السودان: شركات السياحة مهددة بالإفلاس في بورتسودان

04 نوفمبر 2021
محاولات لإنعاش السياحة المحلية (Getty)
+ الخط -

حذر المجلس الأعلى للاستثمار والسياحة في ولاية البحر الأحمر من انهيار كامل لقطاع السياحة في مدينة بورتسودان (شمال شرق السودان)، إثر تراجع حاد لأعداد السياح الأجانب منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، فضلاً عن تراجع ملحوظ للسياح المحليين نحو المنتجعات السياحية المطلة على شواطئ بورتسودان، والتي كان يقصدها السياح، وهو ما يهدد بإفلاس العديد من شركات السياحة والسفريات في المدينة، جراء الإغلاق الذي يشمل الطرق والميناء الجنوبي في المدينة.
تداعيات الاضطرابات
يقول الأمين العام للمجلس الأعلى للاستثمار والسياحة في بورتسودان، محمود علي، لـ"العربي الجديد"، إن "حالة الإغلاق في المدينة وجائحة كورونا أثرتا سلباً وبشكل كبير على قطاع السياحة في المدينة، وأن الإغلاق الداخلي جاء نتيجة قضايا مصيرية، لكن كان من المفروض حل تلك القضايا بالمفاوضات والحوار الجاد، إلى جانب بحث شكاوى المكونات الاجتماعية والعشائرية والمثقفين في المدينة، وأن علاج مطالب "البجا" والاستجابة لمطالبهم ليسا صعبي المنال".
ويضيف أن الاستقرار الداخلي هو شرط أساسي لعودة قطاع السياحة في المدينة، لكن من دون وجود استقرار داخلي تنتهي السياحة، التي تتميز بها بورتسودان وهي السياحة البيئية التي لها خصوصية على مستوى العالم.

وكانت السياحة الداخلية ظاهرة ملفتة بالنسبة لولاية البحر الأحمر، كما أن السياحة الخارجية كانت تجذب سياحاً من أوروبا وأميركا.

ويناشد علي السلطات في الخرطوم ومجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة شرق السودان بالاحتكام إلى منطق العقل، وأن تضع النقاط على الحروف للتوصل إلى حل جذري للأزمة الراهنة. ويضيف أن غياب السياحة في هذا الموسم سيفقد الولاية عملة صعبة، رغم أن مطالب أهالي شرق السودان عادلة جراء التهميش والإقصاء لعقود طوال، ويجب على المركز (السلطات في الخرطوم) معالجة تلك المطالب وإنهاء هذه المشاكل السياسية بشكل جذري. وفي انفراجة للأزمة، قالت السلطات العسكرية في السودان، الإثنين الماضي، إنها أعادت تشغيل خط أنابيب وارد المنتجات النفطية بميناء بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، وجاء ذلك بالاتفاق مع المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، الذين أغلقوا الخط منذ 17 سبتمبر/ أيلول الماضي.
إفلاس قريب
وتواجه العديد من شركات السفريات والسياحة في بورتسودان تراجعاً كبيراً في عوائدها المالية بسبب عدم وجود إقبال للسياحة المحلية والخارجية، وهو ما جعل العشرات من قوارب السياحة تطفو على مقربة من مقارهم المطلة على الميناء، دون أن تلوح في الأفق بوارد تنعش آمال أصحاب تلك الشركات المهددة بالإفلاس حالياً.

ويقول مدير شركة للغوص في بورتسودان، عمار حسن، لـ"العربي الجديد"، إن "جائحة كورونا نبَّهت السودانيين إلى الاهتمام بالسياحة الداخلية بدل الاعتماد على العنصر الأجنبي، لكن بعد الإغلاق الذي شمل الميناء والاضطرابات السياسية في البلاد، زرعت المخاوف وتركت انطباعات سلبية في نفوس المواطنين، وحتى المقيمين الأجانب في المدينة، وهو ما يجعل السياحة في بورتسودان تكاد تكون صفرية في هذه الفترة ".

ويشير عمار إلى أن الإعلام لعب دوراً كبيراً في خلق فزاعة أثرت سلباً على قطاع السياحة، لأن الأوضاع الأمنية في الولاية تثير الخوف والهلع في نفوس المواطنين، ولهذا تضررت السياحة الداخلية، إذ ألغى الكثير من السياح حجوزاتهم، وبهذا انتهى هذا الموسم من دون عوائد مالية تذكر.

ومن أجل تلافي الإغلاق الداخلي الذي يكبد قطاع السياحة خسائر مالية، يحاول عمار حسن وشركاؤه تدشين حملات توعية في بورتسودان لتعريف السكان بأهمية السياحة الداخلية.
تحدٍّ خجول
وفي ظل المخاوف من اختفاء قطاع السياحة في بورتسودان، تحاول منتديات ثقافية بث الروح في هذا القطاع، حيث تنظم مهرجانات عائلية تتضمن أغاني شعبية ورقصات تقليدية في أحد المنتجعات السياحية على بعد 15 كيلومتراً خارج بورتسودان، إيماناً بأن العمل الثقافي والسياحة لا علاقة لهما بالمشاحنات السياسية. وفي هذا الصدد يقول مدير منتدى الواحة للسياحة والثقافة في بورتسودان، بابكر الدهمشي، لـ"العربي الجديد"، إن المنتدى يقيم هذه المهرجانات امتداداً للمشاريع السياحية والتسوق لولاية البحر الأحمر التي تضم كافة المكونات القبلية، لكن توقفت هذه الأنشطة بشكل جزئي بسبب الأوضاع السياسية في البلاد.

ويشير الدهمشي إلى أن الإغلاق أثر سلباً على قطاعات عدة في المدينة، وهذا إجرام بحق مواطن البحر الأحمر، إذ إن كثيراً من مصالح سكان المدينة توقفت. ويضيف أن هذا الموسم كان من المفروض أن تكون السياحة هائلة إلا أن تغير الأوضاع السياسية في المدينة أثر سلباً على هذا القطاع، كما تسببت أيضاً في توقف حجوزات الأعراس والمناسبات العائلية التي كانت تنظم في شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني، فضلاً عن توقف حركة السياح الأجانب من مطار المدينة بسبب حالة الإغلاق في بورتسودان.

ووفق مصادر رسمية، فإن مدينة بورتسودان تمتاز بجمال سواحلها ومنتجعاتها الجميلة التي ترقد على طول البحر الأحمر؛ حيث تفوق الشعب المرجانية في أعماق البحر أكثر من 120 نوعاً، بينما تضم أيضاً أكثر من 200 نوع من الأسماك، كما أنها موطن الدلافين والقرش، إلا أن إنعاش قطاع السياحة محلياً يواجه تحديات كثيرة.

المساهمون