السعودية والإمارات... تنافس اقتصادي متزايد أبعد من خلاف "أوبك"

06 يوليو 2021
السعودية أكثر احتياجاً لاستقرار أسعار النفط لإنجاز مشروعات محلية ضخمة (Getty)
+ الخط -

قال عدد من المحللين في المنطقة إنّ الخلاف العلني النادر بين الإمارات والسعودية المتعلق بسياسة "أوبك" يشير إلى تنافس اقتصادي آخذ في التزايد بين أكبر اقتصادين عربيين، والذي لا يبدو عليه إلا أنه سيشتد.

كانت معارضة الإمارات في نهاية الأسبوع تمديد مقترح لقيود الإنتاج ثمانية أشهر، وهو ما تفضّله السعودية، عرضاً نادراً للتحدي من جانب أبوظبي، التي يجمع ولي عهدها محمد بن زايد آل نهيان تحالف قوي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقد أدى الخلاف إلى إلغاء محادثات "أوبك+"، أمس الإثنين.

وقال أمير خان كبير الاقتصاديين في "البنك الأهلي السعودي" إنّ "مواجهة أوبك الحالية تشير إلى زيادة دفع الإمارات للتشديد على مصلحتها الذاتية اقتصادياً ووطنياً في مواجهة السعودية".

 

تمخّض التحالف بين الأميرين الشابين الطموحين عن سياسة خارجية متشددة، من أمثلتها، شنّهما حملة عسكرية في اليمن، وقيادة حصار على قطر، ومحاربة جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وخارجه.

لكن في الوقت الذي تحاول فيه المملكة تقليص اعتماد اقتصادها على النفط، فإنها تتنافس مع الإمارات على رؤوس الأموال والمواهب الأجنبية، غير أنّ اقتصاديين يقولون إنّ الأمر سيستغرق وقتاً للتحول إلى ند حقيقي لمركز الأعمال والتجارة والسياحة في المنطقة.

وقال المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله: "هذه المنافسة الاقتصادية التي تدبّ في العلاقة بين أكبر اقتصادين عربيين والمنافسة مرشحة بقوة للاشتداد". وأضاف أنّ "الإمارات تجهر برأيها... لكن العلاقة قوية والقيادة تعرف كيف تحلّ القضايا".

ويقول محللون إنه من المرجح أنّ التهديدات المتصورة المشتركة من إيران والجماعات الإسلامية في المنطقة تكبح الخلافات السياسية، إذ يعتبر البلدان إلى حد كبير على خلاف متزايد في ما يتعلق بمسائل السيادة الاقتصادية.

حذرت الرياض الشركات الأجنبية من أنها قد تخسر عقوداً حكومية إذا لم تنشئ مقار إقليمية في المملكة بحلول 2024، وفي تحدٍّ آخر لوضع الإمارات كمركز للتجارة والأعمال في المنطقة، عدلت هذا الأسبوع قواعد الواردات من الدول الخليجية لاستبعاد السلع المصنوعة في المناطق الحرة، وهي محرك رئيسي لاقتصاد دبي.

ويقول عدد من الدبلوماسيين في المنطقة إنّ التحالف الإماراتي السعودي ذهب إلى أبعد ما يمكن، إذ تحظى المصالح الاقتصادية الوطنية بأولوية، لا سيما في أعقاب جائحة كوفيد -19.

مخاوف مشتركة

ظهر أول المؤشرات على تفرّق السبل في 2019 عندما سحبت الإمارات وجودها العسكري في اليمن، تاركة الرياض غارقة في حرب شديدة التكلفة تهدد أمنها بشكل مباشر. ولا تزال أبوظبي تحتفظ بنفوذها من خلال القوات اليمنية التي تحدّى بعضها الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية.

كذلك تثاقلت الإمارات في ما يتعلق باتفاق أعلنته السعودية، في يناير/ كانون الثاني، لاستعادة العلاقات السياسية مع قطر، إذ تحركت الرياض لتهدئة الخلاف مع الرئيس الأميركي جو بايدن على خلفية سجلها في مجال حقوق الإنسان واليمن.

وبينما أقامت الإمارات العام الماضي علاقات مع إسرائيل، في خطوة قوبلت بدعم من كلا الحزبين في واشنطن، اتخذت الرياض على النقيض خطوات مبدئية صوب تحسين علاقتها مع تركيا.

لكن الإمارات والسعودية لا تزالان مشتركتين في القلق من نفوذ إيران المتزايد عبر تابعين في المنطقة، والتهديدات الأمنية التي تشكّل خطراً على طموحاتهما الاقتصادية.

وبدأت الإمارات التواصل مع إيران في 2019 لتخفيف التوتر بعد الهجمات على ناقلات في مياه الخليج وعلى منشآت نفطية سعودية ألقت الرياض باللوم فيها على طهران، وهو الاتهام الذي تنفيه.

وسارت المملكة على النهج ذاته هذا العام، إذ دشنت محادثات مباشرة مع طهران بشأن اليمن، حيث تخوضان صراعاً بالوكالة. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يسعى فيه بايدن لإحياء الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران، والذي عارضته الرياض لعدم تصديه لقدرات إيران الصاروخية وأنشطتها في المنطقة.

وقال حسنين مالك رئيس أبحاث الأسهم في "تليمر"، عن العلاقات السعودية الإماراتية، إنّ "الانفراجة المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران وتحول الطاقة والمنافسة في تنويع المصادر بعيداً عن النفط، عوامل تشكل فترة تباعد صعبة هذه المرة بشكل خاص".

 

وقال خان من "البنك الأهلي السعودي" إنّ الإمارات، التي استثمرت بكثافة لتعزيز طاقة إنتاج النفط، تريد التحرك بسرعة لتسييل احتياطيات نظراً للدفع العالمي في اتجاه الابتعاد عن الوقود الأحفوري.

والسعودية أكثر احتياجاً لاستقرار الأسعار من أجل تنفيذ مشروعات محلية ضخمة يقودها إلى حد كبير صندوقها السيادي للثروة.

وقال دبلوماسي أجنبي في الرياض عن خلاف "أوبك": "يمكنك الآن أن ترى مواجهة وجهاً لوجه، والإمارات تضرب بما يفوق طاقتها... هذه هي المرة الأولى التي يتبادل فيها البلدان الاتهامات علناً وبلهجة شديدة".

وأكد الأكاديمي البريطاني والخبير في شؤون الخليج كريستوفر ديفيدسون أنّه في حين أن القضايا الاقتصادية قد تشهد مزيداً من الخلافات العلنية، فمن المتوقع أن تواصل الرياض وأبوظبي التعامل بحذر أكبر مع المسائل السياسية للحفاظ على صورة الوحدة.

(رويترز)

المساهمون