- نقص حاد في الغذاء والمياه بمعسكر كلمة للنازحين، مع تفاقم الأوضاع بوصول نازحين جدد وعجزهم عن الزراعة، ودعوات لتدخل عاجل من المنظمات الدولية.
- تعطيل المساعدات الإنسانية يعرض حياة 5 ملايين نازح للخطر، مع تأكيد على ضرورة محاسبة المعرقلين والإسراع في حل مشكلة المجاعة وانتهاكات حقوق الإنسان.
يهدد شبح المجاعة حياة ملايين السودانيين بمعسكرات النازحين ولا سيما في دارفور بسبب استمرار الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، بالإضافة إلى تدهور الإنتاج الزراعي وشح الغذاء.
ويأتي ذلك متزامنا مع تحذيرات جديدة لمسؤولين أمميين من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان وانعدام الأمن الغذائي فيه وسط تهديد بخطر مجاعة، وذلك بعد أكثر من 11 شهراً من النزاع المتواصل في البلاد. وجاءت التحذيرات الأممية خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك أول من أمس، بناءً على طلب غويانا وسويسرا، الدولتين اللتين تنسّقان قضايا الصراعات والجوع في مجلس الأمن الدولي.
وفي هذا السياق، قالت سكرتيرة معسكر كلمة للنازحين، أحلام حامد حسن لـ"العربي الجديد" إن النازحين بالمعسكر يعانون من شح الغذاء والمياه الصالحة للشرب خاصة بعد وصول وافدين جدد نزحوا من مدينة نيالا. وكلمة هو معسكر لإعادة توطين السكان في منطقة دارفور في السودان، يقع على بعد 17 كيلومتر من مدينة نيالا.
وأشارت حسن إلى أن عدم تمكن المزارعين من الزراعة هذا الموسم يؤدي إلى تفاقم وسوء الأوضاع الغذائية والإنسانية بالمعسكر، وطالبت بسرعة تدخل المنظمات الدولية لإغاثة النازحين الذين صاروا مهددين بالموت جوعا، فضلا عن انتشار الأمراض خاصة في أوساط الأطفال حديثي الولادة وكبار السن.
وكان منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، حذر منتصف الشهر الجاري من أن ما يقرب من خمسة ملايين شخص قد يعانون من جوع كارثي في بعض مناطق السودان خلال الأشهر المقبلة.
وقال غريفيث إن المستويات الحادة من الجوع سببها شدة تأثير الصراع على الإنتاج الزراعي والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الرئيسية وبمصادر الرزق وتعطل تدفقات التجارة والزيادات الحادة في الأسعار، والعوائق التي تعطل وصول المساعدات الإنسانية والنزوح واسع النطاق.
واندلعت الحرب في السودان في 15 إبريل/ نيسان عام 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقالت الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون لمساعدات، وإن حوالي ثمانية ملايين شخص فروا من منازلهم بسبب الحرب.
ومن جانبه، قال الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بدارفور، آدم رجال، لـ"العربي الجديد" إن تعطيل دخول المساعدات يحرم 5 ملايين نازح ولاجئ من المواد الإغاثية التي كان من المفترض أن تصل، ما يعرض حياتهم للموت جوعا.
وأشار إلى أن منع وصولها يعتبر جريمة حرب وانتهاك لحقوق الإنسان، وانتقد استخدام الغذاء كسلاح ضد المواطنين الأبرياء، مطالبا الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي بالإسراع بمعالجة هذه الأوضاع الإنسانية الحرجة.
وقال الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بدارفور إن الوضع يحتاج لخطوات جادة وحاسمة وفورية تجاه أطراف الحرب المستعرة، مشيرا إلى ضرورة محاسبة كل من يقوم بعرقلة عمل المنظمات الإنسانية لمساعدة النازحين واللاجئين بالمخيمات الذين فتك بهم الجوع والأمراض خاصة الأطفال والنساء وكبار السن. ووجه نداء إنسانيا عاجلا بالإسراع في حل مشكلة المجاعة بمعسكري كساب وفتابرنو.
وقال إن المعسكرين يعتمدان على المساعدات الإنسانية التي كانت ترد في السابق من المنظمات، بجانب ما ينتجه النازحون أنفسهم من الذرة المحلية. وأضاف أن النازحين لم يتمكنوا من الزراعة بسبب غياب الأمن والاستهداف الممنهج من المليشيات لهم في المزارع، ما يهدد بخطر مجاعة واسعة.
وأشار آدم رجال إلى الغياب الكامل للمنظمات الإغاثية بدارفور وعدم تلقي النازحين واللاجئين لأي حصص غذائية منذ اندلاع الحرب، ما زاد المعاناة والمأساة بالمخيمات.
ولفت إلى وجود نقص كبير في الغذاء والعلاج، ووصف الوضع بالكارثة الإنسانية والصحية، موضحا أن الاحتياجات الآنية من المنظمات الدولية والأمم المتحدة تتمثل في توفير الأكل ومياه الشرب والعلاج، خاصة لقاحات تطعيم الأطفال حديثي الولادة ومعالجة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد وتغذية النساء الحوامل وتوفير مواد الإيواء.
وكانت الحكومة السودانية نفت رسمياً في وقت سابق من الشهر الجاري، وجود مجاعة في البلاد، وأرجعت معاناة المواطنين في بعض المناطق إلى منع قوات الدعم السريع إدخال السلع والمعونات إلى بعض المناطق التي تسيطر عليها، خاصة ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور، بما شكّل تهديداً للأمن الغذائي.
ودعت الحكومة وكالات الأمم المتحدة للمشاركة في إدخال الغذاء إلى المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع. وقال وزير الزراعة أبو بكر عمر البشري في مؤتمر صحافي، يوم 18 مارس/ آذار الجاري، في مدينة بورتسودان، إن الحرب السودانية أثرت على الإنتاج لأنه يحتاج إلى تحريك مدخلات وأسمدة في ظل صعوبة الحركة من وإلى مناطق الإنتاج. وعدّد الوزير المشكلات التي اعترضت الموسم الزراعي، من بينها صعوبة ومحدودية توفير المدخلات.