يشكي المهندس يحيى شباط من حي دمر في دمشق واقع معيشة السوريين، مؤكداً في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الأسعار وصلت إلى أكثر من 20 ضعف الراتب".
وفي حين يتشهّى السوريون، حسب وصفه، البندورة والخيار، راحت الحكومة وزادت دعم التصدير بنسبة 10 بالمائة للخضر والفواكه وسمحت بتصدير الخراف بعد ارتفاع أسعار الفروج، ليزيد حرمان السوريين "همهم الدولار بصرف النظر أكل المواطن أم لم يأكل".
ويضيف العامل السابق بمحافظة دمشق، أن "الجهات الرقابية انسحبت من الأسواق" ويقتصر عمل وزارة حماية المستهلك، على كتابة الضبوط والمخالفات، على حسب عدد موظفيها الذين لا يغطون سوقاً واحداً.
وأوضح أن مديرية تموين العاصمة دمشق، رفعت الأسعار بنحو ألف ليرة خلال نشرتها الدورية أمس الثلاثاء، فسعرت صحن البيض بـ10500 ليرة والفروج البروستد بـ31 ألف ليرة وشرحات الفروج بـ 23 الف ليرة لتصل تسعيرة الفروج المشوي إلى أكثر من 35 ألف ليرة "راتب الموظف لا يشتري ثلاث دجاجات مشوية".
ويلفت شباط إلى أن نشرات الأسعار الصادرة خلال شهر أغسطس/آب الجاري تبين لحاق وزارة حماية المستهلك لأسعار السوق بدل ضبطها، إذ زادت الأسعار الرسمية ثلاثة آلاف ليرة خلال الشهر الجاري، بمعدل ألف ليرة كل أسبوع.
و"شو بدو ياكل الفقير بهالبلد" عبارة يكررها السوريون كلما نظروا لأسعار السلع والمنتجات الغذائية التي يزيد سعرها باضطراد، إذ ارتفعت الأسعار خلال العام الجاري، أكثر من 60 بالمائة عما كانت عليه نهاية عام 2021، كما تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، من نحو 3600 ليرة إلى نحو 4500 ليرة اليوم.
وسجلت أسعار الخضر والفواكه "أسعاراً قياسية"، بحسب مصادر من العاصمة السورية دمشق لـ"العربي الجديد"، إذ أثر رفع سعر ليتر البنزين، بنسبة 130% أخيراً، على مستوى الأسعار التي قفزت أكثر من 15% خلال الشهر الجاري، فوصل سعر كيلو البندورة والباذنجان اليوم إلى 1900 ليرة والخيار إلى 2100 ليرة وسجل سعر البطاطا 1800 ليرة في حين يصل سعر كيلو البامية "موسمها" إلى نحو 6500 ليرة.
وتضيف المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن اللحوم خرجت بالمطلق من قوائم غذاء السوريين، بعد تعدي سعر كيلو الخروف 40 ألف ليرة ووصول سعر الفروج الحي إلى 12 ألف ليرة وشرحات الدجاج إلى 27 ألف ليرة بسوق المرجة وسط العاصمة السورية، وتعتبر المصادر أن اللحوم يمكن إلغاءها ولكن "حتى نباتيين ما عاد فينا نعيش" فسعر كيلو الفليفلة الخضراء 1600 ليرة والجزر 1800 ليرة والملفوف 1400 ليرة والزهرة 1700 ليرة، و"أمام كل هذه الآلاف لا يصل الأجر الشهري إلى عتبة 100 ألف ليرة".
وفي حين قدرت دراسة سابقة لمركز "قاسيون" من العاصمة دمشق، تكلفة معيشة الأسرة السورية المؤلفة من خمسة أفراد، بنحو 2.8 مليون ليرة سورية، يقول الخبير الاقتصادي، علي الأحمد في تصريحات إعلامية منشورة، إن كلفة المعيشة بالنسبة إلى عائلة متوسطة العدد أصبحت أكثر من مليوني ليرة شهرياً للطعام والشراب فقط.
وكان رئيس النظام السوري قد أصدر مرسوماً بصرف منحة لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره مئة ألف ليرة سورية لكل من العاملين الحكوميين داخل الأراضي السورية (المدنيين والعسكريين)، كما تطاول المنحة، أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين المشمولين بقوانين التأمين والمعاشات والتأمينات الاجتماعية النافذة.
ويصف الاقتصادي السوري، محمود حسين، منحة الأسد بـ"الإساءة حتى لمنصب الرئيس" لأنها لا تصل إلى 23 دولاراً ولا تسد نفقات متطلبات المدرسة لطفل واحد، فبعد ترويج الحكومة لزيادة الأجور بما يتناسب مع تكاليف المعيشة وارتفاع الأسعار، خرج الأسد بمنحة لمرة واحدة لن تبدل ظروف السوريين التعيسة".
وحول من تشمله المنحة، يضيف الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" أن "المستفيدين من 100 ألف ليرة لا يتجاوزن 2.5 مليون سوري وهم الموظفون وأسرهم" معتبراً أن "الاستفزاز الأكبر جاء من خلال تصريحات مسؤولي الأسد بأهمية المنحة، واستمرارهم بالوعود بأن كل الوفورات من رفع أسعار المحروقات سيتم تجييرها لتحسين معيشة السوريين".
وكان مجلس الوزراء بحكومة بشار الأسد قد ناقش أمس الثلاثاء، مشروع صك تشريعي يتيح إصدار النظام النموذجي للحوافز والعلاوات والمكافآت للعاملين في الجهات العامة وتحديث أنظمة الحوافز المالية نظراً لاختلاف القوانين الناظمة لعملية منح الحوافز للعاملين بالدولة.
وأكد رئيس مجلس الوزراء، حسين عرنوس خلال الاجتماع أن أي وفر مالي أو تقليل في العجز المالي يتحقق نتيجة إعادة هيكلة الدعم أو تعديل أسعار المشتقات النفطية ستعود فائدته بشكل مباشر لتحسين الواقع المعيشي ورفع مستوى الخدمات وإقامة المزيد من المشاريع التنموية وتأمين المزيد من فرص العمل.
(الدولار= 4350 ليرة سورية تقريبا)