السندات الصينية تجذب الاستثمارات الغربية وتعرقل استراتيجية عزل بكين

22 يوليو 2021
مقر البنك المركزي الصيني في بكين (Getty)
+ الخط -

رغم خطط إدارة الرئيس الأميركي جوزيف بايدن لمحاصرة الصين عبر ما أطلق عليه "تحالف الديمقراطيات الرأسمالية" ضدها، يبدو على الصعيد العملي أن هناك عقبات كبرى تعرقل خطوات عزل بكين خاصة على صعيد الاستثمار وتدفق الدولارات على الأسواق الصينية وشركاتها.

وربما تجد الإدارة الأميركية صعوبات في إقناع المصارف وصناديق الاستثمار الغربية بالتخلي عن السوق الصيني الذي بات يحقق لها الأرباح التي يسيل لها اللعاب، ويحمي استثماراتها في أوقات الاضطرابات المالية الكبرى، مثل أزمة المال العالمية في العام 2008، وأزمة الأسواق التي ضربت الاقتصادات الغربية في الشهور الأربعة الأولى من العام الماضي 2020 بسبب تفشي جائحة كورونا، وما ترتب عليها من إغلاق للاقتصادات العالمية والحد من النشاط التجاري والصناعي.

ووفق خبراء في تحليل بنشرة "إنفستمنت ويك"، وهي نشرة أسبوعية بريطانية متخصصة في الاستثمار، فإن الأصول الصينية باتت من أدوات الاستثمار التي لا غنى عنها بالنسبة للمستثمر الغربي، وإن حجم التدفقات المالية الغربية يواصل الارتفاع، خاصة وأن السندات الصينية تم ضمها إلى مؤشرات أصول الدين العالمية، حيث تم ضمها إلى كل من مؤشر "أف تي أس أي راسل" بسوق لندن في مارس/آذار الماضي، وإلى مؤشر مصرف "جي بي مورغان"، أكبر المصارف الأميركية ومصرف "باركليز بانك" البريطاني.

وحسب تحليل "إنفستمنت وويك"، تعتمد جاذبية أصول الدين الصينية على أربعة عوامل رئيسية، وهي عمق سوق الدين الصيني المتنامي مع تنامي الطبقة الوسطى وحجم قدرتها الشرائية، وقدرة الاقتصاد الصيني على مقاومة الأزمات العالمية وارتفاع العائد عليها، واستخدام المصارف والصناديق الغربية للسندات الحكومية الصينية في تنويع محافظها، ونسبة الفشل في السداد الضئيلة وسط الشركات الحكومية.

على صعيد العائد، لاحظ خبراء أن العائد على سندات الخزينة الصينية لأجل 5 سنوات يبلغ حالياً نسبة 2.9% مقارنة بالعائد على سندات الخزينة الأميركية لذات الأجل البالغ 0.9%، كما أن عائد السندات الصينية يفوق كثيراً العائد السلبي على سندات الخزينة الألمانية وهو "ناقص 0.7" وعائد السندات اليابانية "ناقص 0.1".

وهذا العائد الذي تحصل عليه المصارف الاستثمارية الغربية مغرٍ في أوقات الفائدة الصفرية وبحْث المستثمرين الجاد عن تحقيق عائد مرتفع ومضمون بينما تهدد الموجة الثالثة من جائحة كورونا النمو الاقتصادي العالمي وتدفع بورصة وول ستريت والبورصات الغربية نحو تصحيح كبير خلال الشهور المقبلة.

ولاحظ خبير بمصرف بيكيت الاستثماري السويسري في تصريح للنشرة البريطانية، أن من بين 9.5 تريليونات دولار تديرها صناديق المعاشات والشركات الاستثمارية العالمية فإن نحو 0.26% منها مستثمرة في أصول الدين الصينية حتى الربع الثالث من العام الماضي 2020، مقارنة بنحو 0.04% في العام 2015. وهذا يعني أن مصالح المؤسسات الاستثمارية الغربية باتت تتزايد بعجلة متسارعة بالصين وأسواقها.

لكن خبراء يرون أن ما يجذب الاستثمارات الغربية نحو الصين ليس فقط العائد ولكن كذلك أنها باتت "الملاذ الآمن" في لحظات اضطرابات الأسواق العالمية، حيث تمكنت الصين من مقاومة أزمة المال العالمية في العام 2008 والنمو بمعدلات كبيرة أنقذ العالم من الركود الاقتصادي وقتها، وكذلك خرجت الصين في وقت مبكر من جائحة كورونا في العام الماضي وقاومت الاضطرابات التي ضربت أسواق المال في الشهور الأربعة الأولى من العام الماضي، حينما اضطرت الحكومات إلى إغلاق الاقتصادات والحد من النشاط التجاري والصناعي.

كما يرى التحليل، أن أصول الدين الصينية باتت من أدوات تنويع محافظ الاستثمار الكبرى الباحثة عن تقليل الخسائر، إذ إنها مضمونة إلى درجة كبيرة مقارنة بالمخاطر الاستثمارية في الأسواق الناشئة الأخرى.

وبينما تراجع العائد على السندات أو أصول الدين في لحظات الهروب الكبير على أصول الدين العالمية في الربع الثاني من العام الماضي قبل ضخ التريليونات في الأسواق وبمعدلات كبيرة، فإن عائد السندات الصينية تراجع بنسبة 2.2%، وهي نسبة معقولة مقارنة بتراجع عائد السندات العالمية الذي بلغت نسبته 9.0% وتراجع السندات الدولارية بنسبة 16%.

المساهمون