الحشرة القرمزية تنهش حقول تونس: منظومة التين الشوكي في خطر

20 يوليو 2024
منطقة زراعية في تونس، 14 أكتوبر 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تهديد الحشرة القرمزية:** اجتاحت الحشرة القرمزية أكثر من 50% من مساحات التين الشوكي في تونس، مما أدى إلى أضرار بنسبة 100% في محافظة المنستير، مهددة مصدر رزق 150 ألف مزارع.

- **تداعيات التأخر في المكافحة:** التأخر في مكافحة الحشرة سيؤدي إلى تراجع المحاصيل وارتفاع أسعار التين الشوكي أربعة أضعاف، مما يؤثر على الفئات الأكثر هشاشة في مناطق الإنتاج.

- **جهود المكافحة:** بدأت تونس مكافحة الحشرة منذ سبتمبر 2021 باستخدام الدعسوقات، لكن كلفة المكافحة العالية تعيق القضاء عليها نهائياً، مما يهدد بفقدان كامل الغطاء النباتي خلال عامين.

تهدد الحشرة القرمزية حقول التين الشوكي (الصبار) التي تعتبر مصدر رزق لآلاف السكان في تونس. وأعلنت وزارة الفلاحة رسمياً زحف الحشرة على أكثر من 50% من مساحات التين الشوكي وأن نسبة الضرر بلغت 100% في محافظة المنستير شرق وسط تونس.

وتمتد مساحات التين الشوكي بمختلف أصنافها في تونس على نحو 600 ألف هكتار من بينها 400 ألف هكتار من التين الأملس و200 ألف هكتار من التين الشوكي.

وصرّحت المكلفة بتسيير الإدارة العامة للصحة النباتية ومراقبة المدخلات الفلاحية في وزارة الزراعة، نعيمة المحفوظي، لوكالة الأنباء المحلية "وات"، أن الوزارة أعدت خطة وطنية لمكافحة الحشرة من خلال استئصال البؤر للحد من تقدمها السريع، فضلاً عن حظر نقل الثمار من الأراضي المصابة إلى مناطق أخرى.

لكن الخبير الزراعي والموظف السابق في منظمة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة نور الدين نصر اعتبر أن كلفة التأخر في مكافحة الحشرة القرمزية ستكون أكثر تأثيراً على المنتجين خلال السنوات القادمة، نتيجة تراجع المحاصيل والمساحات المزروعة، ما قد يرفع أثمان ثمار التين الشوكي أربعة أضعاف.

الحشرة القرمزية سريعة العدوى

وقال نصر في تصريح لـ"العربي الجديد" إن تونس مهددة بفقدان كامل مساحات زراعة التين الشوكي خلال السنوات القليلة القادمة، بينما كان بالإمكان تلافي هذه الخسائر الباهظة لو تم التدخل سريعاً عبر معالجة أولى البؤر التي ظهرت في محافظة المنستير.

وتابع "سيكون لبطء التدخل في معالجة بؤر الحشرة سريعة العدوى، تداعيات على الفئات الأكثر هشاشة في مناطق الإنتاج، حيث يستعمل مربو المواشي وصغار المزارعين الصبارَ كغذاء أساسي لقطعان المواشي".

وتحولت منتجات التين خلال العقود الأخيرة إلى مصدر للعملة الصعبة بعد أن دخل القطاع الصناعي على الخط، حيث نشأ حول النبتة الشوكية نشاط صناعي لتصدير المنتجات المستخرجة من ثمرة التين. ووفق بيانات رسمية صادرة عن نقابة المزارعين في تونس، يعد قطاع التين الشوكي مصدر رزق لحوالي 150 ألف مزارع، فيما يبلغ معدل الإنتاج السنوي 552 ألف طن من الثمار.

وشهد قطاع التين الشوكي ازدهاراً في تونس خلال السنوات الأخيرة، حيث أُطلقت 48 مؤسسة ناشطة في المجال، 20 منها شركات تصدير. وتحتل تونس المركز الرابع عالمياً في تصدير التين الشوكي وفقاً لبيانات وزارة الفلاحة، فضلاً عن تصدير مشتقاته حيث تمكنت البلاد عام 2021 من تصدير ثمانية آلاف لتر من زيت بذور الثمرة التي تعرف محليا بـ "الهندي" وذلك بقيمة خمسة ملايين يورو.

ورصدت سلطات تونس أول بؤرة لهذه الحشرة في تونس منذ سبتمبر/أيلول 2021 بمحافظة المهدية وجاءت العدوى عبر تنقل المسافرين بين تونس والمغرب. وتظهر الحشرة القرمزية على غرسات التين الشوكي على شكل كتلة بيضاء تشبه القطن وهي تتغذى على ألواح التين الشوكي من خلال امتصاص عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئاً فشيئاً، لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع في حالة شدة الإصابة.

ويؤكد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين عادل كريم أن كلفة مكافحة الحشرة ومحاصرتها عالية وفق ما أثبتته تجارب البلدان التي عرفت انتشاراً واسعاً للعدوى، ما يحد من إمكانيات القضاء عليها نهائياً، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد". في المقابل، حذر رئيس الجمعية الوطنية لتنمية التين الشوكي محمد رشدي البناني من مخاطر فقدان تونس لكامل الغطاء النباتي من التين الشوكي في غضون عامين بسبب تأخر جهود مكافحة الحشرة القرمزية.

وفسّر البناني دواعي القلق من خسارة كامل مساحات التين بارتباط المساحات ببعضها في مناطق وسط البلاد ما يوفر أرضية خصبة للحشرة للتنقل على نطاق واسع. وقال البناني في تصريح لـ"العربي الجديد" إن استمرار انتشار المرض وبطء تدخل الدولة، يضر بكافة حلقات الإنتاج في منظومة التين الشوكي التي احتاجت عقوداً من أجل تنميتها.

وتعوّل السلطات على آلاف الدعسوقات التي جرى توريدها لمكافحة الحشرة القرمزية، حيث يؤكد المختصون أن استجلاب مئات الآلاف من الدعسوقات وتحقيق تكاثر كمي وسريع لها سيساعد على محاصرة العدوى. ويحتاج الهكتار الواحد من التين الشوكي بين خمسة آلاف وعشرة آلاف دعسوقة حتى يتم القضاء على الحشرة القرمزية وتستعيد النبتة عافيتها. 

المساهمون