السويد تستعد لبناء المزيد من المفاعلات النووية على خلفية أزمة الطاقة

11 يناير 2023
هل تمثل الطاقة النووية مخرجاً لأوروبا من أزمة الطاقة؟ (Getty)
+ الخط -

أعلنت استوكهولم اليوم الأربعاء عن مشروع جديد لزيادة الاعتماد على توليد الطاقة من المفاعلات النووية. وبحسب ما صرح اليوم رئيس وزراء ائتلاف يمين الوسط في السويد، أولف كريسترسون، فإن بلاده ستعتمد قوانين جديدة لتطبيق خطة بناء مفاعلات للطاقة النووية وتوليد الكهرباء منها بدءا من مارس/آذار 2024.  

يأتي القرار الجديد ليكسر التوجه السابق لحكومات السويد المتعاقبة في وقف تشغيل بعض مفاعلاتها، وتفكيك أخرى، بناء على ضغوط شكلتها منظمات بيئية منذ بداية التسعينيات، إذ لم يبق من مفاعلات البلاد التي باشرت بناءها منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي سوى ثلاثة نشطة، وهي محطات فورسمارك وأوسكارشامن ورينغهالز.

وشكل المفاعل الكبير، باربسباك، المقابل للدنمارك في شمال مالمو السويدية، أحد أهم سجالات السويديين لتجميد العمل فيه وتفكيك هياكله تماما، وهي عملية مستمرة منذ بداية الألفية الحالية. وبحسب الخطة الجديدة فسيكون لدى السويد 10 مفاعلات، أي بزيادة 7 مفاعلات نشطة عن الوضع الحالي. 

وعلى ما يبدو فإن السويد، التي ظلت لقرنين كاملين تمارس سياسة الحياد في مجال السياسات الخارجية في علاقة الغرب بالكتلة الشرقية سابقا (وروسيا لاحقا) باتت تنتهج سياسات أكثر تقاربا مع الغرب، على المستويات العسكرية والسياسية وسياسات الطاقة.

وبينما أدت الحرب في أوكرانيا، وقطع الغاز الروسي عبر سيل الشمال1و2 (نوردستريم1و2)، إلى عودة أوروبية إلى توسيع الاستقلالية في مجال إنتاج الطاقة، وإلى فكرة تجميد خطط سابقة للتخلص من الطاقة النووية في عدد من دول غرب وشمال أوروبا، تبدو استوكهولم (في ذات السياق الأوروبي) ماضية إلى "بناء المزيد من محطات الطاقة النووية في جميع أنحاء البلاد، وفي أماكن أكثر مما هو متاح اليوم"، وفقا لما قال كريسترسون.

ولا تخفي السويد وعموم مجموعة "دول الشمال" (فنلندا والسويد والدنمارك والنرويج وأيسلندا) الرغبة في "استقلالية عن الطاقة من الخارج"، وهو ما أكدته وزيرة البيئة والمناخ في استوكهولم، رومينا بورمختاري، إذ أعلنت اليوم أيضا أن التشريع الجديد يعني "فتح الطريق لبناء مفاعلات صغيرة في الأماكن التي لا توجد فيها حاليا محطات طاقة نووية". وشددت في الوقت نفسه على أن بلادها "تكيف التشريعات مع تطور التكنولوجيا الجديدة". 

وتعتبر الحكومة السويدية أن خيار الطاقة النووية مفيد على مستوى البيئة، باعتباره يشكل "صفر انبعاثات غازية ضارة بالمناخ"، وفقا للحكومة، وبأن ذلك يعود بالفائدة على قطاع الصناعة في البلد، الذي ينتج صناعات ثقيلة (بما فيها السيارات والطائرات الحربية غريبن).

وتتجاوز حكومة يمين الوسط مشكلة اعتراض اليسار السويدي، وخصوصا حزب "اليسار" و"الخضر"، اللذين اعتبرا أن الخطوة "سياسة رمزية" ولا تأخذ بالاعتبار ضرورة "مساعدة الشعب على تحمل فواتير الطاقة المرتفعة حاليا". 

أما يسار الوسط (الاجتماعي الديمقراطي) الذي خسر في انتخابات أواخر السنة الفائتة فيعتبر أن خيار إنتاج الطاقة من خلال توربينات الرياح البحرية أفضل من بناء مفاعلات نووية، بحسب تعقيب مقرر شؤون الطاقة في البرلمان عن الحزب، فردريك أولوفسون.   

وعلى الرغم من ذلك يبدو أن حكومة يمين الوسط قادرة على تأمين أغلبية مع تصويت المحافظين والليبراليين واليمين القومي المتشدد إلى جانب حزب الاعتدال الذي ينتمي له كريسترسون لتمرير مشاريعها، بالاعتماد على ميل الشارع السويدي إلى التسامح أكثر مع الطاقة النووية، بالأخص بعد اقتراب أزمة الطاقة من عامها الأول إثر الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط العام الماضي. وذلك يعني ببساطة تغيرا جذريا عن الاستفتاء الذي أجري في البلاد عام 1980، ووافق فيه أغلبية الناخبين على أن بلادهم يجب أن تتخلص تدريجيا من محطات الطاقة النووية.  

وفي الجارة المقابلة، الدنمارك، تتزايد المطالب بالتحول نحو الطاقة النووية بدل الاعتماد على الوقود الأحفوري، رغم أن البلد يستند بصورة كبيرة إلى توليد الكهرباء من توربينات الرياح، تحت مسمى "الطاقة النظيفة والمتجددة"، ويعد رائدا في صناعة التوربينات من خلال شركة "فيستاس" الدنماركية. 

المساهمون