بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اليوم الخميس، زيارة لولاية تندوف أقصى الجنوب على الحدود مع موريتانيا، في ثاني زيارة له يقوم بها للداخل منذ وصوله إلى سدة الحكم نهاية عام 2019.
ومن المقرر أن يعلن تبون إطلاق مشاريع اقتصادية حيوية بالنسبة إلى الاقتصاد الجزائري، أبرزها استغلال أكبر منجم للحديد، والطريق البري الرابط بين الجزائر وموريتانيا.
ورغم الأبعاد السياسية التي قد تأتي في سياقها زيارة الرئيس لمنطقة تندوف، خصوصاً كونها تحتضن مخيمات اللاجئين الصحراويين ومقارّ جبهة البوليساريو، فإن الرئاسة أعطت الزيارة بُعداً اقتصادياً. إذ يأتي على رأس المشاريع الاقتصادية بالغة الأهمية التي تجري معاينتها خلال هذه الزيارة، مشروع استغلال المنجم الضخم للحديد غار جبيلات، الذي يُعد من بين أكبر مخزونات الحديد في العالم باحتياطي 3 مليارات طن، وكانت الجزائر قد بدأت قبل فترة قصيرة أولى عمليات التفجير لإجراء الاختبارات اللازمة لاستغلاله، وكان الاتفاق مع مجمع صيني، نهاية العام الماضي، لبدء عمليات الاستغلال.
وتقدَّر تكلفة المشروع بنحو 15 مليار دولار، وتُنفَّذ مراحل الاستغلال على 3 مراحل، تنتهي الأولى خلال عام 2024، وتُنجَز خلالها البنية التحتية لمشروع ووحدة نموذجية للإنتاج، لتبدأ المرحلة الثانية حتى 2027، التي سيُنتَج خلالها ما بين مليونين إلى 4 ملايين طن من خام الحديد.
أما خلال مرحلة الإنتاج الثالثة، فتتوقع الحكومة إنتاج 50 مليون طن من الحديد سنوياً، وقبل أشهر وُقِّع اتفاق شراكة بين "المؤسسة الجزائرية للحديد والصلب" و"الشركة التركية للحديد والصلب"، لإنشاء وحدة إنتاج مركزات خام الحديد في ولاية بشار جنوبيّ الجزائر، بداية من سبتمبر/أيلول المقبل.
وكان استغلال هذا المنجم الضخم قد تعطل منذ 4 عقود، نتيجة الأوضاع المرتبطة بالنزاع في منطقة الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، حيث كانت الجزائر والمغرب قد وقّعتا عام 1972 اتفاق شراكة في المنجم وإنشاء شركة مختلطة، لكن التوترات السياسية واندلاع مشكلة الصحراء ابتداءً من عام 1974، أسقطا الاتفاق قبل أن تقرر الجزائر إعادة استغلال المنجم.
في السياق، سيعاين الرئيس مشروع إنجاز سكة حديد بطول 700 كيلومتر تربط بين منجم غار جبيلات ومنطقة بشار قرب حدود المغرب، حيث كان مجلس الوزراء الجزائري قد صدّق قبل أسبوعين على صفقة لشركة صينية لإنجاز خط السكة الحديدية.
وأعطى الرئيس تبون تعليمات بتقليص آجال المشروع، وإنجاز ما بقي من مشاريع خطوط السكك الحديدية، وتقصير مدة الإنجاز إلى أقل فترة ممكنة والاستعانة بشركات دولية لتنفيذه.
ويُعَدّ المعبر الحدودي بين الجزائر وموريتانيا عند نقطة التقاء الحدود بين البلدين في منطقة تندوف، ومشروع الطريق البري الذي يربط مدينة تندوف الجزائرية بمدينة الزويرات الموريتانية، بطول 775 كيلومتراً، محطة ثالثة في زيارة تبون لتندوف، وهو طريق يمثل أولوية اقتصادية واستراتيجية بالنسبة إلى الجزائر، حيث سيسهم في تشجيع حركة التجارة وتدفق البضائع وحركة الأفراد والمركبات.
وسبق أن تمّ الاتفاق بين الجانبين في ديسمبر/كانون الأول 2021، خلال زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني للجزائر، على إنجاز الطريق الصحراوي الرابط بين تندوف والزويرات. وفي فبراير/شباط 2022 كان التوقيع على بدء الدراسات العملية لتنفيذه، حيث تتولى شركات جزائرية إنجازه.