الذهب إلى مستوى قياسي جديد.. هل يكون وجهة المستثمرين القادمة؟

الذهب إلى مستوى قياسي جديد.. هل يكون وجهة المستثمرين القادمة؟

21 مارس 2024
الذهب يواصل تسجيل المستويات القياسية (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- ارتفاع أسعار الذهب لمستويات قياسية فوق 2200 دولار للأوقية، مدفوعًا بتجاهل مجلس الاحتياط الفيدرالي للتضخم وتوقعات بخفض أسعار الفائدة.
- توقع استمرار الطلب القوي على الذهب من البنوك المركزية والمستهلكين، خاصة في الصين والهند، مما يعزز من مكانته كاستثمار آمن.
- الرؤية المستقبلية للذهب تبقى إيجابية بفضل توقعات بخفض الفائدة الأمريكية، مما يجعله أكثر جاذبية مقارنة بالأصول ذات الدخل الثابت.

حلق محبو الاستثمار في الذهب مرة أخرى مع ارتفاع أسعاره إلى مستوى قياسي جديد، متجاوزة مستوى 2200 دولار للأوقية، بعد أن تجاهل مجلس الاحتياط الفيدرالي العديد من تقارير التضخم الأكثر سخونة من المتوقع، وأعاد تأكيد توقعاته لثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة، قبل نهاية العام الحالي.

وتراجع سعر الذهب بصورة طفيفة مع انتصاف تعاملات الخميس، من أعلى مستوى وصل إليه على الإطلاق عند 2223 دولاراً أميركياً، والذي سجله في التعاملات الآسيوية المبكرة من اليوم ذاته، رغم الضعف المستمر في الدولار الأميركي وعوائد سندات الخزانة الأميركية، وهي إشارات تدعم عادة التوجه لشراء المعدن النفيس. لكن على المدى البعيد، ما زالت الرؤية إيجابية، بسبب توقعات خفض الفائدة الأميركية على مدار السنوات القليلة القادمة، وفقاً لتصريحات جيروم باول، رئيس المجلس الفيدرالي، يوم الأربعاء.

وقال أكاش دوشي، رئيس أبحاث السلع في أميركا الشمالية في سيتي، لشبكة "سي أن بي سي" الاقتصادية، إن الأسعار قد ترتفع إلى 2300 دولار للأوقية في النصف الثاني من عام 2024، خاصة على خلفية التوقعات بأن مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي قد يخفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من عام 2024. وأضاف: "مع انخفاض أسعار الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالأصول ذات الدخل الثابت، مثل السندات، والتي من شأنها أن تدرّ عوائد أضعف في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة".

ولم يتغير متوسط ​​مخطط المجلس الفيدرالي لعام 2024، على الرغم من زيادة بنسبة 0.2% في متوسط ​​تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي لعام 2024. وقد اعتبرت الأسواق هذا أمراً متشائماً، مما أدى إلى ازدراء الدولار في الأسواق، ودفع سعر الذهب إلى خامس مستوى قياسي يسجله في شهر مارس/آذار فقط.

وأبقى مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير بين النطاق المستهدف 5.25% إلى 5.50% يوم الأربعاء، مع تأكيد رئيسه جيروم باول أن قراءات التضخم المرتفعة الأخيرة لم تغير "القصة" الأساسية للتخفيف البطيء لضغوط الأسعار في الولايات المتحدة.

وتراهن الأسواق الآن على احتمال بنسبة 75% بأن يبدأ مجلس الاحتياط الفيدرالي سياسة التيسير النقدي في يونيو/ حزيران، ارتفاعاً من 59% يوم الثلاثاء، وفقاً لأداة متابعة المجلس الفيدرالي التابعة لمجموعة CME.

وتبقى مؤشرات مديري المشتريات الأولية الأميركية من S&P Global وFedspeak موضع التركيز خلال الفترة القادمة، للحصول على دعم جديد لسعر الذهب، إلا أن أغلب المحللين يرون أن هناك مجالاً للمزيد من المستويات القياسية الجديدة، خاصة مع استمرار البنوك المركزية في شراء السبائك بكميات قياسية.

وتوقعت شركة الخدمات المالية الأسترالية "ماكواري" أيضاً تسجيل أسعار الذهب مستويات مرتفعة جديدة في النصف الثاني من العام. ورغم الاعتراف بأن المشتريات المادية للذهب أدت إلى ارتفاع الأسعار، فإن الاستراتيجيين في الشركة أرجعوا، في مذكرتهم المؤرخة في السابع من مارس/آذار، الارتفاع الأخير في الأسعار بمقدار 100 دولار إلى "عمليات شراء كبيرة للعقود الآجلة".

وقال شاوكاي فان، الرئيس العالمي للبنوك المركزية بمجلس الذهب العالمي: "البنوك المركزية، التي اشترت مستويات تاريخية من الذهب على مدى العامين الماضيين، ستظل مشترياً قوياً في عام 2024 أيضاً".

وفي إطار دعم عملاتها في الأوقات المضطربة، تميل البنوك المركزية إلى تنويع احتياطياتها وشراء الذهب لتحسين القوة المتصورة للاقتصاد والعملة، ما جعلها أكبر حائزي المعدن الأصفر على مر العصور. ويرى كثير من الاقتصاديين أن احتياطيات الذهب المرتفعة تعد مصدر ثقة لملاءة الدولة.

وأضافت البنوك المركزية 1136 طناً من الذهب، بقيمة تقدر بنحو 70 مليار دولار، إلى احتياطياتها في عام 2022، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي، فيما اعتبر أعلى عملية شراء سنوية منذ بدء السجلات. وتعمل البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند وتركيا على زيادة احتياطياتها من الذهب بصورة متسارعة، خلال السنوات الأخيرة.

وقال مراقبو السوق إن هذه المشتريات عززت أسعار الذهب على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار.

وتعد الصين المحرك الرئيسي لكل من طلب المستهلكين ومشتريات البنوك المركزية من الذهب، ومن غير المرجح أن تتباطأ مشتريات ثاني أكبر اقتصاد في العالم من الذهب خلال الفترة القادمة.

وأظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن بنك الشعب الصيني كان أكبر مشتر للذهب في عام 2023. وقال المجلس إن الاقتصاد الضعيف في الصين والقطاع العقاري المحاصر دفعا أيضاً المزيد من المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن، مع بقاء الاستثمار الفردي في الذهب قوياً.

الصورة
المركزي الصين أكبر مشتريي الذهب في 2023 (مجلس الذهب العالمي)
"المركزي الصين" أكبر مشترٍ للذهب في 2023 (مجلس الذهب العالمي)

وكان البنك المركزي البولندي ثاني أكبر مستهلك صاف للذهب، حيث استحوذ على 130 طناً من السبائك في عام 2023.

وقال راندي سمولوود، الرئيس التنفيذي لشركة ويتون للمعادن الثمينة، إن تحديات الحرب بين روسيا وأوكرانيا "في الجوار المباشر" هي التي تدفع رغبة بولندا في البحث عن الاستقرار، من خلال شراء كميات مضاعفة من الذهب.

وأعلن محافظ البنك المركزي البولندي آدم جلابينسكي في عام 2021 عن خطط لشراء 100 طن من الذهب، في محاولة لتعزيز الأمن المالي للبلاد، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية.

وسجلت سنغافورة ثالث أعلى صافي مشتريات من الذهب في عام 2023، مدفوعة بمشتريات سلطة النقد السنغافورية (MAS) التي اشترت 76.51 طناً، فيما جرى تبريره من قبل محللين اقتصاديين بأنه "نوع من الحذر من المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا".

وكان ارتفاع أسعار الذهب مدفوعاً أيضاً بمشتريات التجزئة للمجوهرات والسبائك والعملات المعدنية.

وعلاوة على شراء بنك الشعب الصيني أكبر كمية من الذهب بين البنوك المركزية في العالم، سجلت البلاد أيضاً أكبر كمية من مشتريات الذهب فيما يخص عملاء التجزئة.

وقال فان من مجلس الذهب العالمي: "على مستوى المستهلكين الأفراد، كانت الصين عاملاً رئيسياً في الطلب القوي على الذهب العام الماضي، مع تحول الأفراد إلى الذهب للتنويع من فئات الأصول الأخرى".

ووفقاً لبيانات المجلس، تفوقت الصين على الهند لتصبح أكبر مشترٍ للمجوهرات الذهبية في العالم في عام 2023. واشترى المستهلكون الصينيون 603 أطنان من المجوهرات الذهبية العام الماضي، بزيادة قدرها 10% عن عام 2022.

وقال سمولوود إنه إلى جانب الصين، يمثل طلب المستهلكين على الذهب في الهند أيضاً مكوناً رئيسياً للطلب العالمي، خاصة خلال موسم الزفاف في الهند، والذي يستمر عادةً من أكتوبر إلى ديسمبر، وبين يناير ومارس. وأضاف: "يعد الذهب دائماً أعلى أشكال الهدايا القيمة التي يمكنك تقديمها لشخص ما داخل الهند. إنه عنصر مهم في موسم الزفاف".

ولعب الذهب دوراً رئيسياً في تاريخ البشرية، حيث استُخدم على نطاق واسع كمخزن للقيمة ووسيلة للتبادل. وفي الوقت الحالي، وبصرف النظر عن بريقه واستخدامه في صناعة المجوهرات، يُنظر إلى المعدن الثمين على نطاق واسع على أنه ملاذ آمن، وهو ما يؤدي عادة إلى تحسن النظرة إليه كأداة استثمار، في أوقات الحروب والاضطرابات الجيوسياسية. ويُنظر إلى الذهب أيضاً على أنه أداة تحوط ضد التضخم، وضد انخفاض قيمة العملات، لأنه لا يعتمد على أي مُصدر أو حكومة محددة.

المساهمون