الحكومة التونسية تسعى لاستغلال الذهب "المحبوس" لتمويل الموازنة

18 فبراير 2024
الحكومة تسعى إلى إعادة تقييم الذهب المصادر وبيعه بأسعار السوق (فرانس برس)
+ الخط -

تبحث سلطات تونس عن حلول لأزمة إيرادات الموازنة، عبر إعادة تدوير مخزونات المعادن النفيسة المحجوزة من قبل الجمارك أو المصادرة، والمحجوزة من إرث أسر حكمت البلاد في قرون ماضية، إذ صادق البرلمان على قانون يتيح لها ذلك.

وتعاني تونس من أزمة تمويل تدفع الحكومة نحو البحث عن الحلول في اتجاهات مختلفة، من أجل توفير إيرادات لفائدة الموازنة التي تحتاج إلى أكثر من 28 مليار دينار (حوالي 9.3 مليارات دولار) من القروض الداخلية والخارجية هذا العام.

ورأى رئيس لجنة المالية في البرلمان عصام شوشان، أن كل المبادرات الهادفة إلى توفير موارد إضافية لفائدة الخزينة أمر مستحسن، مشيرا إلى أن قانون الموازنة للعام الحالي لم يتضمن أي بنود حول الإيرادات المتوقعة من إعادة تدوير رصيد الذهب والمعادن النفيسة المحجوزة من قبل الجمارك أو المودعة لدى مصالح الدولة.

وقال شوشان لـ"العربي الجديد" إن قيمة محجوزات الجمارك من الذهب والمعادن النفيسة في 2023 قدرت بنحو 26 مليون دينار (8.6 ملايين دولار)، غير أن هذه القيمة يمكن أن تتضاعف 10 مرات بتطبيق أحكام التعديل الجديد لقانون المعادن النفيسة.

وأوضح "ستتم إعادة تقدير المعادن النفيسة المصادرة والمحجوزة وفق قيمتها الحقيقية، لا سيما وأن المصوغ يكتسي قيمة إضافية من عملية التصنيع وإضافة الأحجار الكريمة، فضلا عن القيمة التاريخية لبعض القطع". واعتبر شوشان أن تنقيح قانون المعادن النفيسة هو محاولة لتدارك ضعف تشريعي كان يفوّت على الدولة إيرادات مالية.

وذكرت وثيقة شرح أسباب القانون أن بيع الكميات المحجوزة حالياً لدى إدارات الجمارك والمالية من المصنوعات الذهبية، من شأنه توفير موارد إضافية لخزينة الدولة. وتبرر الوثيقة أسباب إجراء تعديلات على قانون المعادن النفيسة بالحاجة إلى موارد مالية إضافية للخزينة.

وقدرت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية مخزون البنك المركزي التونسي من سبائك الذهب بنحو 6.84 أطنان، بينما بلغت قيمة محجوز الذهب المحصّل لدى الجمارك التونسية منذ 2020 بنحو 75.3 مليون دينار.

وقالت نمصية أمام البرلمان، في وقت سابق من فبراير/شباط الجاري، إن "محجوز المصوغ الذي يعود إلى بايات (الأسر التي حكمت بين 1705 و1957) يخضع إلى عملية جرد تحت رقابة قضائية، وقد تم القيام بآخر جرد خلال التسعينيات". وأشارت إلى أن المخزون من المعادن والمجوهرات التابعة للرئيس الراحل زين العابدين بن علي، الذي أطاحته ثورة يناير 2011 موجودة ومؤمّنة في الخزينة العامة للبلاد.

وتونس في حاجة إلى تنويع إيرادات الموازنة بسبب نقص الإيرادات وتوسع العجز المقدر بنحو 7%. وفي إطار خطة عاجلة لتغطية حاجيات الموازنة، وافق البرلمان التونسي بصفة استثنائية، ولمرة واحدة، على طلب حكومي بالحصول على تمويلات مباشرة من البنك المركزي التونسي بقيمة 7 مليارات دينار (2.3 مليار دولار)، من بينها مليار دينار لسداد دين سندات أوروبية يحل أجلها هذا الشهر.

وزادت قيمة ديون تونس المستحقة لسنة 2024 بنحو 40% عن العام الماضي، وسط ندرة التمويل الخارجي للدولة التي تجد صعوبة في إصلاح ماليتها العامة. ويبلغ الدين الداخلي الذي يتعين على تونس سداده العام المقبل نحو 12.38 مليار دينار، وفق بيانات حكومية.

وحسب الموازنة، يفترض أن تلجأ تونس إلى السوق الخارجية لتعبئة موارد تزيد عن 4 مليارات دولار. وتتوقع الحكومة أن يصل إجمالي الدين العام في 2024 إلى نحو 140 مليار دينار، ما يعادل 79.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعاً من 127 مليار دينار.

المساهمون