تشهد سوق الأثاث والمفروشات في الجزائر ركوداً كبيراً بسبب الأزمة الاقتصادية وتحجيم الواردات التي عصفت بآمال التجار في انتعاش نشاطهم خلال فترة الصيف التي تعرف عادة تحركا في المبيعات. وأضحت محلات ومعارض بيع الأثاث خاوية من الزبائن، فبالكاد يبيع التجار قطعا قليلة من الأثاث على فترات متباعدة، وسط حالة ركود ممتدة منذ قرابة 3 سنوات، حسب تجار تحدثوا لـ"العربي الجديد".
أسباب ضعف المبيعات
التاجر عز الدين رحيالي، يقول إن "الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر وتهاوي الدينار وغلق الاستيراد، عوامل أثرت بشكل كبير على مبيعات كل تجار الأثاث"، مشيراً إلى أن حجم الطلبيات التي تلقاها هذا الموسم "لا تبشر بسنة مربحة إذا ما احتسبنا فواتير الإيجار ورواتب العمال (3 عمال)".
وأرجع التاجر الجزائري خلال حديثه لـ"العربي الجديد" هذا الركود في المبيعات إلى "تدهور القدرة الشرائية للجزائريين، فمع انهيار الدينار وارتفاع التضخم لم يعد المواطن يغير أثاثه كل سنة أو سنتين كما في الماضي". "ومما زاد الطينة بلة بالنسبة لتجار الأثاث في الجزائر، هو لجوء الحكومة الجزائرية إلى منع استيراده إلى تاريخ غير مسمى، وهذا الإجراء قلص المعروض وأدى بالأسعار إلى الارتفاع إلى مستويات لا تتحملها جيوب المواطنين المنهكة أصلا بغلاء المعيشة"، حسب التاجر الجزائري.
وقف الاستيراد سلاح ذو حدين
وإلى ذلك، قال مدير صالون الأثاث في الضاحية الشرقية من العاصمة الجزائرية يحيى قاسي السعيد إن "منع الاستيراد سلاح ذو حدين، فمن جهة سيشجع الإنتاج المحلي ومن جهة ثانية يؤثر على مبيعات التجار، فالأثاث الصيني أو التركي والمصري أشعل المنافسة مع الأثاث المصنوع محليا وخلق تنافسية في الأسعار استفاد منها التجار والمواطنون، إلا أنه ومنذ منع الاستيراد قل المعروض وارتفع سعر الأثاث المحلي، ما أثر على تجارتنا، لأن المواطن اعتاد أن يشتري أثاثا مستوردا بأثمان أقل من ثمن المحلي".
وأضاف السعيد متحدثا لـ"العربي الجديد"، أن "التجار كانوا يراهنون على موسم الصيف الذي تكثر فيه الأفراح ويفضله الجزائريون لتغيير أثاثهم، إلا أن الملاحظ بعد دخول قرب نهاية شهر يونيو/ حزيران أن آمال التجار عصفت بها أزمتا الدينار والاستيراد معا".
دعم الإنتاج المحلي
وأمام هذه الوضعية، يرى العاملون في هذا القطاع أن الحل الأمثل للخروج من الأزمة يكمن في رفع القيود المفروضة على المستثمرين والمنتجين من أجل دعم الإنتاج المحلي وضخ دماء جديدة في شريان تجارة الأثاث. وفي السياق، أكد رئيس جمعية متعاملي قطاع الأثاث في الجزائر شريف بعزيز أن "الإنتاج المحلي يمثّل أقل من 10 بالمائة في السوق الوطنية، ويتم عبر ورشات وليس مصانع. وأضاف المتحدث نفسه أن "متعاملي قطاع الأثاث راسلوا وزارة الصناعة بخطابات تطالب بفتح مناطق صناعية لإنتاج الأثاث بالإضافة إلى رفع البيروقراطية المفروضة على من يريد الاستثمار في القطاع".
ولفت شريف بعزيز، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "تجميد استيراد الأثاث دفع بحوالي 140 مستوردا في هذا المجال إلى التحوّل لإنتاج الأثاث محليا". وأوضح أن المطلوب استقرار المنظومة القانونية والتشريعية والقضاء على البيروقراطية وتأهيل المنظومة المصرفية.
ولا تزال الحكومة متمسكة بتجميد استيراد الأثاث على غرار مواد أخرى كثيرة، حيث وجهت الجمعية المهنية للبنوك مراسلة إلى جميع البنوك الجزائرية تبلغها فيها بعدم توطين أموال استيراد 11 منتجا، على غرار أدوات الصرف الصحي والمحوّلات الكهربائية والرخام النهائي والطوب والسجاد والصابون وكافة المنتجات والمستحضرات العضوية والمنتجات البلاستيكية والأثاث الخشبي والثريات.
وتضاف هذه القائمة إلى قائمة تضم آلافا من المنتجات التي ألزمت وزارة التجارة المستوردين بوضع طلب لدى وكالة ترقية التجارة الخارجية من أجل أخذ الضوء الأخضر لاستيرادها أو لا، في إجراء رفضه المستوردون لأنه يكلفهم خسارة في الوقت والأموال.
وتعاني الحكومة من أزمة مالية خانقة دفعتها إلى اتخاذ العديد من الإجراءات، وأبرزها تقليص فاتورة الاستيراد المتضخمة، من أجل الحد من العجز وتخفيف الطلب على الدولار بهدف حماية العملة المحلية التي شهدت انخفاضاً كبيراً أمام العملات الأجنبية خلال الفترة الماضية.