الحكومة اليمنية تلاحق شركات الصرافة لمنع تحولها إلى خزائن للمودعين

01 يناير 2024
سعر الدولار في مناطق الحكومة يصل إلى 1550 ريالاً (فرانس برس)
+ الخط -

عاود البنك المركزي اليمني تشديد إجراءات ملاحقة شركات الصرافة التي تحولت إلى "خزائن لأموال المدخرين"، مستغلة حالة التدهور المصرفي والانقسامات التي شهدتها البلاد منذ بدء الحرب قبل نحو تسع سنوات.

وحذر البنك المركزي في عدن من خطورة تجاوز الأنشطة المسموح بها عبر قبول ودائع للعملاء لدى شركات الصرافة، مشددا على ضرورة التزام هذه الشركات بما نصت عليه التشريعات النافذة المنظمة لأعمال الصرافة، والتي حددت أنشطتها في بيع وشراء النقد الأجنبي والتحويلات المالية.

وأصبحت شركات ومحال الصرافة، وفق مسؤولين وخبراء مصرفيين تقوم بمهام البنوك، وتمارس دورا أكبر من حجمها والمصرح له بها بحسب القوانين المصرفية النافذة المعمول بها في اليمن، وهذا كان على حساب القطاع المصرفي بشكل عام وتدهور العملة المحلية.

وأكد "المركزي اليمني" الذي دشن، نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سلسلة برامج وأنشطة للتعريف بأنظمة ولوائح ومتطلبات ممارسة العمل المصرفي، قيامه بالإشراف الرقابي الفعال والمكثف على قطاع الصرافة وإصداره عددا من اللوائح التنظيمية التي تعزز من دور عمل شركات ومنشآت الصرافة في الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وقال الخبير المصرفي محمود السهمي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تغييرات واسعة في القطاع المصرفي اليمني تمثل عقبة كبيرة أمام جهود السيطرة على الأسواق، ووضع حد للاختلالات التي تعاني منها مع توسع الانقسام المالي والنقدي والمؤسسي في البلد ونتائجه الكارثية على تدهور العملة المحلية.

وأشار السهمي إلى أن شركات ومنشآت الصرافة أصبحت تقوم مقام البنوك التجارية في قبول ودائع العملاء بدون سقف محدد، بينما يعتبر ذلك مخالفة صريحة للقوانين اليمنية المنظمة للعمل المصرفي.

وفي ظل التكنولوجيا الرقمية الحديثة، أصبحت الخدمات المصرفية الإلكترونية أحد العوامل الرئيسية في تسهيل عمليات التحويلات المالية وإدارة الحسابات سواء للأفراد أو الشركات. ما دعا البنك المركزي في عدن إلى الإعلان عن تدشين مصفوفة إجراءات وتعليمات لتنظيم العمل المصرفي الإلكتروني، مشدداً على ضرورة تعزيز الامتثال للقوانين والتعليمات النافذة لضمان الأمان والشفافية في الخدمات المصرفية.

ويأتي القلق من اتساع نشاط شركات الصرافة في وقت يشهد فيه سعر صرف العملة المحلية في اليمن ارتباكاً لافتاً منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إذ تعيش الأسواق التي تتداول نظامين نقديين مختلفين على وقع اضطراب متواصل، متأثرة بالأحداث المتصاعدة في المنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، وتبعاتها على الممرات المائية في البحر الأحمر، مع استمرار استهداف الحوثيين للسفن التجارية الإسرائيلية، وسفن الشركات المتعاملة مع الكيان المحتل.

ويتأرجح سعر الصرف في عدن ومناطق الحكومة اليمنية بين 1540 و1550 ريالا مقابل الدولار الواحد، بالمقابل تتداول صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين سعر صرف شبه مستقر منذ أشهر عند مستوى 535 ريالا للدولار.

وقال المحلل المصرفي وحيد الفودعي، لـ"العربي الجديد"، إنه لا بد من تنظيم العمل المصرفي، بما يؤدي إلى التزام شركات ومنشآت الصرافة بقوانين وأنظمة ممارسة العمل المصرفي، بما يدعم استقرار سوق العملة، فضلا عن البحث عن سبل لدعم سعر الريال، والذي لن يتأتى إلا باستعادة أهم الموارد المتمثل في صادرات النفط ومتحصلات ضرائب وجمارك السفن، وضبط الإيرادات وتنميتها وترشيد النفقات وغيرها من متطلبات الإدارة الفعالة للسياسات الاقتصادية.

ويشدد محللون مصرفيون على ضرورة ضبط سوق الصرف للمساعدة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، لافتين إلى أن سعر الصرف الموازي الذي تفرزه قوى السوق بناءً على العرض والطلب الحقيقي، يختلف عن سعر الصرف الذي يتحدد بناء على الطلب الناتج الذي يتحكم به كبار اللاعبين الأساسيين المضاربين بالعملة، والذين قد تختلف أهدافهم "لغرض الربح أو لغرض سياسي"، لكن وسيلتهم واحدة وهو التلاعب بسعر الصرف.

وليست هذه المرة الأولى التي يشدد فيها البنك المركزي اليمني على ضرورة عدم تجاوز شركات الصرافة دورها الرئيسي. ففي مايو/أيار الماضي، حذر البنك في منشور له شركات الصرافة من قبول الودائع وتوزيع الأرباح للعملاء، بعد انتشار إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي لقبول الشركات الودائع. وأكد البنك المركزي حينها أنه سيتم اتخاذ الإجراءات العقابية بحق المؤسسات المخالفة.

وتواجه البنوك اليمنية الكثير من المخاطر أثرت على أدائها في تقديم الخدمات التي اعتادت على تقديمها، واقتصر عملها على تقديم أقصى حد من الخدمات الضرورية التي تمكنها من البقاء والاستمرار في دورها الاقتصادي، وتوفير احتياجات اليمنيين المصرفية والمعيشية، كما تعاني من عدم القدرة على التوسع في الائتمان المصرفي أو تحصيل الديون من القروض الممنوحة.

المساهمون