الرقة السورية: تضاعف تكاليف المعيشة مع قفزة الدولار

07 نوفمبر 2022
موجات غلاء أصابت مختلف السلع (أسامة الخلف/ العربي الجديد)
+ الخط -

أدت التقلبات في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، والارتفاع المتكرر خاصة في السوق السوداء، إلى زيادة الضغط الاقتصادي على العوائل في مدينة الرقة شمالي سورية، ورفعت تكاليف المعيشة مؤخراً لمستويات قياسية لم يشهدها السكان منذ عقود.

مؤخراً ارتفع سعر صرف الدولار ليبلغ نحو 5200 ليرة، وقد نجم عنه ارتفاع في قيمة المبيعات والمشتريات من السلع والمنتجات كافة بشتى أنواعها (الصناعية والزراعية والاستهلاكية والبقوليات والخضار والفواكه).

ولا تكفي الرواتب المحدودة بالنسبة للموظفين في المنطقة لسد متطلبات الأسر المتوسطة، كون تضخم الأسعار يبتلع أي زيادة في الأجور، وينهي أي فرصة انتعاش اقتصادي لهذه الأسر، ويضعها بشكل مستمر تحت تقنين مصاريف، وهذا التقنين لا يسمح إلا بشراء أساسيات الطعام، ويضع الإنفاق في حده الأدنى. 

قفزة الدولار 

يرى المواطن أحمد الموسى (40 عاماً) الذي يقيم في مدينة الرقة أنّ المعيشة في الوقت الحالي هي الأصعب منذ عقود، خاصة لذوي الدخل المحدود "موظفين ومعلمين"، بعد الارتفاع الخطير في أسعار الصرف، كما يخبر "العربي الجديد"، حيث اقترن كل شيء بسعر صرف الدولار، وراتبه كمدرس يساوي حالياً 260 ألف ليرة (53 دولاراً) ولا يكفي في ظل ارتفاع الأسعار المستمر.

ولفت إلى أن المواطن لا يمكنه اللحاق بركب الأسعار، فالخضار ارتفع سعر منها الكيلو بما يعادل 300 ليرة (0.06 دولار)، مضيفاً "في الواقع ونحن بالذات طبقة الموظفين والمعلمين رواتبنا لا تتعدى 50 دولاراً، وهو ما يجعلنا دون خط الفقر".

وحسب مراقبين، بمعدل وسطي، تحتاج العائلة المكونة من خمسة أفراد لمصروف شهري يعادل 1.5 مليون ليرة (300 دولار) لتأمين متطلبات الحياة اليومية الأساسية، من غذاء، أما الخدمات من ماء وكهرباء واتصالات فتصل التكلفة الشهرية فيها إلى نحو 400 ألف ليرة سورية (80 دولاراً)، عدا الطبابة والمواصلات، ليقارب مصروف العائلة الشهري مليوني ليرة (400 دولار).

يضاف إليها مبلغ يتراوح ما بين 75 و150 دولاراً إيجاراً للمنزل في حال لم يكن البيت مملوكاً من قبل الأسرة، ليقدر بذلك المصروف الشهري للأسرة بنحو 500 دولار، وهذا المبلغ يعادل في الوقت الحالي نحو 2.5 مليون ليرة، لتكون الفجوة ضخمة ما بين المدخول ومتطلبات الحياة.

رواتب ضعيفة

ضياء الحسن (35 عاماً)، وهو صاحب بقالة في حي الفرات الشعبي بالرقة، يقول لـ"العربي الجديد": "الوضع سابقاً كان أفضل حالاً، إذ كانت أرباح البقالة أكثر وأوفر، كون المشتريات من محلات ومستودعات الجملة بالليرة السورية، لكن منذ ثلاث سنوات ومنذ انهيار سعر الصرف وربط جميع المشتريات من بقالة وسمانة ومنظفات وخلافه بالدولار فقد تفاوتت الأسعار بالبيع في البقاليات، ولا نستطيع تثبيت أي سعر كونه مقترناً ومشترى بالدولار حصراً".

كذلك أضاف الحسن: "الفرات هو حي شعبي والحال المعيشي في الأحياء الشعبية كافة متقاربة، فأغلب السكان إما موظفون أو عمال أو فلاحون وبرواتب ويوميات قليلة مقارنة بالوضع المعيشي الصعب، فنضطر دوماً للتبرير بالدولار المرتفع".

الحوالات الخارجية

يعتمد الكثير من العوائل في الدخل على الحوالات الخارجية، كون العائدات من العمل في الرقة شحيحة ولا تسد حاجة الأسرة، وهذا ما يشير إليه محمد أبو عبد الرحمن خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، لافتاً إلى أنه يعتمد بشكل أساسي على حوالات خارجية يرسلها ابناه المقيمان في ألمانيا، فإلى جانب عمله يتراوح المبلغ الشهري المرسل إليه ما بين 200 و300 دولار، وهو مبلغ كافٍ كدخل لأسرته في الوقت الحالي، إلى جانب ما يجنيه من دخل في مدينة الرقة.

وقال: "تدبير دخل العائلة الشهري مستحيل دون الاعتماد على ولديّ في الخارج، حالياً أعتمد بنحو 80 إلى 90 بالمائة على ما يرسل من قبلهما كدخل للأسرة، طبعاً نعيش كمعظم العوائل على متطلبات الحياة الأساسية فقط ونحاول ضغط المصاريف".

ونتيجة لعدم استقرار الصرف في مدينة الرقة، دخلت أسواق المدينة بحالة من الجمود مع تراجع حركة البيع والشراء للحد الأدنى، وهذا ما أدى إلى التسعير الحصري بالدولار وعدم البيع بالليرة السوري، بالإضافة إلى شح في المواد الواردة إلى الرقة، وجمركتها من قبل أطراف الصراع (النظام السوري، الإدارة الذاتية، فصائل الجيش الوطني)، مما انعكس سلباً على المستوى المعيشي للسكان.

 

المساهمون