يواجه مزارعو ولاية القضارف في شرق السودان أزمات تمويل تدفعهم إلى خسائر باهظة. وتسبب تأخير الحكومة والمصارف في توفير التمويل الزراعي والقروض قصيرة الأجل في اضطرار المزارعين بولاية القضارف إلى اللجوء لظاهرة الكسر بهدف تمويل زراعتهم.
وقال المزارع بالقضارف حسن زروق لـ"العربي الجديد" إن 90% من المساحات الزراعية البالغ عددها 10 ملايين فدان يتم تمويلها آنياً بواسطة الكسر أو الكتفلي كما يطلق عليها المزارعون.
وهذا النظام التمويلي (الكسر) هو عبارة عن بيع المحاصيل للتجار قبل حصادها بأقل من سعرها الحقيقي، ورغم تكلفة التمويل العالية بهذه الطريقة إلا أن المزارعين يلجؤون إليه بهدف التمكن من اللحاق بالموسم الزراعي، حسب المزارع السوداني.
وأشار زروق إلى أن التمويل الذي يتم توفيره عبر البنك الزراعي والبنوك الأخرى لا يغطي سوى نسبة 10% فقط من التكلفة العالية للزراعة.
واضطرت حكومة القضارف إلى قيادة حملات واسعة على الأسواق لإيقاف تصاعد ظاهرة الكسر التي طاولت المعاملات الاقتصادية والزراعية والتجارية ومحاولة تقليص المعاملات الربوية بمشاركة الأجهزة الأمنية والعدلية وتفعيل قانون الثراء الحرام.
وأقر والي الولاية محمد محجوب بتسبب تأخير التمويل الزراعي والسياسات التمويلية في ظهور المعاملات الربوية.
وتخوف محجوب من تصدير الظاهرة من القضارف لمختلف ولايات السودان، داعيا إلى ضرورة النزول للأسواق لتوعية المواطنين بخطورة المعاملات الربوية.
كما أشار لتدمير هذه المعاملات للعديد من الأسر والزج بهم في السجون، داعيا كافة المصارف لتبني مبادرة تكوين محفظة تمويلية للموسم الزراعي القادم مبكرا ومراجعة السياسات التمويلية.
ولجأ العديد من المواطنين إلى المضاربة في الأسواق من خلال الدخول في معاملات زجت بالعديد من المواطنين في السجون.
وأكد الأمين العام لشعبة تجار المحاصيل بالقضارف أسعد الضو لـ"العربي الجديد" وجود ظاهرة الكسر بالولاية منذ مدة طويلة غير أنها انتشرت بنسبة قاربت 100% خلال هذا العام بسبب غياب التمويل الزراعي، لافتا إلى قيام أغلب المزارعين بالكسر في سلع ضرورية كالسكر والذرة، وهنالك من يقومون بكسر الذرة وبيعه أخضر (في مزارعه) قبل حصاده، لحاجتهم إلى التمويل، مبينا أن استمرار أمد سداد الدين الآجل يضاعف من سعره ويؤدي لتعثر المزارعين في السداد.
وحمل الضو الحكومة المركزية مسؤولية الأزمات التي يعانيها القطاع الزراعي والمزارعين بسبب الرسوم العالية التي تفرضها على الولاية مقارنة بالولايات الأخرى، آخرها فرض وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي لرسوم بقيمة 600 جنيه على جوال السمسم (الدولار = نحو 570 جنيها سودانيا)، وعجزها عن توفير التمويل اللازم للمزارعين في عمليات التحضير والحصاد.
لجأ العديد من المواطنين إلى المضاربة في الأسواق من خلال الدخول في معاملات زجت بالعديد من المواطنين في السجون
وأرجع مزارع بالولاية تحدث لـ"العربي الجديد" انتعاش الكسر ببيع السلع بأجل، إلى ضعف السياسات التمويلية وعدم قدرة الحكومة على تمويل القطاع وتدني أسعار الاستلام والرسوم العالية التي تفرضها على الحصاد.
وأوضح المزارع، الذي رفض ذكر اسمه، أن الأزمة دفعت المزارعين بالولاية للاستعانة بتجار الكسر للحصول على التمويل مقابل مبالغ كبيرة يلتزم المزارعون بسدادها بالآجل وفي وقت محدد. وقال إن عددا كبيرا منهم تعرض للسجن لعجزهم عن سداد التزاماتهم المالية.