طبقت وزارة النفط والطاقة السودانية، بداية الأسبوع الجاري، زيادة جديدة على أسعار الوقود لتدفع الأسواق نحو موجة غلاء جديدة، كما ستطاول شظايا هذه الخطوة عدداً من القطاعات الإنتاجية.
وقفز ليتر البنزين بالخرطوم بموجب الزيادة الجديدة من 672 الى 762 جنيهاً، وسعر ليتر الغازولين من 640 الى 748 جنيهاً. وشهدت الفترة الأخيرة تطبيق أربع زيادات على أسعار الوقود.
وانتقد مواطنون ومراقبون الإجراءات الجديدة محذرين من تداعياتها الاقتصادية والمعيشية.
ركود غير طبيعي
الخبير الاقتصادي إبراهيم توفيق قال لـ"العربي الجديد": "نتوقع أن ترتفع كافة أسعار السلع والخدمات خلال الفترة المقبلة، وسوف يحدث ركود غير طبيعي في كافة السلع، إلى جانب أن ما تبقى من حراك اقتصادي سوف يتوقف تماماً ولن تجد الحكومة موارد لتسيير أعمالها خاصة الرواتب.
وأضاف أن وزارة المالية ظلت تعتمد على جيب المواطن في الآونة الأخيرة بعد توقف المنح والقروض والدعم الدولي بسبب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال كل السيناريوهات مفتوحة ومنها زيادة الاحتجاجات والاختلالات الاجتماعية.
أما الباحث الاقتصادي سيف الدين إبراهيم، فيرى أن السياسات التي ظلت تتبعها الحكومة حاليا لا تراعي أبسط قواعد العيش الكريم، ولذا لجأت غالبية السودانيين إلى الهجرة إلى الدول العربية والأوروبية والعمل في ظروف قاسية جداً.
يضيف: "لا خدمات كهرباء أو مياه أو بني تحتية، كما انهارت كل المؤسسات الصحية والتعليمية وازدادت وسائل الغش والتهريب، وزادت نسبة الجريمة اليومية بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها الشعب السوداني".
من جانبه، قال رئيس غرفة النقل في ولاية الخرطوم الشاذلي الضواها، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الزيادة في الوقود كانت مفاجئة ولم نُخطر بها رسمياً". وشدد على تأثيراتها السلبية الكبيرة على النقل والقطاع الزراعي ومعيشة المواطنين.
رفع المعاناة عن المواطنين
وتوقع تطبيق زيادة في تعرفة المواصلات بنسبة 25%، داعياً الحكومة الانتقالية بالسودان للاهتمام أكثر برفع المعاناة عن كاهل المواطنين الذين يعتمدون على المواصلات في تنقلاتهم، مشيراً إلى أنّ هذه الزيادة ستعود بأضرار كبيرة على دخلهم المحدود.
وشرح القيادي السابق في اتحاد الغرف الصناعية بالخرطوم عبد الرحمن عباس، لـ"العربي الجديد"، تأثيرات الزيادة في الوقود في رفع تكلفة الإنتاج الصناعي وأسعار السلع والمنتجات، مؤكداً تعميق هذه المشكلة الكسادَ في الأسواق.
وقال الأمين العام للغرفة التجارية بولاية الخرطوم الطيب طلب، لـ"العربي الجديد"، إنّ الزيادة الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع في تكلفة نقل البضائع والسلع إلى الأسواق وغلاء كافة السلع الغذائية، مؤكداً توقف بعض الشركات عن إنتاج الغذاء بسبب الركود الحاد وتراجع معدلات الشراء من قبل المواطنين.
وحذر نائب رئيس تجمع مزارعي القطاع المطري بالسودان غريق كمبال من تسبب القرار في انهيار القطاع الزراعي الذي يعتمد بشكل أساسي على الوقود، متهما وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بإطلاقها رصاصة الرحمة على القطاع بهذه الزيادة.
وقال كمبال لـ"العربي الجديد" إنّ سعر الوقود الزراعي سيقفز، ما يعيق سير العروة الصيفية والتحضير للعروة الشتوية.
شركات الاستيراد الحر
وحول أسباب الزيادة الجديدة لأسعار الوقود، قالت وزارة الطاقة والنفط في بيان: "جاءت أسعار المحروقات (بعد) المراجعة التي تجريها الوزارة مع شركات الاستيراد الحر والخاص في ظل التغيرات التي تطرأ في السوق العالمي للمحروقات"، علماً أنّ السودان شهد زيادات متتالية في أسعار الوقود العام الماضي بموجب عملية إلغاء تدريجي لدعم الوقود، والتي تهدف الآن إلى اتباع الأسعار العالمية.
الباحث الاقتصادي سيف الدين إبراهيم، فيرى أن السياسات التي ظلت تتبعها الحكومة حاليا لا تراعي أبسط قواعد العيش الكريم
ويوم الأربعاء الماضي، قال الجهاز المركزي للإحصاء في السودان إنّ معدل التضخم السنوي انخفض إلى 148.88 بالمائة في يونيو/حزيران، من 192.21 بالمائة في مايو/أيار.
وقدر برنامج الأغذية العالمي، في وقت سابق من هذا العام، أنّ عدد الأشخاص الذين يعانون من الأزمات ومستويات الطوارئ من الجوع سيصل إلى 18 مليوناً بحلول سبتمبر/أيلول المقبل في السودان، الذي يقدر عدد سكانه بنحو 45 مليون نسمة.
وتدهور اقتصاد السودان في أعقاب انقلاب عسكري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما تسبب في تعليق التمويل الدولي، كما انخفضت قيمة عملته إلى أكثر من الربع، فيما يعاني السودان أيضاً من شح حاد في العملة الصعبة.