في تراجع جديد عن تطبيق التعديلات الجديدة على قانون الشهر العقاري، خشية الاضطراب الاجتماعي واتساع المعارضة لسياسات النظام الحاكم، أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أنه وجه الحكومة بإرجاء نفاذ قانون التسجيل العقاري لمدة عامين على الأقل، وذلك بعدما كانت اللجنة التشريعية بمجلس النواب قد أقرت ظهر اليوم تأجيل التطبيق إلى نهاية العام الجاري.
وجاء ذلك في اجتماع عقده السيسي مع مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمستشار عمر مروان وزير العدل. وقال بيان للرئاسة إن السيسي وجه بفترة انتقالية لا تقل عن عامين بهدف إتاحة الفرصة والوقت لإجراء حوار مجتمعي، مع قيام الحكومة بإعداد مشروع قانون يحقق ذلك التأجيل.
كما وجه السيسي بأن يتم خلال تلك الفترة الانتقالية تحصيل قيمة ثابتة مقطوعة مخفضة وواضحة عند تسجيل الأملاك، حسب مساحة ونوع الملكية، وذلك بدلاً من الضريبة المفروضة في هذا الصدد على التصرفات العقارية.
وسبق وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" الخميس الماضي إنه بعدما كانت التعليمات الواردة من دائرة السيسي تركز على ضرورة إلزام المواطنين بالتحرك لتسجيل ممتلكاتهم العقارية الشهر المقبل بحجة تنفيذ التعديلات التشريعية الجديدة، تغيرت التعليمات للوزراء والمسؤولين في الساعات الأخيرة عقب اجتماع عقده رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مع لجنة تضم ممثلين للأجهزة والوزارات المعنية ومنها المخابرات العامة والأمن الوطني والمالية والعدل، بغية تغيير الخطاب الصاخب الداعي لتسجيل الممتلكات لتخفيف وقعه على المواطنين، والتأكيد على كون التسجيل اختياريا "ويهدف للمحافظة على ملكياتهم وحقوقهم".
وأضافت المصادر أن هناك دوائر وشخصيات داخل المخابرات العامة والأمن الوطني تخشى إحداث هزة في الشارع، وانخفاض حاد في شعبية النظام بمناسبة زيادة الالتزامات الضريبية وتعقيد إجراءات تسجيل العقارات على جموع المشترين وكذلك البائعين، تروج حاليا في الاجتماعات الحكومية لاتخاذ إجراءات تسهيلية تتعلق تحديدا بضريبة التصرفات العقارية التي أصبحت إلزامية لشهر العقارات وتسجيلها منذ يوليو/تموز 2018، لكنها لم تكن معروفة بالنسبة لجموع المواطنين بسبب عدم التزام الوحدات المحلية بضرورة سدادها لمد المرافق ونقل تبعيتها من البائع والمشتري.
وأوضحت المصادر أن هذه الدعوات من داخل النظام لتسهيل الإجراءات، وإن كانت تهدف في الأساس لتقليل الحنق العام على النظام، إلا أنها أيضا تخدم أغراض ملاك العقارات والمقاولين من الفئات المتوسطة الذين لا يملكون رخصا للاستثمار العقاري والتجاري، ومن ثم يكونون خاضعين لسداد ضريبة التصرفات العقارية، وليس ضريبة الأرباح الصناعية والتجارية التي تطبق على المقاولين الكبار من أصحاب المشروعات السكنية الضخمة.
وهذا ما يناقض مساعي وزير المالية الذي يرغب في إخضاع هذه الفئة تحديدا للضريبة، بسبب تهرب نسبة لا تقل عن تسعين بالمائة من بائعي العقارات في مصر من دفع تلك الضريبة أو تحميلها للمشترين، ومن ثم تعجز الوزارة عن التحصيل من جهة وعن تحديد أصولهم العقارية من جهة أخرى.