استمع إلى الملخص
- الخبير حسام عايش يحذر من أن الاتفاقية قد تزيد التكاليف والمخاطر، مما يخلق منافسة بين المواطنين والمستثمرين الأجانب، ويشير إلى أن السعوديين يواجهون مشكلات مثل التقلبات السعرية وعدم التوازن بين العرض والطلب.
- الخبير جاسم عجاقة يرى أن الاتفاقية تسهم في استقرار السوق العقاري السعودي، متوقعاً أن يصل حجم السوق إلى 10% من اقتصاد المملكة بحلول 2030، مما يعزز جاذبيته للاستثمارات المحلية والأجنبية.
حالة من الحيرة أبداها المواطن السعودي سلمان الغامدي، من أمام لوحة إعلانات عقارية في الرياض، وهو يتأمل أسعار الشقق والفلل، متسائلاً ما إذا كان إبرام مذكرة تفاهم جديدة بين الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، إحدى الشركات التابعة لـ"صندوق الاستثمارات العامة"، وشركة بلاك روك الأميركية، سيجعل حلمه في امتلاك منزل أقرب إلى التحقق أم سيزيد الأسعار ارتفاعاً؟
هذا المشهد، الذي رصدته "العربي الجديد"، يلخص واقع الجدل الدائر حالياً في السعودية حول تأثير التوجه الجديد على سوق العقارات المحلي، والذي يأتي في وقت تسعى فيه المملكة إلى رفع نسبة تملّك السعوديين للشقق والعقارات من 63% حالياً إلى 70% بحلول عام 2030، وفقاً لبيانات رسمية نشرتها وزارة الإسكان السعودية في تقريرها السنوي الصادر في يناير/كانون الثاني الماضي.
تهدف المذكرة إلى تسريع تطوير برامج في سوق إعادة التمويل العقاري في السعودية، والتوسع عبر قنوات أسواق رأس المال المحلية والدولية، وتنويع مصادر التمويل عبر أسواق الدخل الثابت، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وتراهن حكومة المملكة على القطاع العقاري كأحد روافد التحول الاقتصادي ودعم الناتج المحلي غير النفطي، ومن المتوقع أن ترتفع مساهمة القطاع في اقتصاد المملكة إلى 10% في 2030، حسب تقدير وكالة ستاندرد آند بورز.
ارتفاع التكاليف
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاتفاقية السعودية الأميركية لتطوير سوق التمويل العقارية تهدف إلى تحسين وتجويد القطاع العقاري السعودي واستقطاب المستثمرين الخارجيين، وتفتح آفاقاً جديدة من شأنها زيادة الاستثمارات في هذا القطاع الذي ينمو ويتطور ليصبح من أكثر الأسواق العالمية إنفاقاً واستثماراً.
يضيف عايش أن خطوة كهذه تعمل أيضاً على توثيق قاعدة الاستثمار العقاري من خلال دمج المعايير العالمية مع الفرص العقارية المحلية، وتطوير برامج في سوق التمويل العقاري، والتوسع عبر قنوات أسواق رأس المال المحلية والدولية، وتنويع مصادر التمويل عبر أدوات ووسائل مختلفة.
مع ذلك، يحذّر عايش من المخاطر المترتبة على هذا التطور، حيث يصبح القطاع العقاري السعودي عرضة لأي هزة عالمية قد تؤثر على هذه السوق، مشيراً إلى أن نسبة تملّك السعوديين للشقق والعقارات ارتفعت من حوالي 42-43% في عام 2000 إلى 63% حالياً، فيما تهدف رؤية 2030 إلى رفع هذه النسبة إلى 70%.
يلفت الخبير الاقتصادي إلى أن التحديث في القطاع العقاري قد يؤدي إلى ارتفاع التكاليف، بما يشكل مشكلة بالنسبة للتملك العقاري في السعودية، كما قد يخلق منافسة بين المواطن السعودي والمستثمر الخارجي والوافدين، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات.
ويرى عايش أن إدخال مطورين وشركات عقارية أميركية وعالمية إلى السوق السعودي قد يعني مزيداً من التكاليف والمخاطر المتعلقة بالحصول على العقار، مبيناً أن السعوديين يعانون أصلاً من مشكلات عقارية مثل التقلبات السعرية وعدم التوازن بين العرض والطلب ومشاكل في البنية التحتية، بينما قد لا تحل الاتفاقية السعودية الأميركية لتطوير سوق التمويل العقارية هذه المشكلات.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن هناك فجوة مستمرة بين العرض والطلب في السوق العقارية السعودية.
يخلص عايش إلى أن الاتفاقية السعودية الأميركية لتطوير سوق التمويل العقارية قد لا تكون ذات تأثير كبير على تحسين قدرة المواطن السعودي على الاستفادة من الفرص العقارية المتاحة في السوق بالشكل الذي يتناسب مع دخله وتطلعاته، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة السعودية في توفير القروض ومصادر الدعم والتمويل بتكاليف منخفضة للمواطنين.
قدرات هائلة في مجال الاستثمار العقاري
في المقابل، يشير الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاتفاقية الموقعة مع شركة بلاك روك تكتسب أهمية بالغة في سوق التمويل العقاري السعودية، إذ تعد هذه الشركة واحدة من أكبر ثلاث شركات مسيطرة على الاستثمارات العالمية، ما يمنحها قدرات مالية هائلة وحضوراً قوياً لدى معظم الشركات الكبرى حول العالم.
ويلفت عجاقة إلى أن الهدف الرئيسي من هذه المذكرة هو تطوير آليات التمويل لامتلاك العقارات، مما سيؤدي إلى تحقيق نوع من الاستقرار في سوق التمويل العقاري، لافتاً إلى أن هذا الاستقرار يعتبر جوهرياً بالنسبة لسوق العقارات، خاصة مع تزايد أهميته في الاقتصاد السعودي.
كما يشير عجاقة إلى توقعات بأن يصل حجم السوق العقارية في السعودية إلى حوالي 10% من مجمل اقتصاد المملكة بحلول عام 2030، معتبراً أن ضمان استقرار التمويل سيمنح القدرة على الاستثمار في السوق العقاري السعودي، ليس فقط للسعوديين، بل للأجانب أيضاً.
ويصف عجاقة السوق العقارية السعودية بأنها واعدة، خاصة مع وجود مشاريع كبرى مثل نيوم، موضحاً أن تحقيق الاستقرار في هذا السوق على المدى المتوسط إلى الطويل سيكون ممكناً إذا تم ضمان استدامة التمويل من خلال قنوات متعددة.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن آلية التمويل ستعتمد بشكل أساسي على الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، وذلك من خلال الأسواق المالية سواء داخل المملكة أو على الصعيد الدولي، معتبراً أن هذا التوجه يشير إلى تحديث وتطوير السوق العقاري في المملكة.
تنقسم الاقتصادات العالمية إلى نوعين: اقتصاد يعتمد على التمويل من القطاع المصرفي، وآخر يعتمد على التمويل من الأسواق المالية. جميع الاقتصادات الحديثة تتجه نحو التمويل من الأسواق المالية، وهو ما يبدو أن السعودية تسير نحوه بخطى ثابتة، بحسب عجاقة.