السودان: الحرب بيئة خصبة لنهب أموال المصارف

11 سبتمبر 2024
القطاع المصرفي على وشك الانهيار بسبب الحرب (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير الحرب على القطاع المصرفي السوداني**: تعرضت المصارف السودانية لنهب وتدمير منذ اندلاع الحرب في إبريل/نيسان، مما أدى إلى خسائر تقدر بـ45 تريليون جنيه وفقدان العملة الوطنية لقيمتها. الجيش السوداني اتهم قوات الدعم السريع بحرق ونهب المصارف.

- **تحديات هيكلية وفساد مزمن**: يعاني القطاع المصرفي من فساد وتجاوزات منذ فترة حكم عمر البشير، مع منح تمويلات بشروط مخففة وتسهيلات غير قانونية. غالبية المصارف غير ملتزمة بالنظام الأساسي وغير مستوفية لكفاية رأس المال.

- **العقوبات الدولية والمشاكل التشغيلية**: فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مصرف وشركتين لدعمهما أطراف النزاع، مما زاد من تعقيد الوضع. المصارف تواجه مشاكل تشغيلية كبيرة، مثل إغلاق 70% من فروعها وصعوبة استرداد القروض، مع نقص الشفافية والاحتياطيات النقدية.

 

زادت معاناة القطاع المصرفي السوداني في ظل تواصل الحرب منذ منتصف شهر إبريل/ نيسان من العام الماضي، الأمر الذي سهّل على المليشيات وعصابات الفساد نهب وتدمير العديد من المصارف.
وتسببت الحرب المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في الإضرار بموجودات المصارف الحكومية والتجارية البالغ عددها 39 مصرفا، والتي تقدر بـ45 تريليون جنيه، وفقدان جزء كبير من قيمة العملة الوطنية، وفق بيانات رسمية.
واتهم الجيش السوداني في بيان أصدره سابقا قوات الدعم السريع باتباع ما وصفه بـ"سياسة الأرض المحروقة"، وذلك من خلال حرق ونهب المزيد من المصارف والمحال التجارية واللجوء للتخريب.

وفي هذا السياق، يقول الخبير المصرفي وليد دليل لـ"العربي الجديد" إن القطاع المصرفي من أكثر المتضررين من الحرب المتواصلة، مشيرا إلى الحاجة الماسة خلال الفترة المقبلة لتغيير هيكل القطاع المصرفي في السودان من ناحية حقوق التملك والتحكم في الموارد المالية التي يعبئها القطاع، ومن يتحكم في أداء هذه الموارد وتوزيعها؟

وأضاف دليل أن معاناة المصارف السودانية لم تكن وليدة الحرب والمرحلة الراهنة فقط، بل إن معظم المصارف السودانية واجهت خلال فترة نظام الرئيس الأسبق عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاماً، عمليات فساد مقنن ومرتب.
وأضاف: "من المعروف أن أي عملية تمويل من المصارف، تتم بموجب شروط محددة ولمدة زمنية معينة، لكن كانت هناك تجاوزات تحدث عند منح التمويل، وكذلك تسهيل في إجراءات السداد، إذ يحصل المتعثر على مساعدة نافذين داخل هذه المصارف، دون تطبيق القانون، وهو ما أوصل القطاع إلى هذه المرحلة من التدني".

كما أن غالبية المصارف السودانية غير ملتزمة بالنظام الأساسي، وكذلك غير مستوفية كفاية رأس المال، وظل بنك السودان المركزي يمدد لها فترة السماح لتوفيق أوضاعها، حسب الخبير المصرفي.
وزادت معاناة القطاع المصرفي مع استخدام المتصارعين لبعض المصارف والشركات من أجل دعمها في العمليات الحربية. وفي هذا السياق، فرضت الولايات المتحدة الأميركية في وقت سابق عقوبات على مصرف وشركتين بتهمة تقديم تمويل لطرفي النزاع في السودان. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أنها ستجمّد أصول "بنك الخليج" وتجرّم أي تعاملات معه في الولايات المتحدة، نظرا لأنه لعب دورا "أساسيا" في تمويل قوات الدعم السريع.

 

نهب أموال من المصارف

وذكرت الوزارة أن هذا المصرف حصل على 50 مليون دولار من بنك السودان المركزي مباشرة، قبل اندلاع الحرب في إبريل/نيسان الماضي بين قوات الدعم السريع والجيش.
كما تشهد مصارف السودان مشاكل عدة بسبب الحرب المستعرة منذ أكثر من عام، أبرزها إغلاق ما يربو عن 70% من فروعها العاملة بالعاصمة الخرطوم والولايات وصعوبة استرداد الكم الهائل من القروض بمختلف أنواعها التي منحتها لعملائها خلال فترة ما قبل الحرب.
الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان يقول لـ"العربي الجديد" إن القطاع المصرفي في السودان لا يتمتع باستقلالية كبيرة بل يخضع لتوجيهات بنك السودان المركزي في كافة عملياته وسياساته.
وتعاني مجموعة من تلك المصارف من إشكاليات عديدة تتعلق بمدى ملاءمة رأس المال وعدم وجود احتياطيات نقدية في الخارج وغياب الشفافية حول حقيقة وضعها المالي وهو وضع حرمها من التعامل بسلاسة مع المصارف الإقليمية والدولية.
عثمان يرى أن هذا الوضع الضعيف للمصارف جعل بعضها يعاني من الخلافات والنزاعات بين كبار حملة الأسهم وبعضها فاقد لثقة حملة الأسهم بحكم عدم توزيع أرباح حقيقية منذ أكثر من عقدين.
ويؤكد أن الدولة السودانية بحاجة ماسة لتقوية النظام المصرفي وتحسين أداء المصارف المتخصصة وزيادة رأسمالها بالدرجة التي تجعلها قادرة على التأثير إيجابا في الاقتصاد السوداني وقادرة على المساهمة بفاعلية في عمليات إعادة إعمار البلاد بعد انتهاء الحرب.

المساهمون