انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شكاوى المواطنين المتكررة من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، قائلاً: "الأكل غالي صحيح، لكن إحنا منبني دولة"، مشيرًا إلى أنهم يعملون على "كورنيش داخل البحر (المتوسط) في الإسكندرية طوله 8 كيلومترات"، وأن "حجم العمل الذي تحتاجه مصر يحتاج إلى عشرات السنين بلا كلل أو ملل، ووزير المالية دائماً يقول لي: لا توجد أموال لذلك".
وأضاف السيسي، في كلمته بالمؤتمر الوطني للشباب بمحافظة الإسكندرية، اليوم الأربعاء: "أعرف جيداً مدى ارتفاع أسعار الأكل (الغذاء)، بس إحنا بنحاول بناء الدولة، ومعالجة تاريخ طويل من التراكمات".
وواصل "أوعوا تزعلوا (لا تغضبوا) من اللي هاقوله: نأكل، ولا اعمل طريق زي محور المحمودية، وتبقى الدنيا صعبة شوية؟ نأكل، ولا أسيب الناس مرمية في الشوارع، ونائمة في الصفيح؟ لا، أشيل الناس من الشارع، وأسكنهم في بشاير الخير (مساكن لنقل سكان المناطق العشوائية)، والدنيا تبقى غالية شوية"، على حسب تعبيره.
وزاد: "عندما نفذت الدولة المشروع القومي محور المحمودية بطول 20 كيلومتراً، كل الناس كانوا يشككون في جدوى المشروع على مواقع التواصل، وفي الصحف كذلك، بل أن البعض كان يقول إن الدولة تزيل المساجد لإنشاء المحور، والذي من المستهدف أن يمتد لمسافة 55 كيلومتراً وصولاً إلى محافظة البحيرة. ويقول لك أصل دي بلد بتحب الطرق، صدقوني في تخطيط يقوم به أساتذة جامعات للمشاريع في الوزارات المعنية".
وأضاف: "ميناء أبو قير الجديد في الإسكندرية سيضم أكثر من 10 كيلومترات أرصفة، منها رصيف على عمق 22 متراً، وهو رصيف لا يوجد مثله في العالم إلا في إسبانيا. ونعمل على بناء 7 ملايين متر داخل البحر بعد ردمه، يعني سأنشئ كورنيشاً داخل البحر المتوسط يعادل نصف مسافة كورنيش مدينة الإسكندرية".
وختم السيسي بقوله: "مصر فيها من 300 إلى 400 ألف وحدة سكنية غير صالحة للاستخدام، والإسكان البديل لإجمالي 300 ألف وحدة سيكلف الدولة نحو 150 مليار جنيه (4.84 مليارات دولار). ونعمل حالياً على ردم ألف فدان فى منطقة العامرية بالإسكندرية، وإنشاء طريق جديد لربطه بطريق القاهرة الصحراوي ضمن مخطط التطوير".
مسيطرون على الأمور
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، وفي مستهل زيارته إلى قرية "الأبعادية" في محافظة البحيرة، بعد افتتاح بعض المشروعات بها ضمن مبادرة "حياة كريمة" لتطوير الريف، قال السيسي مخاطباً مجموعة من الحضور، خلال زيارته للقرية: "اطمئنوا، نحن مسيطرون على الأمور".
وأضاف أن "كل أزمة لها بداية ونهاية، وكنت منتبهاً في مسيرة عمري للأزمات، وأيقنت أنها جميعاً تنتهي في نهاية المطاف. قلت سابقاً إننا لا نستطيع فعل شيء وحدنا، لا حكومة ولا رئيس ولا مؤسسات دولة، ولكن نستطيع فقط بالتكاتف مع بعضنا البعض".
وأكد أن "التحديات الراهنة في مصر كثيرة جداً، ومنها أزمة (نقص) الدولار. وعلى سبيل المثال، مبادرة تطوير الريف كان مخصصاً لها في البداية ما بين 200 و250 مليار جنيه، ولكن هذا المبلغ ارتفع إلى 350 مليار جنيه للمرحلة الأولى من المبادرة، أي أن اكتمال المرحلتين الثانية والثالثة لها يعني إنفاق أكثر من تريليون جنيه (نحو 32 مليار دولار)".
وتابع السيسي: "نعاني من تبعات أزمة الزيادة السكانية الضاغطة علينا، فعدد السكان كان لا يزيد على 20 مليوناً في عام 1952، ثم تضاعف إلى نحو 40 مليوناً في 1982، ثم إلى 80 مليوناً تقريباً في 2011. والآن عدد السكان وصل 105 ملايين نسمة، يضاف إليهم 9 ملايين آخرين من الجنسيات الأخرى المتواجدة في الداخل".
وأكمل: "نحن نحاول بجهدكم ودعمكم، وقبل ذلك بدعواتكم. مصر تعيش في أزمة حقيقية منذ جائحة كورونا قبل ثلاث سنوات، والتي كان لها تأثيرات قوية على الاقتصاد في مصر والعالم. بعدها جاءت الأزمة (الحرب) الروسية في أوكرانيا، وكان لها تأثيراً كبيراً علينا أيضاً، وعلى الاقتصاد العالمي بأسره".
وزاد الرئيس المصري: "أبطأنا معدل تنفيذ بعض المشروعات، والأسعار ارتفعت كثيراً، ولكنني أريد القول إن عدد السكان زاد بنحو ستة ملايين نسمة في هذه السنوات الثلاث. لا زلنا نحاول تخفيف حدة آثار الأزمة المستمرة منذ عام 2020، علماً بأنها خلفت تداعيات كبيرة على دول اقتصادها أقوى من مصر، وأغنى منها".
وكان الجنيه المصري قد شهد مزيداً من الهبوط بالأسواق المحلية، مدفوعاً بندرة العملة الصعبة في البنوك، وتراجع قيمة الأسهم والسندات المصرية في الأسواق الدولية، مع تضخم فواتير مستحقة على الخزانة العامة، لم تستطع الحكومة تدبير أقساطها.
وتعيش مصر أزمة اقتصادية صعبة، بعدما ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه في العقود الآجلة إلى نحو 45.90 جنيهاً، وبلغ 43 جنيهاً في سوق الذهب، و41.50 جنيهاً للبيع، و40 جنيهاً للشراء في السوق السوداء، بينما يستقر للشهر الثاني على التوالي عند 30.95 جنيهاً في السوق الرسمية.
(الدولار = 30.95 جنيهاً)