أجبرت حملات المقاطعة الشعبية المتصاعدة شركات داعمة للاحتلال الإسرائيلي على التراجع عن مواقفها وسحب حملاتها الترويجية، بل والاعتذار كما حدث لسلسلة متاجر شركة "زارا" العالمية.
وأظهرت إحدى الصور في حملات دعاية أخيرا للشركة عارضة أزياء تحمل عارضة أزياء أخرى ملفوفة بالبلاستيك الأبيض في إشارة إلى أكفان شهداء غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي إجرامي منذ أكثر من شهرين، فيما تم تصوير عارضة الأزياء على خلفية من الحجارة المتشققة والتماثيل التالفة ولوح مكسور من الجبس. وهو الأمر الذي ألهب حملات المقاطعة في العديد من دول العالم ضد العلامة التجارية العالمية.
وأعلنت الهيئة المنظمة لقوانين الإعلان في بريطانيا أنها تلقت أكثر من 110 شكوى بشأن حملة الشركة الإعلانية على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحمل عنوان "السترة". وصار وسم #قاطعوا_زارا من بين الأكثر تداولا على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي.
واعتذرت شركة زارا عن حملتها الإعلانية، وقالت أول من أمس، إنها "تأسف" لحدوث "سوء فهم"، وسحبت الصور المتبقية بعد أيام من ردود الفعل العنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي والشكاوى المقدمة إلى هيئة مراقبة الإعلانات في بريطانيا.
وزارا تعد أول علامة تجارية غربية كبيرة تتخذ هذه الخطوة حيال حملة إعلانية لا تراعي مشاعر الملايين حول العالم من المتعاطفين مع أهالي غزة.
ومنذ نشر الإعلان المثير للجدل والمتداول باسم "أنقاض غزة"، بدأت حملات الغضب تتصاعد ضد محلات زارا في العديد من الدول، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ومختلف المنصات الإعلامية دعوات لمقاطعة المحلات وعدم شراء المنتجات التابعة لهذه العلامة التجارية، وتعبّر هذه الحملات عن استياء كبير من تجاوز الإعلان حدود الذوق والأخلاق، واعتباره استغلالًا للمأساة الإنسانية في غزة لأغراض تجارية.
وكانت دعوات مقاطعة شركات ومنتجات داعمة لإسرائيل أو للعمليات العسكرية في غزة لاقت تفاعلًا كبيرًا في مصر خلال الشهرين الماضيين، لا سيما مع سقوط أعداد كبيرة من بين المدنيين، وتسببت في حالة من الكساد للمنتجات الأجنبية أو على الأقل الشركات العالمية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما انعكس في رواج كبير لغيرها من البدائل من المنتجات الوطنية، الأمر الذي زاد استحسان المصريين للأمر.
وتلقت "زارا" ردود فعل قوية من الجمهور والنشطاء، وتصاعدت حملات الغضب والدعوات لمقاطعة منتجاتها في عدة دول، والتي تعبر عن استنكار المشاركين لاستخدام الشركة صورًا تشبه مشاهد الحرب في غزة في سياق ترويجي للملابس.
وشهدت فروع شركة زارا، والتي تملك أكثر من 1500 محل في غالبية بلدان العالم، تظاهرات احتجاجية أمام بواباتها في عدة عواصم أوروبية، بعد ساعات قليلة من نشر الإعلان، كما دخل اسمها ضمن قوائم المقاطعة التي يتبادلها العرب والمسلمون والكثير من أصحاب الجنسيات الأخرى في الكثير من دول العالم، والتي تشمل الكثير من العلامات التجارية الكبرى التي دعمت إسرائيل ماديًا أو معنويًا.
وتقول سيلا عبد الرحمن، إحدى الداعيات إلى مقاطعة محلات زارا، عبر صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن إعلان زارا المسيء يُعتبر نقطة تحول مهمة في علاقة الآلاف من الأفراد مع هذه العلامة التجارية العالمية الشهيرة.
وأضافت: "إعلان زارا تضمن تصاميم مستوحاة من الحرب في غزة وداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وبخاصة أن بطلة الإعلان هي عارضة أزياء أميركية تحمل كفنا، وخلفها صندوق محطم وكأنه تابوت، وأمامها جثة في كيس موتى، وهذا كله وسط مشاهد دمار والإبادة الجماعية، وفي الخلفية صورة مقلوبة لخريطة فلسطين".
واعتبرت نهال عبد الدايم، عبر موقع إكس، أن استخدام مشاهد الحرب في غزة في إعلان ترويجي للملابس يعتبر استغلالًا مشينًا للمأساة الإنسانية، داعية جميع المستهلكين إلى مقاطعة زارا وإظهار رفضهم لهذه الأعمال التي وصفتها باللاأخلاقية.
وتابعت: "زارا تعتبر نفسها علامة تجارية عالمية، ولكنها تجاهر الآن بالترويج للأزياء على حساب المأساة الإنسانية، إنها تهين المشاعر، وتستغل الأحداث العالمية لأغراض تجارية فقط، فلنقاطع محلات زارا، ونعبر عن رفضنا لهذا الاستخدام الشائن للمأساة".
وأردفت: "حان الوقت لنحرك قوتنا كمستهلكين، ونقاطع زارا ونرسل رسالة قوية بأننا لا نقبل استغلال الأزمات الإنسانية لأغراض تجارية، فهناك العديد من العلامات التجارية الأخرى التي تحترم الأخلاق وتعمل بنزاهة، فلندعمها عوضا عن زارا".
أما محمد أبو الحمد، عضو اللجنة الشعبية لدعم فلسطين في الإسكندرية، فأكد في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن المصريين لن يتوقفوا عن حملات المقاطعة ضد زارا، حتى يروا إجراءات فعلية منهم تظهر دعمهم الحقيقي للضحايا والمجتمع الفلسطيني بشكل عام، مضيفًا: "يجب أن تكون هناك تعهدات واضحة وقوية من زارا بدعم المبادرات الإنسانية والاجتماعية التي تستهدف تحسين الأوضاع في فلسطين، بما في ذلك توفير المساعدات الطبية والإنسانية".
وشهدت فروع شركة زارا، والتي تملك أكثر من 1500 محل في غالبية بلدان العالم، تظاهرات احتجاجية أمام بواباتها في عدة عواصم أوروبية، بعد ساعات قليلة من نشر الإعلان، كما دخل اسمها ضمن قوائم المقاطعة التي يتبادلها العرب والمسلمون والكثير من أصحاب الجنسيات الأخرى في الكثير من دول العالم، والتي تشمل الكثير من العلامات التجارية الكبرى التي دعمت إسرائيل ماديًا أو معنويًا.
ولم تكن أزمة زارا الحالية هي الأولى من نوعها، إذ دعا جمهور منصات التواصل الاجتماعي في عدة دول، إلى مقاطعة منتجاتها في العام 2021، بعد إعلان مصممتها الرئيسية للأزياء النسائية فانيسا بيريلمان دعم إسرائيل في أثناء ردها على عارض الأزياء الفلسطيني قاهر حرحش.
شهدت فروع زارا، والتي تملك أكثر من 1500 محل في غالبية بلدان العالم، تظاهرات احتجاجية أمام بواباتها في عدة عواصم أوروبية
كما تسببت استضافة جوفي شوفل وكيل شركة زارا في إسرائيل، إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي في منزله، في اشتداد حملات المقاطعة وقتها، باعتبار ذلك تورّطًا صريحًا في دعم الاحتلال الإسرائيلي.
يذكر أن فروع عدد من الشركات الأميركية والعالمية الداعمة للاحتلال في الدول العربية تراجعت عن مواقفها وأكدت أنها لا تؤيد مواقف الشركات الرئيسية.
وفي هذا السياق، أصدر العديد من وكلاء العلامات التجارية العالمية، بيانات ينفون فيها أي علاقة لهم بسياسات الشركة الأم، أو الفروع العاملة في إسرائيل، كما فعلت ماكدونالدز، ودومينوز بيتزا.