أعلنت المملكة العربية السعودية، أنها منحت تراخيص إلى 44 شركة عالمية لإنشاء مقرات إقليمية في العاصمة الرياض، في إطار سعي المملكة إلى أن تصبح مركزا تجارياً إقليمياً والتنافس على جذب رؤوس الأموال والمهارات الأجنبية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس"، اليوم الأربعاء، أن جرى تسليم هذه التراخيص على هامش مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض. ونقلت الوكالة عن فهد الرشيد، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، أن هذه الخطوات ستضيف 67 مليار ريال (18 مليار دولار) إلى الاقتصاد السعودي، وستوفر نحو 30 ألف فرصة عمل بحلول عام 2030.
والتراخيص الممنوحة تضم شركات متعددة الجنسيات في قطاعات، منها التكنولوجيا والأغذية والمشروبات والاستشارات والتشييد، ومنها ديلويت ويونيليفر وبيكر هيوز وسيمنس.
وقالت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، في فبراير/شباط الماضي، إنها ستمنح الشركات الأجنبية فرصة حتى نهاية 2030 لتأسيس مقرات لها أو المخاطرة بخسارة عقود حكومية، نظراً لأنها تنافس من أجل جذب رؤوس أموال ومهارات أجنبية.
وكان الرشيد قد قال إن التحرك لجذب الشركات إلى السعودية لا يهدف إلى تفكيك عمليات الشركات في أماكن أخرى. وهذا الاتجاه هو جزء من مبادرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرامية إلى تحويل المملكة إلى مقر أعمال إقليمي.
وقالت مصادر، الشهر الماضي، إن شركات إعلام سعودية تتخذ من دبي مقرا بدأت نقل موظفيها إلى الرياض. ويعد المقر الإقليمي كياناً تابعاً لشركة عالمية، يؤسس بموجب الأنظمة المطبقة في السعودية لأغراض الدعم، والإدارة، والتوجيه الاستراتيجي لفروعها وشركاتها التابعة العاملة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق ما نقلت "واس".
واعتبر كثيرون الخطوة تحدياً مباشراً لدبي، الإمارة الثرية التي تعرَف بأنها مركز الأعمال في المنطقة ومقرّ العديد من الشركات الأجنبية، وفق تقرير لوكالة فرانس برس، اليوم.
وقال وزير الاستثمار خالد الفالح، لفرانس برس، إن السعودية تطمح إلى أن تنتقل "معظم الشركات الكبرى العالمية" إلى الرياض، مضيفا: "لدينا هدف قصير المدى أن نصل إلى 400 أو 500 شركة، لكن ليس هناك سقف". وتابع: "كلما زاد عدد الشركات استفادت هذه الشركات واستفادت المملكة من نقل التقنيات والمعرفة والفرص الاستثمارية".
ومن الحوافز التي ستمنحها الرياض للشركات الأجنبية فرض ضريبة شركات بقيمة صفر في المائة لخمسين عاماً، وإعفاء مدته عشر سنوات من سياسة "سعودة" العمل لتوظيف سعوديين، ومعاملة "تفضيلية" في العقود الحكومية، على ما جاء في وثيقة، وفق فرانس برس.
وقال الفالح إنّ "الفوائد المباشرة وغير المباشرة من تواجد الشركات (في السعودية) يصل إلى 170 مليار ريال (45 مليار دولار)". وتضع السلطات حاليا اللمسات الأخيرة قبل إطلاق مركز الملك عبد الله المالي في قلب الرياض، وهو مشروع ضخم يضم عدة ناطحات سحاب بلغت قيمته مليارات الدولارات وتم الإعلان عنه في 2006.
ويرى خبراء أنّ السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، منخرطة بالفعل في منافسة اقتصادية محتدمة مع دبي. لكنّ الفالح تحدث عن "تكامل" مع الإمارات، قائلا إنه "إن كانت هناك منافسة فهي منافسة خلاقة مفيدة للطرفين.. الكل سيستفيد من النمو والانفتاح".
وبجانب إجراءات تحفيز الشركات العالمية على إنشاء مقرات إقليمية في الرياض، غيرت السعودية، في يوليو/تموز، قواعد الاستيراد من بقية بلدان دول مجلس التعاون الخليجي، لاستبعاد سلع منتجة في مناطق حرة أو تستخدم مكونات إسرائيلية من الامتيازات الجمركية التفضيلية، في خطوة اعتُبرت تحدياً لمكانة الإمارات كمركز إقليمي للتجارة والأعمال.
وتستبعد القواعد التجارية السعودية الجديدة من الاتفاق الجمركي لمجلس التعاون الخليجي، سلع الشركات التي تقل نسبة العاملين المحليين فيها عن 25% من قوة العمل، الأمر الذي يعد مشكلة لبلد مثل الإمارات، حيث إن معظم السكان من الأجانب.
كما تنص القواعد الجديدة أيضا على أن كافة السلع المنتجة في المناطق الحرة بالمنطقة لن تعتبر محلية الصنع، وهو ما يمثّل ضربة للإمارات التي تعد المناطق الحرة من المحركات الرئيسية لاقتصادها، وفق تقرير سابق لوكالة رويترز.