الرقص مع الصواريخ... الحرب تبعثر جداول شركات الطيران مجدداً

26 اغسطس 2024
ينتظرون إعادة جدولة رحلاتهم في مطار بن غوريون، تل أبيب، 14 إبريل 2024 (نير كيدار/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تصعيد أمني بين إسرائيل وحزب الله:** شهدت الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة تصعيدًا خطيرًا، حيث أعلنت إسرائيل عن غارات استباقية، بينما نفى حزب الله هذه الادعاءات.
- **إلغاء وتأجيل الرحلات الجوية:** التوترات أدت إلى إرباك كبير في جداول الرحلات الجوية، مما اضطر شركات الطيران إلى تأجيل وإلغاء العديد من الرحلات في مطاري بن غوريون ورفيق الحريري.
- **تأثيرات على السياحة والاقتصاد:** الاضطرابات أثرت على النشاط السياحي وحركة السفر، حيث علقت العديد من شركات الطيران الأجنبية عملياتها، مما زاد من تكاليف التشغيل والخسائر للمسافرين.

مرة جديدة تدفع شركات الطيران والمسافرون على متن رحلاتها ثمن الإرباك الذي يلحق بجداولها النظامية نتيجة التوترات المفاجئة التي تطرأ بين حين وآخر وهذا ما حدث على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة فجر الأحد.

مع بزوغ فجر يوم الأحد استفاق اللبنانيون، مثل الإسرائيليين، على سيل من الأخبار العاجلة الموزعة على سرديتين؛ الأولى من تل أبيب حول غارات استباقية شنتها 100 مقاتلة حربية لاحتواء هجوم محتمل من حزب الله، دمرت بنتيجتها آلاف المنصات الصاروخية، وتصريح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في مستهل اجتماع المجلس الوزاري السياسي الأمني الذي عقد في مقر وزارة الحرب في تل أبيب الأحد، عن رصد استعدادات حزب الله لمهاجمة إسرائيل، وإصداره، بالتشاور مع وزير الدفاع ورئيس الأركان، تعليمات إلى جيش الاحتلال بالتحرك استباقاً لإزالة التهديد.

والسردية الثانية من حزب الله نفسه الذي أعلن في بيان أن "ادعاءات العدو حول العمل الاستباقي... وتعطيله هجوم ‏المقاومة هي ‏ادعاءات فارغة وتتنافى مع وقائع الميدان"، مشيراً إلى "إطلاق جميع المسيّرات الهجومية في الأوقات المحددة لها ومن جميع مرابضها، ‏وقد عبرت ‏الحدود اللبنانية - الفلسطينية باتجاه الهدف المنشود ومن مسارات متعددة، وبالتالي تكون عمليتنا العسكرية لهذا ‏اليوم قد تمت وأنجزت".

وبصرف النظر عن مجريات التطورات الكبيرة الأحد، فإن الثابت الوحيد أن التصعيد كان خطيراً، وأنتج حالة إرباك مقلقة في أوساط صناعة القرار في شركات الطيران العربية والعالمية التي اضطُرت مجدداً إلى تأجيل رحلات وإلغاء أُخرى، سواء أكان على الجانب اللبناني أم الإسرائيلي، والنتيجة تكاليف إضافية تتكبدها الشركات وخسائر يتحملها أيضاً المسافرون، نتيجة ارتفاع أسعار التذاكر والتأمين الجوي والاضطراب المزمن الذي يفرض عليها تغييرات مستمرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واحتدام المواجهات مع حزب الله شمالاً اعتباراً من الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفيما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بانهيار تعرض له الموقع الإلكتروني لمطار بن غوريون بسبب العبء الزائد، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أُخرى أنه تم إلغاء 50 رحلة من هذا المطار.

وبحسب صحيفة كالكاليست، فإن إغلاق المجال الجوي في إسرائيل لمدة ساعة و40 دقيقة صباح الأحد، كان كافياً لإحداث فوضى في جدول الرحلات الجوية، حيث أعلنت عدة شركات أجنبية تعليق الرحلات الجوية من الكيان وإليه، ومنها "طيران الاتحاد" التابعة لحكومة أبوظبي، "طيران الإمارات" التابعة لحكومة دبي، الخطوط الجوية الفرنسية (إيرفرانس)، "إيجين" اليونانية، "ترانسافيا" الهولندية، "كورندون" التركية والخطوط الجوية الإثيوبية.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن هيئة البث العبرية الرسمية تصريحها بأن 10 شركات طيران أجنبية ألغت صباح الأحد رحلاتها من إسرائيل وإليها عقب التصعيد جنوب لبنان.
وفي هذا الصدد، أعلن مدير مطار بن غوريون أودي بار أوز، إلغاء 50 رحلة جوية من بين 360 رحلة دولية، يوم الأحد، بالإضافة إلى تأجيل عشرات الرحلات من المطار الإسرائيلي، وقامت كثير من شركات الطيران الدولية بتجنب استخدام المجال الجوي لإسرائيل، مضيفاً في تصريحات، نقلها موقع "يديعوت أحرونوت"، أن "قرار تأجيل بعض رحلات الوصول والمغادرة جاء بتوجيه من السلطات الأمنية"، مشيراً إلى أن المطار يعمل على تثبيت جدول الرحلات، مناشداً المسافرين التواصل مع شركات الطيران للتحقق من موعد رحلاتهم قبل انطلاقها بثلاث ساعات.

وفي السياق نفسه، أفادت القناة 12 العبرية، صباح الأحد، بأن عشرات الرحلات ستؤجل أو تلغى تماماً رغم استئناف العمل في مطار بن غوريون، ونقلت عن مصادر في قطاع الطيران قولها إن "عودة الحركة إلى طبيعتها لن تكون فورية بسبب تعطل جدول الرحلات بالكامل"، مشيرة إلى أن شركة الطيران اليونانية "إيجين" التي استأنفت الأسبوع الماضي رحلاتها بين تل أبيب وأثينا، أعلنت الأحد إلغاء رحلاتها مجدداً.

رسمياً، أعلنت سلطات الطيران المدني في إسرائيل استئناف حركة الإقلاع والهبوط في مطار بن غوريون بتل أبيب، بعد تأخيرها صباح الأحد. وأكد المتحدث باسم هيئة الطيران المدني، روي شتاينمتز، استئناف العمل في مطار بن غوريون "اعتباراً من الساعة السابعة (الرابعة فجراً بتوقيت غرينتش)، بما يشمل الإقلاع والهبوط"، مشيراً إلى أن "الطائرات التي تمّ تحويلها إلى مطارات أخرى، ستعاود الإقلاع باتجاه بن غوريون"، وفقاً لما أوردت وكالة فرانس برس.

ورغم أن مطار بن غوريون افتتح للعمليات العادية في وقت مبكر اعتباراً من السابعة صباحاً، لكن، بحسب "كالكاليست"، كانت هناك اضطرابات واسعة النطاق، حيث دعت هيئة المطارات المسافرين إلى تحديث بيانات تذاكرهم قبل الوصول إلى كيان الاحتلال في ما يتعلق برحلتهم المخطط لها على متن الشركات الأجنبية التي كانت في طريقها إلى مطار بن غوريون ثم حطت استثنائياً في مطارات أخرى، منها القاهرة ولارنكا وأثينا، نتيجة عدم الوضوح بشأن تطور الوضع الأمني.

بدورها، قالت شركة "العال" الإسرائيلية إنها تعمل "على استقرار جدول الرحلات في أقرب وقت ممكن، نوصي الركاب بالتحقق من وقت المغادرة المحدث على موقعي شركة العال وهيئة المطار قبل المغادرة إلى المطار". وبحسب الشركة، بدأت رحلاتها الصباحية اعتباراً من الساعة العاشرة صباحاً بالإقلاع نحو وجهاتها في العالم.

ونقلت "كالكاليست" عن شركة "يسرائير" أنه "بسبب الوضع الأمني، سيكون هناك تعطيل للرحلات الجوية بشكل عام وتلك التي تشغلها الطائرات المستأجرة بشكل خاص"، في إشارة إلى الطائرات التي تستأجرها الشركة من شركات أجنبية وتشغلها طواقم أجنبية. ووفقاً للشركة، تنبع بعض هذه الاضطرابات من مخاوف الشركات الأجنبية من الوصول إلى إسرائيل، مضيفة: "نحن على اتصال مع الشركات الأجنبية من أجل عودة سريعة إلى الحياة الطبيعية، وفي الوقت نفسه نبذل قصارى جهدنا لإيجاد حلول للمسافرين الذين تأخرت رحلاتهم بسبب الوضع".

اضطراب السياحة نتيجة إلغاء شركات الطيران رحلاتها 

انعكست البلبلة في الرحلات على النشاط السياحي في الكيان بطبيعة الحال، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة "أوفاكيم للسياحة" ريفيتال بن ناتان صباح الأحد، إن "وكلاءنا يتلقون عشرات المكالمات الهاتفية من العملاء بسبب عدم اليقين بشأن رحلاتهم المخططة. وعلى عكس إلغاء الرحلات السابقة، لا يتعجل المسافرون في إلغاء رحلاتهم ويبحثوا عن طرق بديلة، علماً أن هذا هو الشهر الأكثر ازدحاماً من حيث السفر، في حين أن إغلاق المطار، إلى جانب إلغاء الرحلات الجوية، له تأثير على الكثير من الركاب سواء أكان في ما يخص أولئك الذين من المفترض أن يقلعوا أم أن يهبطوا في إسرائيل".

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية حالة التأهب القصوى التي أعلنتها إسرائيل قبل أكثر من ثلاثة أسابيع استعداداً لتنفيذ تهديدات إيران وحزب الله بشن هجوم انتقامي واسع النطاق عليها، علقت العشرات من شركات الطيران الأجنبية عملياتها في فلسطين المحتلة. وتشمل هذه الشركات مجموعة الخطوط الجوية الألمانية "لوفتهانزا" وشركات الطيران الأميركية "أميركان إيرلاينز" و"يونايتد ودلتا"، التي أخرت بشكل متكرر خلال الأسابيع القليلة الماضية عودتها إلى عملياتها في إسرائيل.

وعلى الجانب اللبناني بدا مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت أقل تأثراً، لكنه نال نصيباً من اضطراب الرحلات الجوية أيضاً. فقد أكدت المديرية العامة للطيران المدني اللبناني التابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل، تعديل مواعيد بعض الرحلات المحدودة من بيروت وإليها، نافية بعض الأنباء المتداولة في بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية عن إلغاء كل الرحلات عبر هذا المرفق الجوي الاستراتيجي والوحيد في لبنان. وجاء في نص البيان أن "لا صحة لما يتم تداوله حول إلغاء جميع الرحلات... وإنما هناك تأجيل لبعض الرحلات والمطار يعمل بشكل طبيعي".

وفي السياق، أوردت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية أن شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية علقت رحلاتها من بيروت وإليها الأحد "نتيجة الوضع الراهن" من دون توضيح إطار زمني محدد لتعليق الرحلات، فيما نقلت "رويترز" عن مسؤولين قولهم إن المجال الجوي الأردني لا يشهد أي إرباك.

من جانبها، قررت الخطوط الفرنسية "إير فرانس" تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت "حتى غد الاثنين على الأقل"، بعد تفاقم حدة التوتر بين إسرائيل ولبنان، وفق ما أفاد مصدر في الشركة لوكالة فرانس برس الأحد. وأوضح ممثل الشركة أنه بسبب الوضع "تم إلغاء رحلات اليوم وغداً" مشيراً إلى احتمال تمديد ذلك. وأضاف أنه سيتم "تقييم الوضع" من جديد الاثنين.

المساهمون