السودانيون تحت وطأة الغلاء والنزوح في عيد الفطر

11 ابريل 2024
من أجواء الناس في مدينة أم درمان بالخرطوم، في 10 إبريل 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- السودان يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية شديدة بسبب الاقتتال بين الدعم السريع والجيش، مما أدى إلى نزوح قسري وغلاء فاحش، خاصة في ظل استعدادات عيد الفطر.
- الأوضاع الاقتصادية تتدهور بشكل ملحوظ، حيث تغلق الأسواق وتهجر المساكن، ويعاني السكان من البطالة وانخفاض الدخل، مما يحول دون الاحتفال بالعيد أو تلبية الاحتياجات الأساسية.
- بعض الولايات الشمالية ونهر النيل تشهد إقبالاً على الشراء لموسم العيد، على الرغم من ارتفاع الأسعار والتضخم، مما يعكس تباين الأوضاع بين مناطق مختلفة من السودان.

حل عيد الفطر على السودانيين هذا العام وهم في أسوأ حال، يكابدون الأمرّين من الغلاء الفاحش والنزوح القهري الحاصل بفعل الاقتتال المستمر بين أبناء البلد الواحد. فلا تزال معاناة الناس تجبرهم على البحث عن لقمة العيش مع استمرار الحرب الدائرة بين الدعم السريع والجيش، والتي دخلت عامها الثاني، حيث اضطُر بسببها ملايين المواطنين إلى النزوح أو اللجوء وسط أزمة اقتصادية واجتماعية أثرت سلباً في جميع نواحي الحياة.

ويأتي عيد الفطر هذا العام والمواطن السوداني لا يزال يبحث عن الأمان والاستقرار، حيث اضطرته الأوضاع الأمنية إلى الانسلاخ عن مسكنه، ما أدى إلى حدوث فجوة اجتماعية واقتصادية كبيرة جعلت كل تفكيره منصباً على الاستقرار وإعادة الإعمار والبحث عن عمل بعدما استحكم الشلل بالأسواق. ويتحدث مواطنون لـ"العربي الجديد" عن غياب أجواء العيد، بعكس ما كانت الأوضاع سابقاً قبل الحرب، في ظل التهجير الذي أصاب حتى المناطق التي لم تصل إليها الحرب، والتي أفقدت كثيراً من المواطنين أسرهم وأبناءهم.

ويقول المواطن محمد توم من ولاية الخرطوم إن كل الأسواق مغلقة فيما البيوت والمساكن إما مهجورة أو يسكن أهلها الحزن والفقر والبطالة، وسط غياب الخدمات الأساسية وانقطاع التواصل مع الأهل والأقارب.

أما الموظفة أم الحسن ياسين فتقول لـ"العربي الجديد" إنها نزحت مع أسرتها من ولاية الخرطوم إلى الجزيرة، ثم انتقلت بعدها إلى ولاية سنار ليستقر بها المقام في ولاية البحر الأحمر. لقد أصبحت عاطلة من العمل ومكثت في مدرسة إيواء مع أطفالها الأربعة. وسألت: "كيف لنا في مثل هذا الظرف السيئ التفكير بالعيد وقد فقدنا كل ما نملك وأعز ما لدينا، وهي بيوتنا، والآن لا نفكر في العيد بقدر ما نحتاج إلى الأمن والاستقرار؟".

التاجر أحمد عيسى يقول لـ"العربي الجديد" إن الركود في الأسواق يظل السمة البارزة، فالأغلبية الساحقة من السودانيين انخفضت مداخيلهم ولا يشعرون بالأمان، في حين أن معظم التجار نقلوا أموالهم إلى الخارج وتوقفت الإيرادات على قلتها، مشيراً إلى أن السوق تفتقر إلى أبسط مستلزمات الأعياد، خاصة الحلويات التي اختفت من الأسواق إلى حد كبير، كما توقفت المصانع عن العمل، خاصة تلك الموجودة في ولاية الجزيرة.

في السياق، قال المستورد محمد إسماعيل: "هذا العام، أفتقر إلى استيراد أهم مستلزمات واحتياجات المواطنين، خصوصاً الملابس والحلويات التي كانت تدخل إلى السودان. وعلى قلة السلع التي دخلت إلى السوق، فإنها لم تجد رواجاً، ولذلك انخفضت أسعارها على نحو لافت".

بدوره، يقول الاقتصادي أحمد خليل لـ"العربي الجديد": "لا توجد سياسات واضحة للتحكم بالوضع العام، على ضوء انفلات أسعار بعض السلع الأساسية وفقدان العملة المحلية قيمتها وتوقف الأعمال وانتشار الفوضى".

إقبال على الشراء في بعض الولايات السودانية

في المقابل، تشهد أسواق الولايات الشمالية ونهر النيل إقبالاً على الشراء في موسم العيد، بعدما تحولت كبرى المولات والمتاجر التي تشتهر بأفخم الملبوسات ومتطلبات الأعياد إلى خراب في العاصمة الخرطوم التي هجرها الكثير من أهلها. ومن النازحين من ولاية الخرطوم المقيمين في مدارس تحولت إلى مراكز إيواء في مدينة شندي بولاية نهر النيل، تقول فاطمة الناظر لـ"العربي الجديد" إن مرارة النزوح والهجرة عن الأهل وما يجري في البلاد من احتراب وإراقة دماء تجعلها لا تشعر بأي رغبة في شراء مستلزمات العيد التي لا تملك الكثير من المال لشرائها أصلاً. وتضيف أن "كل المقيمين بمركز الإيواء يتلقون الغذاء ومواد الإيواء اللازمة من المنظمات الخيرية المحلية والخارجية، ولا يملكون القدرة او المال لشراء مستلزمات العيد لأبنائهم".

وقال النازح محمد عبيد الله المقيم في مركز إيواء بالمتمة غربي، شندي لـ"العربي الجديد"، إن جو العيد هذا الموسم يعتبر الأسوأ بسبب الحرب التي شردته وأسرته من دياره، مشيراً إلى أن أطفاله "على قناعة تامة بعدم قدرتنا على شراء مستلزمات العيد بسبب الوضع الذي نعيشه وعدم وجود نقود حتى لشراء الطعام والعلاج".

ورصد "العربي الجديد" تزايداً ملحوظاً في أسعار السلع والملابس والمخبوزات الجاهزة. وقال تاجر الملبوسات بسوق شندي محمد المصطفى حسن لـ"العربي الجديد" إن هذا "الموسم يشهد تزايداً في الشراء بسبب وجود أعداد ضخمة من نازحي الخرطوم في ولاية نهر النيل والذين يلعبون دوراً بارزاً في إنعاش الأسواق".

أما تاجر الملايات والستائر نور الهادي عبدالجليل فقال إن غالبية المشترين هم من مواطني الخرطوم الميسورين، بينما يكتفي بعضهم بالاستفسار عن الأسعار فقط من دون إتمام عملية الشراء.

وقال التاجر في الولاية الشمالية محمدين علي إن تعرض الأسواق والمصانع للنهب والحرق في الخرطوم قلل من استيراد مستلزمات العيد إلى الولايات، بينما تسبب ارتفاع سعر الدولار إلى قرابة 1400 جنيه في جموح التضخم خاصة بالنسبة لأسعار السلع المستوردة.

المساهمون