"مصائب قوم عند قوم فوائد"، هذا المثل ينطبق على حالة الإقبال غير المسبوق للكويتيين على الحجوزات في المنتجعات والشاليهات والمزارع الخاصة، حيث قرروا الابتعاد عن المناطق السكنية مع بداية العمل بقرار فرض الحظر الجزئي في الكويت، ما أدى إلى ارتفاع الإيجارات بنسب مختلفة وصلت إلى أكثر 100% في بعض الأماكن.
وشهدت المناطق الجنوبية والشمالية في الكويت إقبالا كبيرا، الأمر الذي تسبب في زيادة أسعار الإيجارات اليومية للشاليهات والمنتجعات في مناطق مثل الخيران البحري أو المزارع في منطقة العبدلي وغيرها من المناطق المجاورة، حيث ارتفع سعر حجز الشاليه في المنتجعات أو الشاليهات الخاصة لمدة 7 أيام إلى 1500 دولار في الفترة الأخيرة، بعد أن كان 750 دولارا في الأوقات السابقة لقرار الحظر الجزئي.
كما بلغ متوسط سعر استئجار المزرعة في مناطق مثل الوفرة والعبدلي 300 دولار يوميا، بعد أن كان سعرها يبلغ ما بين 120 دولارا إلى 150 دولارا، وعلى الرغم من ذلك كان هناك إقبال غير مسبوق على التأجير.
وتزامناً مع إعلان الحكومة الكويتية فرض حظر التجول الجزئي لمدة شهر، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا تويتر وإنستغرام، إعلانات مكثفة لتأجير الشاليهات والمزارع في العديد من المناطق الكويتية البعيدة عن الأحياء السكنية التي يتم تشديد الإجراءات الأمنية فيها.
ويقول صاحب مكتب لتأجير الشاليهات والمزارع في منطقة صباح الأحمد البحرية، عيسى النبهان، إنه قام بتأجير كافة المزارع والشاليهات المتاحة في مكتبه، مشيرا إلى أن الأسعار زادت في بعض الأحيان بنسب تجاوزت 100%، بسبب الإقبال غير المسبوق.
ويؤكد النبهان أن أوقات حظر التجول في الكويت أصبحت مثل المواسم التي يتزايد فيها الإقبال على التأجير في المنتجعات والمزارع، هربا من التداعيات المترتبة على هذا الإجراء، حيث ترغب الغالبية من المواطنين في ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، بعيدا عن الإجراءات المشددة التي تشهدها الأحياء السكنية.
وقبل يوم من فرض حظر التجول في الكويت، شوهدت حركة مكثفة باتجاه المناطق البحرية والحدودية، الأمر الذي أدى إلى اختناقات مرورية في بعض الطرقات المؤدية إلى الشاليهات والمنتجعات والمزارع.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي والمستشار العقاري الكويتي يوسف العليان، لـ "العربي الجديد"، إنه خلال فترات الحظر في الكويت أصبح ملاك الشاليهات والشركات العقارية المالكة للمنتجعات من أكثر المستفيدين بسبب زيادة الإقبال على التأجير.
وأضاف العليان أن غالبية الشركات العقارية تكبدت خسائر فادحة، خلال الأشهر الماضية، بسبب حالة التدهور الاقتصادي التي تشهدها الكويت، على خلفية تداعيات جائحة كورونا. لافتا إلى أن هذه الفترة تحاول فيها تلك الشركات تعويض بعض خسائرها.
وأوضح العليان أنه على الرغم من عدم ترحيب الغالبية من المواطنين والمقيمين بفرض الحظر الذي يقيّد حركتهم، غير أن هناك جهات استفادت من قرارات الحكومة الأخيرة، وعلى رأسها شركات العقارات المتخصصة في بيع وتأجير الشاليهات.
وفي وقت سابق، قررت الحكومة الكويتية تشديد الإجراءات الاحترازية لمواجهة الزيادة الكبيرة في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، حيث قامت بفرض حظر التجول الجزئي من الساعة الخامسة مساء وحتى الخامسة صباحا يومياً لمدة شهر، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان أحداث العام الماضي مع بداية تفشي فيروس كورونا.
وتصاعدت حدة الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب القرارات الحكومية الأخيرة. فيما دعا نشطاء، الحكومة، إلى التراجع عن الإجراءات الأخيرة، وأشار البعض إلى التجمعات في الشاليهات والتجمعات في المزارع والعديد من المناطق.
على جانب آخر، قال مدير وحدة البحوث في مركز الكويت الدولي للدراسات الاقتصادية (مستقل) عبد العزيز المزيني، إن تداعيات الوباء سلطت الضوء على أزمة القطاع العقاري في الكويت الذي يشهد تراجعا كبيرا خلال الأشهر الماضية، خصوصا فيما يتعلق بمغادرة الوافدين بأعداد كبيرة للبلاد، سواء بسبب الحملة المتصاعدة ضدهم أو نتيجة عدم تمكنهم من العودة إلى البلاد.
وأشار المزيني، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أنه على الرغم من الخسائر في العديد من المجالات العقارية، إلا أن ملاك الشاليهات والمزارع حققوا مكاسب كبيرة، بسبب حالة التدافع الكبيرة في فترات الحظر الجزئي أو الشامل.
كما أكد أن العام الماضي شهد مبيعات غير مسبوقة للشاليهات في مناطق الخيران وصباح الأحمد البحرية، حيث دفع الوباء إلى التوجه إلى المناطق البعيدة تجنبا للإصابة بفيروس كورونا، ومن أجل الابتعاد عن الإجراءات المشددة التي تفرضها الحكومة الكويتية.
وقال تقرير صادر عن شركة المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية (مستقل) إن المبيعات العقارية بشكل عام تشهد أداء سيئا منذ بداية الجائحة، حيث سجلت المبيعات العقارية نحو 180 مليون دولا فقط، في فبراير/شباط 2020، بتراجع 83% عن ذات الشهر في العام الماضي.
وتعاني الكويت من قلّة عدد الفنادق والشقق الفندقية والمنتجعات السياحية، إذ تحتل المركز الأخير خليجيا في عدد الفنادق العاملة، بوجود نحو 56 فندقاً في محافظاتها الستّ.