تراجع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن قرار وقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ عمليات الاستيراد، وقصر العمل على الاعتمادات المستندية فقط، بغرض السيطرة على سعر الدولار في السوق بتحجيم عمليات الاستيراد، وذلك نتيجة تعرض المصانع المحلية للخسائر بسبب عدم توفر مستلزمات الإنتاج، وزيادة الأسعار بسبب نقص المعروض من السلع.
وفي اجتماع له مع محافظ البنك المركزي طارق عامر، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، والمجموعة الوزارية الاقتصادية، لمتابعة إجراءات التعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على مصر، الثلاثاء، وجه السيسي باستثناء مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الإجراءات التي تم تطبيقها مؤخراً على عملية الاستيراد، والعودة إلى النظام القديم من خلال مستندات التحصيل.
كما وجه بتشكيل مجموعة عمل برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية محافظ البنك المركزي، ووزير المالية محمد معيط، ووزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، وجهات الاختصاص الأخرى في الدولة، للمتابعة الدورية والتقييم لمنظومة إجراءات الاستيراد، ومدى تلبيتها لاحتياجات عملية الإنتاج.
ووفقاً لبيان صادر عن الرئاسة المصرية، استعرض محافظ البنك المركزي مجمل الوضع النقدي الراهن للدولة، ومدى قدرة الاقتصاد المصري على استيعاب التداعيات العالمية الحادة من جراء الأزمة الروسية الأوكرانية، وما استتبعها من تغييرات في السياسات النقدية العالمية.
وادعى عامر أن بلاده تمكنت من الحفاظ على المسار المالي والاقتصادي الآمن، والوضع النقدي المتزن، وكذلك استقرار احتياطات النقد الأجنبي بعد وفاء الدولة بجميع الالتزامات الدولية، متطرقاً إلى تطور أداء ميزان المدفوعات خلال عام 2021، والمؤشرات الأولية خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار 2022، والتي شهدت ارتفاعات في حصيلة المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، وزيادة كميات التصدير بفتح أسواق جديدة.
ونقل البيان عن عامر قوله إن حصيلة المنتجات غير البترولية ارتفعت كذلك، علاوة على الزيادة في إيرادات السياحة (مقارنة بفترة أزمة فيروس كورونا)، وعائدات قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
بدوره، تناول رئيس الوزراء جهود المجموعة الاقتصادية، وأجهزة الحكومة، للتعامل مع التداعيات والتطورات الاقتصادية العالمية، من خلال عدة مسارات رئيسية تهدف إلى تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوفير المزيد من النقد الأجنبي، إلى جانب خفض نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتحسين مناخ الاستثمار.
كما أشار إلى استهداف الحكومة تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية للمواطنين، وتقديم حزم تحفيزية للقطاعات ذات الأولوية، والتي تتمتع بقدرة على نمو العمالة، وتوفير فرص العمل، ووجود طلب عالمي على نشاطها، وفق البيان.
وفي 16 فبراير/ شباط الماضي، قرر البنك المركزي المصري استثناء الأدوية وبعض السلع الغذائية من قرار وقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ عمليات الاستيراد، وفي مقدمتها الشاي، واللحوم، والدواجن، والأسماك، والقمح، والزيت، والزبدة، ولبن البودرة، ولبن الأطفال، والفول، والعدس، والذرة.
وكان عدد من نواب البرلمان قد تقدموا بطلبات إحاطة إلى رئيس الوزراء، لمطالبته بـ"التدخل لدى البنك المركزي للتراجع عن وقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ عمليات الاستيراد"، باعتبار أن القرار "يعرض أصحاب المصانع لخسائر فادحة لعدم توفر المواد الخام اللازمة للتصنيع، والتي يتم استيرادها من الخارج".
واستهدف البنك المركزي من وراء القرار تحجيم عمليات الاستيراد، لتخفيف الضغط على الدولار في البنوك، وتقليل الفجوة في الميزان التجاري للبلاد، لا سيما في أعقاب قرار البنك خفض قيمة الجنيه بنحو 18% أمام العملات الأجنبية في مارس/ آذار الماضي، وهي نسبة مرشحة للزيادة عقب اجتماعه المقرر في 19 مايو/ أيار الجاري، بشأن رفع سعر الفائدة مجدداً بنسبة تتراوح ما بين 1% و2% للإيداع والإقراض.