السياحة الخليجية إلى تركيا تتراجع... تعرف على الأسباب

16 سبتمبر 2024
السياحة التركية تعاني من تراجع كبير (اوزجي ايليف/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تراجع أعداد السياح الخليجيين وتأثيره الاقتصادي**: شهدت تركيا انخفاضاً في أعداد السياح الخليجيين في 2024، مما يعزز اقتصادات دول مجلس التعاون ويزيد فرص العمل المحلية.

- **الأسباب الاقتصادية والأمنية**: ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، الحوادث العنصرية، التوترات السياسية، وتقلبات سعر صرف الليرة التركية ساهمت في تراجع السياحة الخليجية.

- **التحولات السياحية والعلاقات الاقتصادية**: تحول السياح الخليجيين نحو أوروبا وشرق آسيا، وتعزيز السياحة الداخلية في الخليج، قد يؤثر على العلاقات الاقتصادية بين تركيا ودول الخليج.

 

شهدت أعداد السياح الخليجيين إلى تركيا تراجعاً ملحوظاً في عام 2024، إذ سجلت انخفاضات كبيرة في عدد الزوار من مختلف دول مجلس التعاون، بحسب بيانات تركية رسمية، ما يؤشر إلى انعكاسات محلية على اقتصادات دول الخليج، التي يتزايد تفضيل مواطنيها للسياحة في دول المجلس.
فعلى سبيل المثال، تراجع عدد السياح الكويتيين بنسبة 38%، بينما انخفض عدد السياح الإماراتيين بنسبة 46%، والسعوديين بنسبة 9.9% في الفترة من يوليو/ تموز 2023 إلى يوليو 2024، بحسب "بلومبيرغ" نقلاً عن وزارة السياحة التركية.

وعلى الرغم من استمرار تركيا في جذب ملايين السياح من دول أخرى مثل روسيا وألمانيا، قد يؤثر انخفاض السياح العرب، خاصة من دول الخليج، على الاقتصاد التركي، خصوصاً في المدن التي كانت تعتمد كثيراً على السياحة الخليجية مثل إسطنبول وبورصة، بحسب إفادة خبيرين لـ "العربي الجديد".

وارتفعت إيرادات قطاع السياحة في تركيا لتسجل 8 مليارات و784 مليونا و800 ألف دولار خلال الربع الأول من العام الجاري. وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية، أن إيرادات السياحة ارتفعت بنسبة 5.4 بالمئة خلال الربع الأول من 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
 

التضخم والفائدة

يؤكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن التراجع الكبير في أعداد السياح الخليجيين إلى تركيا يعود إلى مجموعة من الأسباب على رأسها الأوضاع الاقتصادية في تركيا، حيث ارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية وصلت في بعض الفترات إلى 80%، وهي الآن مستقرة تحت 60%.

فارتفاع أسعار الفائدة في تركيا أسهم في زيادة تكاليف السفر والإقامة، مما جعل السياحة إلى تركيا مكلفة للغاية للسياح الخليجيين، الأمر الذي دفعهم إلى البحث عن وجهات بديلة مثل اليونان، بحسب عايش.
وإلى جانب الأسباب الاقتصادية، يلفت عايش إلى تزايد الحوادث العنصرية ومحاولات الاحتيال التي تعرض لها بعض السياح الخليجيين والعرب في تركيا، مؤكداً أن هذه الممارسات ولّدت شعوراً بالتهديد وعدم الأمان الشخصي، مما دفع العديد من السياح إلى تقليل رحلاتهم إلى تركيا.
وعلى التوازي، ينوه عايش إلى أن السياحة في دول الخليج تشهد تحولاً نحو السياحة الداخلية، وتسعى إلى جذب إنفاق مواطنيها في الداخل، مما يزيد من فرص العمل المحلية ويعزز الاقتصاد، مع توجه الحكومات الخليجية إلى تطوير قطاع السياحة، معتبراً أن مشاريع ضخمة مثل "رؤية 2030" في السعودية والمشاريع السياحية في الإمارات وقطر من شأنها أن تسهم في جعل دول الخليج وجهة سياحية جذابة.
ويخلص عايش إلى أن التحولات الاقتصادية والسياسية بين دول الخليج وتركيا، إضافة إلى التوجه نحو السياحة الداخلية، ستؤثر على مستقبل السياحة الخليجية في تركيا، وهذه التحولات من شأنها أن تسهم في تعزيز الاقتصاد الخليجي من خلال توفير العملات الأجنبية وزيادة فرص العمل.

الاضطرابات الأمنية

في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، في تصريحات لـ "العربي الجديد" إلى أن تراجع أعداد السياح الخليجيين إلى تركيا يعود إلى عدة عوامل رئيسية، في مقدمتها التوترات السياسية التي شهدتها العلاقات بين بعض دول الخليج وتركيا في السنوات الأخيرة، والتي أسهمت إسهاماً مباشراً في تقليل رغبة السياح الخليجيين في زيارة تركيا، حيث أثر المناخ السياسي على قرارات السفر لدى المواطنين الخليجيين.
كما أن التقلبات في سعر صرف العملة التركية (الليرة) وعدم استقرار الاقتصاد التركي لعبا دوراً في تردد السياح الخليجيين في إنفاق أموالهم هناك، بحسب العامري، موضحاً أن انخفاض قيمة العملة قد يجعل تركيا وجهة أرخص للسفر إلا أن عدم الاستقرار الاقتصادي بوجه عام يثير مخاوف لدى العديد من السياح.

كما أن القلق من الاضطرابات الأمنية وأحداث الإرهاب في بعض المناطق التركية ساهم في دفع السياح الخليجيين للبحث عن وجهات أكثر أماناً واستقراراً، بحسب ما يرى العامري، لافتاً إلى أن التغيرات في اهتمامات السياح الخليجيين وأذواقهم قد تكون عاملاً آخر وراء تراجع أعدادهم في تركيا، حيث أصبحوا يميلون إلى وجهات بديلة، مثل دول أوروبا وشرق آسيا، التي تقدم خيارات سياحية أكثر جاذبية لهم.
وبحسب العامري فإن هذا التحول في الأذواق قد يؤثر أيضاً على قرارات الخليجيين السياحية في المستقبل، بخاصة أن بعضهم سجلوا تعرضهم لمواقف عنصرية أو معاملة غير لائقة في بعض المناطق التركية.

وفي المقابل، يشير العامري إلى أن العنصرية ليست مشكلة عامة في كل أنحاء تركيا، حيث يستمر العديد من السياح الخليجيين في زيارة البلاد ويشعرون بالترحيب في العديد من الوجهات السياحية هناك، ويقترح بعض الحلول لتحسين الوضع السياحي في تركيا، مثل تعزيز الوعي المجتمعي بالتسامح الثقافي، وتنفيذ برامج تدريب للعاملين في قطاع السياحة لتعزيز ثقافة الترحيب، إضافة إلى تفعيل القوانين التي تجرّم التمييز والعنصرية بشكل فعال.

وعلى صعيد تأثير هذه التغيرات على اقتصادات دول الخليج، يوضح العامري أن السفر والسياحة يشكلان جزءاً مهماً من إنفاق المواطنين الخليجيين، وأي تحول في وجهاتهم السياحية يؤثر على ميزانيات الأسر الخليجية.
ويؤكد أن انخفاض التفاعل السياحي بين تركيا ودول الخليج من شأنه التأثير على مجمل العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، بخاصة في المجالات التجارية والاستثمارية المرتبطة بالسياحة.

المساهمون