبادة التي يمارسها جيش الاحتلال في غزة.
ويبدو أن الصهاينة العرب من التجار وقناصي الصفقات لا يخجلون من أنفسهم، ولا يستحون على حالهم، إلا إذا شعروا بتهديد حقيقي من قبل المستهلكين لسلعهم ومنتجهاتهم في الأسواق المحلية قبل الإسرائيلية.
الصهاينة العرب، ومعهم المطبعون، مصطلح كبير يبدأ من دوائر صناعة القرار، ويمتد لقطاعات حيوية ومؤثرة داخل دول المنطقة، مثل الاقتصاد والثقافة والفن والدراما والإعلام والأدب والرياضة وغيرها. والمطلوب هو فضح هؤلاء وكشف الجرائم التي يمارسونها بحق القضية الفلسطينية وأمتنا وتاريخنا وثقافتنا ودمائنا التي لم تجف بعد في الأراضي المحتلة.
المتصهينون والمطبعون العرب خطر شديد فاجتنبوه، وقبلها افضحوه.