وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي التحية "لكل المصريين الذين يثبتون كل يوم أنهم أبناء حضارة عريقة، وأمة فاضلة، ووطن قوي"، قائلاً خلال افتتاحه بعض المشروعات في محافظة بني سويف، السبت: "أقدر حجم المعاناة التي تواجهها الأسرة المصرية في مجابهة الأعباء المعيشية الناجمة عن الآثار الاقتصادية، والأزمة المركبة التي خلفتها جائحة كورونا، وضاعفتها الحرب الروسية الأوكرانية"، على حد زعمه.
وتابع: "لم ندخر جهداً لاحتواء الآثار السلبية، بما نملك من قدرات وإمكانيات. ولولا الاستعداد المسبق لهذه الأزمة بإجراءات اقتصادية فعالة، وإدارة علمية دقيقة، لكانت آثارها مضاعفة"، مدعياً أن "الحكومة نجحت في التعامل مع الأزمة الاقتصادية، وتجاوز مراحلها الحرجة، من دون أن تتوقف حركة البناء والتنمية في الدولة".
وأردف السيسي: "لست ببعيد عن أحوال الناس، وأقدر ظروفهم، ولو أن هناك فرصة أفضل من ذلك (لتحسين أوضاعهم) لن نتأخر في تنفيذها، لأن هذه الأموال ليست من جيوبنا"، حسب تعبيره.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن السيسي عن زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في الدولة من 3500 جنيه إلى 4 آلاف جنيه (129 دولاراً) شهرياً، ورفع علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية لموظفي الحكومة من 300 إلى 600 جنيه، ومضاعفة المنح الاستثنائية لأصحاب المعاشات إلى 600 جنيه، والتوسع في قاعدة المستفيدين من برنامج الدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة" المخصص للفقراء حتى 5 ملايين أسرة.
تراجع الجنيه
وتراجعت القيمة الشرائية للجنيه المصري بصورة غير مسبوقة بفعل آثار التضخم، وموجات الغلاء التي لم تتوقف منذ تحرير سعر صرف العملة لأول مرة عام 2016، ثم لثلاث مرات متتالية في الفترة من مارس/آذار 2022 إلى يناير/كانون الثاني 2023.
وخلال فترة حكم السيسي الممتدة منذ 9 سنوات، عانى المصريون من زيادات كبيرة في قيمة الفواتير الشهرية لاستهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي ومياه الشرب، تراوحت نسبتها ما بين 860% و2400%، مقارنة مع أسعارها قبل توليه السلطة في 2014.
كما سجلت أسعار الوقود معدلات زيادة متسارعة بالتوازي مع رحلة انهيار الجنيه، حيث ارتفع سعر السولار (الديزل) المستخدم في النقل الثقيل، وسيارات النقل الجماعي، وأعمال البناء والزراعة، من 1.1 جنيه إلى 8.25 جنيهات للتر بزيادة 650%، وبنزين (80 أوكتان) المعروف بـ"بنزين الفقراء"، من 0.9 جنيه إلى 8.75 جنيهات بزيادة 872%، وبنزين (92 أوكتان) من 1.85 جنيه إلى 10.25 جنيهات بزيادة 454%.
وطالب السيسي الحضور بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح المصريين الذين فقدوا في ليبيا جراء الإعصار والفيضانات، قائلاً: "لا تنسوا أنني إنسان مصري بسيط، عشت عمري كله مثلكم، ثم أراد الله أن أكون في هذا المكان (الرئاسة). وأقدر موقف المصريين من التحديات والصعوبات، وأعرف جيداً أن الظروف صعبة، والناس مستحملة وساكتة (صامتة)".
وأضاف: "نحن لا نترك شيئاً لا نستطيع فعله، ونبذل جهداً كبيراً للغاية لإدخال مساحات جديدة من الأراضي الزراعية في أقرب فرصة. ولا شك أن الظروف صعبة جداً في الأربع سنوات الأخيرة، حيث تأثر العالم كله اقتصادياً، ولا تزال أزمة مثل حرب أوكرانيا مستمرة حتى الآن".
أزمة القمح والكهرباء
وقال السيسي: "نحن نستورد كميات كبيرة من القمح والذرة وزيت الطعام، وارتفاع أسعارهم عالمياً كان له تأثير كبير علينا كدولة، ولذلك حاولنا ألا تنعكس هذه الأسعار بقوة على الناس في مصر. ونحن هنا نتحدث عن استيراد 10 ملايين طن من القمح، ولو الطن الواحد زاد بنحو 100 دولار، فهذا معناه تدبير مبالغ كبيرة حتى نوفر الخبز المدعم من دون زيادة".
وواصل بقوله: "نحن نستورد السلع من الخارج بالدولار، ونوفرها للمواطن في مصر بالجنيه، وهذا لا ينطبق على المواد الغذائية فقط، وإنما على كل السلع والمستلزمات المهمة. كل دولار يزيد في سعر برميل النفط تكلفته على الموازنة المصرية بمليارات الجنيهات سنوياً".
وتطرق السيسي إلى أزمة انقطاع الكهرباء يومياً منذ أكثر من شهرين، بالقول: "بمنتهى الصراحة، نحن لدينا محطات كهرباء تستطيع إنتاج كميات الكهرباء التي نحتاج إليها وأكثر، ولكننا مرتبطين بموازنة تقضي بتوفير الوقود بنحو 65 دولاراً للبرميل، وكلما زاد السعر إلى 70 و80 و90 دولاراً تنعكس هذه الأزمة على قطاعات عديدة، ومن بينها الكهرباء".
وأتم: "من فضل ربنا أن مصر تنتج غازاً طبيعياً، فلولا ذلك لكانت مشكلة الكهرباء كبيرة جداً. ويوجد في مصر نحو 10 ملايين سيارة، ومطلوب مننا كحكومة أن نوفر للمواطن كل احتياجاته. وعددنا الآن وصل 110 ملايين نسمة، بالإضافة إلى 10 ملايين شخص من الضيوف (الوافدين)، وعلى المستوى الشخصي أشعر أن الله تعالى سترها علينا"، وفق قوله.
وختم السيسي مخاطباً المصريين: "أرجو أنكم تقبلوا شرحي للظروف، وأشكركم على الصبر والتحمل، وأقول يا رب أعنا جميعاً. نحن لا نفعل أشياءً سيئة بمصر في كل قراراتها وسياساتها، ولا نؤذي أحداً كذلك، ونحاول أن نعمل خيراً في كل شيء. وشكراً جزيلاً".