لم يجد بيع المصرف المركزي التركي نحو مليار دولار بالأسواق نفعاً، إذ سجل سعر العملة المحلية، اليوم الخميس، 13.5 ليرة أمام الدولار كما كان عليه صباح أمس، قبل خطوة التدخل المباشر التي أقدم عليها المركزي.
وتكشف مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن حجم تدخل المصرف المركزي أمس، بلغ نحو مليار وأربعين مليون دولار، على جلستين، ظهراً ومساء، الأولى بنحو 500 مليون دولار، والثانية 200 مليون، بعد الهدوء النسبي بالأسواق وتراجع الدولار إلى 13.1 ليرة، ليتداول المركزي 340 مليون دولار في سوق العقود والخيارات خلال جلسة المساء.
وقال محافظ البنك المركزي التركي شهاب قاوجي أوغلو: "إن التأثيرات المتراكمة من موقفنا من السياسة النقدية الراهنة سنلحظه في النصف الأول من 2022".
وتابع قاوجي أوغلو، اليوم الخميس، أن الهدف من تدخل البنك المركزي في أسواق العملات الأجنبية هو "القضاء على التذبذب الحاصل في السوق".
وترى المصادر المتخصصة أن السوق لم تستوعب التدخل بعد، لكن الآثار الإيجابية ستتجلى تباعاً، بعد لمس المضاربين جدية الحكومة بالدفاع عن الليرة وطمأنينة المدخرين، معتبرة أن لاستقالة وزير المالية، لطفي ألوان، وقبول الرئيس لها فجر اليوم، أثراً بـ"الهزة الطفيفة" التي شهدتها السوق، "لكن الليرة ستتعافى بواقع جلسات وخطوات مقبلة".
وحول السعر التقريبي الذي تسعى إليه الحكومة التركية من جراء التدخل، ترى المصادر أن السعر المنطقي ألا يتجاوز الدولار 12 ليرة تركية، وهذا السعر مناسب خلال الفترة الحالية ليقفل عليه العام الجاري، فرغم أنه يزيد من تضخم الأسعار الذي ستتعامل معه الحكومة برفع الرواتب والأجور، لكنه يفيد السياحة والصادرات، إذ إن "الخطط تحسن سعر الليرة أكثر، لكن المضاربات، ومنها الخارجية، على أشدها، وباتت حرباً بوجه استقلال القرار الاقتصادي بكل معنى الكملة".
وتشهد الليرة التركية تراجعاً مستمراً منذ خفض المصرف المركزي الشهر الماضي سعر الفائدة بنحو مائة نقطة أساس، لتصل إلى 15% فتراجعت الليرة من نحو 10.7 ليرات مقابل الدولار في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إلى 14 ليرة ليل أول من أمس، قبل أن يعلن المصرف المركزي عن تدخله المباشر، فتحسنت الليرة قليلاً أمس، ثم عادت إلى مستوى ما قبل التدخل اليوم.
ويرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو، أن "سياسة التدخل لن تجدي نفعاً، خاصة إن كانت مترددة ومتباعدة وبمبالغ محددة، لأن الاقتصاد التركي مفتوح وفيه مكونات الاستيراد كبيرة".
والأهم، برأي شعبو، أن عدم الثقة "استفحلت بالسوق"، ولكن "خطوة المركزي مهمة كحل إسعافي، والنتائج مرتبطة بما بعد جلستي أمس".
ويلفت شعبو، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "سياسة التدخل وحدها لا يمكن أن تصلح خلل السوق، خاصة أنها جاءت متأخرة كثيراً، فالتضخم اليوم أعلى من سعر الفائدة بأكثر من 5%، الأمر الذي يدفع الإيداعات للخروج إلى السوق، ولكن إلى المضاربة وليس نحو المشروعات الاستثمارية طويلة الأجل".
وحول توقعاته والحلول الممكنة، يرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول أن الأهم اليوم هو "عودة الطمأنة للسوق، بعد كسر العامل المقاوم النفسي. ففي السابق، لم تكن السوق والمكتنزون يتقبلون نفسياً هذا التراجع الحاد، لكننا نرى اليوم تقبلا وتوقعات بالمزيد، بدليل استفحال المضاربة حتى من صغار المكتنزين".