تكتسح السيارات الكهربائية أسواق الاستهلاك، مستقطبة مزيداً من اهتمام الزبائن بشرائها، أكان لأسباب اقتصادية لتجنب أسعار المحروقات الآيلة إلى الارتفاع، أو بسبب مخاوف بيئية يستشعرونها يتصدرها التلوث واحترار كوكب الأرض.
ولا يقتصر اتساع نطاق الاهتمام بهذه التكنولوجيا على المستهلكين، بل يفرض نفسه بقوة في ميزانيات شركات السيارات حول العالم.
الإقبال على هذه السيارات يفاجئ أحياناً صانعيها أنفسهم، ومن بينهم الأميركية "تسلا" Tesla التي أعلنت قبل أيام أنها سلمت 24130 سيارة كهربائية خلال الربع الثالث من عام 2021، وأنتجت نحو 237823 سيارة في الفترة المنتهية في 30 سبتمبر/ أيلول المنصرم، وهو ما تجاوز توقعاتها على هذا الصعيد.
وبرز في هذا المجال تصريح لقطب صناعة السيارات الفارّ من اليابان، اللبناني الأصل، كارلوس غصن، الذي أبدى في مقابلة تلفزيونية تفاؤله "للغاية بشأن تحوّل بعض الشركات الناشئة نحو السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة"، معتقداً أن شركات صناعة السيارات الألمانية هي الأكثر قدرة على تحدي هيمنة "تسلا" الرائدة في هذا القطاع، وقال إن "الألمان هم أول من تحرك سريعاً نحو السيارات الكهربائية، بعد انتقادات لهذه الصناعة والسخرية منها في عام 2008".
وجاءت تصريحات غصن في وقت اتجهت "فولكسفاغن" Volkswagen بقوة باتجاه توسيع مبيعاتها الكهربائية عالمياً، وهي تتوقع أن تصبح أكثر من 70% من مبيعات علامتها التجارية في أوروبا سيارات كهربائية بحلول عام 2030، مقابل نصف مبيعاتها في الصين والولايات المتحدة.
ويصب في سياق المنافسة المحتدمة في هذه السوق إعلان "فورد" Ford الأميركية استثمار 11.4 مليار دولار لتسريع خط إنتاج السيارات الكهربائية كجزء من تجنب استخدام الوقود الأحفوري الضار بالمناخ، متوقعة أن تصل نسبة سياراتها الكهربائية في جميع أنحاء العالم إلى نحو 40% أو 50% بحلول عام 2030.
وقررت الشركة أن تبني مع شريكتها الكورية الجنوبية "إس.كيه إنوفايشن" SK Innovation مصنعي بطاريات ليثيوم أيون في ولاية كنتاكي، ومدينة صناعية غرب تينيسي باسم "بلو أوفال سيتي" Blue Oval City على مساحة 3600 فدان، وتغطي نحو 6 أميال مربعة، على أن تبني مصنعاً آخر للبطاريات بالتعاون مع "إس.كيه"، إلى جانب منطقة تخزين المركبات ومركز إعادة التدوير ومصنع تجميع كهربائي جديد F-150 لشاحنات من طراز F-Series الكهربائية.
وستستثمر "فورد" 7 مليارات دولار، وهي جزء من استثمار كلي قيمته 30 مليار دولار، على أن تؤمّن "إس.كيه" بقية المبلغ.
وقبل أيام نشرت "سوبارو" Subaru اليابانية مقطعاً مصوراً تشويقياً لأولى سياراتها الكهربائية الكروس أوفر "سولتيرا" Solterra، وهي بمثابة نسخة معدلة قليلاً من سيارة "تويوتا" القادمة "بي زد 4 إكس" bZ4X الكهربائية.
ويُظهر الفيديو شكل داخلية السيارة مزودة بشاشة كبيرة في وسطها، فيما أبقت طي الكتمان بقية التفاصيل، لا سيما تلك المتعلقة بسعة البطارية والإمكانات وسعرها وموعد طرحها في صالات العرض بالأسواق الاستهلاكية.
هذا مع الإشارة إلى أن كلتا السيارتين تُعد نتاج ثمرة تعاون بين شركتي "تويوتا" Toyota و"سوبارو" على منصة المركبات الكهربائية "e-TNGA" المعلن عنها في عام 2019.
وكان لافتاً في هذا السياق إعلان "هيونداي موتور" Hyundai Motor الكورية الجنوبية استحواذها على نصف سوق السيارات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود FCEV خلال الفترة منذ بداية العام الحالي حتى نهاية أغسطس/ آب المنصرم، حيث باعت الشركة المصنعة لسيارة "نيكسو" Nexo الرياضية متعددة الاستخدامات نحو 5900 وحدة في الفترة من يناير/ كانون الثاني حتى أغسطس/ آب، ارتفاعاً نسبته 43.5% مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، وفقاً لبيانات "إس.إن.إي" SNE البحثية.
"كهربائية" بخلايا الوقود
واستحوذت هيونداي على 52.2% من المبيعات العالمية سوق السيارات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود خلال الفترة المذكورة، متجاوزة بكثير منافستها "تويوتا" التي استحوذت على 39.2%، علماً أن "هيونداي" تراجعت لفترة وجيزة إلى المركز الثاني في سوق السيارات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود بعد "تويوتا" في الربع الأول، لكنها استعادت ريادتها في النصف الأول بفضل المبيعات القوية لطراز "نيكسو 2021"، الذي أبصر النور في يناير/ كانون الثاني الماضي، بينما جاءت اليابانية "هوندا" Honda في المركز الثالث بحصة ضئيلة بلغت 1.6%، خلال الفترة المذكورة.
والمقصود بالسيارات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود تلك المركبات الصديقة للبيئة التي لا ينبعث منها سوى بخار الماء الناتج من تحوّل الهيدروجين المخزّن في الخلايا إلى طاقة كهربائية قادرة على تشغيل المحرّك.
ونظراً لكون هذه السوق لا تزال في بدايتها وافتقارها بالتالي إلى النماذج التنافسية والبنية التحتية لعملية الشحن، يتوقع مراقبو السوق استعار المنافسة بين "هيونداي" و"تويوتا" اللتين تمثل حصتهما السوقية مجتمعة 90% في السوق، في ظاهرة عقّبت عليها "إس.إن.إي" بالقول: "تواصل هيونداي ريادتها للسوق هذا العام، لكن موقعها المهيمن يتقلص بسبب صعود شركة تويوتا"، مسدية نصيحة لـ"هيونداي" بأن "تكثّف أنشطة البحث والتطوير لإعادة تنظيم استراتيجيتها السوقية".