الحرب تنعش سوق الغرف المحصنة في إسرائيل

04 سبتمبر 2024
ناطحات سحاب في تل أبيب (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **زيادة الطلب على الوحدات السكنية المحمية:** تشهد السوق العقارية في إسرائيل طلبًا متزايدًا على الوحدات السكنية المزودة بغرف محمية بسبب المخاوف الأمنية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار نتيجة نقص المعروض وارتفاع التكاليف.

- **مواصفات الغرف المحمية:** الغرف المحمية تخضع لمواصفات صارمة لضمان الحماية من الهجمات، مما يزيد من تكلفة البناء ويرفع أسعار الشقق بنسبة 6% بين يونيو 2023 ويونيو 2024.

- **تأثير النزاعات على الطلب العقاري:** النزاعات المسلحة أدت إلى ركود في الطلب على العقارات في المناطق الجنوبية والشمالية، مع انخفاض كبير في الصفقات العقارية وإخلاء مدن حدودية.

تتبدل خريطة السوق العقارية في إسرائيل بشكل ملحوظ في ظل تعاظم الطلب على الوحدات السكنية التي تتوفر فيها "غرف محمية" بينما يتسبب المعروض المتراجع في ظل ارتفاع التكاليف ونقص العمالة بارتفاع الأسعار، ما يزيد من الضغوط على السوق في ظل سيطرة الخوف على الكثيرين من الهجمات واتساع الحرب في المنطقة.

وبعدما محت الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وكذلك الاشتباكات مع حزب الله اللبناني، مدناً ومناطق بأكملها من خريطة الطلب على العقارات في إسرائيل لقربها من مناطق الاشتباك جنوباً مع المقاومة الفلسطينية وشمالاً مع حزب الله اللبناني، ما شوّه شكل السوق، طاول التشوه أيضاً العرض والطلب على العقارات في المناطق الداخلية بسبب الطلب المتزايد على الشقق التي تتوفر فيها "الغرف المحصنة" والعزوف عن ما دونها، على الرغم من أن الكثيرين كانوا ينظرون إلى هذه المناطق على أنها آمنة لبعدها عن مرمى الهجمات.

والمنطقة المحمية في الشقة، هي غرفة خاصة يجب أن تكون مساحتها تسعة أمتار مربعة صافية على الأقل. وتضع قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية شروطاً ومواصفات عالية لبناء هذه الغرف، من حيث نوعية الإسمنت والتسليح ونوعية النوافذ والأبواب، التي تضمن حتى عدم اختراق الغازات السامة الغرفة في حال تعرض إسرائيل لهجوم كيماوي، وتخضع لفحص من مهندس مختص في الجيش الإسرائيلي، حيث لا يمكن لصاحب الشقة أن يتسلمها إلا بعد أن يقر مهندس الجيش الإسرائيلي بمطابقة الغرفة المحصنة للمواصفات المحددة لها.

وفي الفترة بين يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2023، انخفضت أسعار الشقق في إسرائيل بنسبة 1.2% تراكمياً. لكن منذ ذلك الحين وحتى يونيو/حزيران 2024 ارتفعت الأسعار بحدة بنسبة بلغت 6%، فيما يتوقع مديرو الشركات العقارية أن الوضع سيزداد سوءاً بسبب التغيرات التي يشهدها السوق، فضلاً عن زيادة مدخلات الإنتاج ونقص العمالة وارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري.

ويستبعد مديرون في شركات عقارية أن يتغير هذا الاتجاه في المستقبل القريب، ورجحوا أن تستمر موجة صعود الأسعار في ظل الظروف الحالية، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، أشار إلى أن "حرب السيوف الحديدية" التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، والتهديد بالصواريخ من ساحات إضافية، لا تدع مجالاً للشك في الحاجة إلى مساحات محمية. ولفت التقرير إلى أن التجديد الحضري أضحى ملحاً إذ سيؤدي إلى تقليل عدد الشقق غير المحمية وزيادة الشقق المحمية في مناطق الطلب.

لكن هذا الحل يخلق مشكلة أيضاً، وفق التقرير، إذ يجب نقل المستأجرين القدامى، من المباني التي لا تحتوي مساحات محمية والمخصصة للهدم، إلى مساكن بديلة، بينما مخزون الشقق للإيجار محدود. وأشارت الصحيفة إلى أن ما يزيد من تعقد الأمر هو الطلب الذي جاء من العائلات التي أخلت منازلها من مناطق الشمال قرب الحدود مع لبنان ومن مستوطنات الجنوب، ما يخلق طلباً يؤدي إلى تفاقم نقص الشقق في المناطق المركزية.

ويتسبب هذا الوضع بارتفاع أسعار الشقق السكنية، وهو ما يظهر في التقارير المالية لشركات التطوير العقاري. وهذا الرقم يؤكده أيضاً مكتب الإحصاء المركزي. ومنذ نهاية عام 2023، تم تسجيل زيادة إجمالية قدرها 6% حتى يوليو/تموز الماضي في أسعار الشقق، وإذا استمر هذا الاتجاه لبقية العام، فإن معدل الزيادة في أسعار الشقق سيصل إلى رقم مزدوج.

وقال رون أفيدان، الرئيس التنفيذي لشركة أزوريم العقارية، في مؤتمر عبر الهاتف للمستثمرين في القطاع العقاري، وفق "كالكاليست" إن "اتجاه زيادة الأسعار الذي شهدناه في الأشهر الأخيرة سيستمر ويتعزز". وتنبع توقعات أفيدان باستمرار ارتفاع أسعار الشقق من مجموعة عوامل، بدءاً من ارتفاع تكلفة مدخلات البناء، مروراً بإطالة مدة التنفيذ وتأثير ارتفاع سعر الفائدة على مصاريف تمويل المطورين. كما يتوقع يغال ديماري، المستثمر في القطاع العقاري، استمرار الارتفاع في أسعار الشقق. وتستند توقعاته إلى انخفاض معدل بدء البناء ونقص العمالة الذي سيؤدي إلى اختناق في المعروض من الشقق في السوق، الذي يلبي الطلب القوي.

ويأتي تغير خريطة الطلب في المناطق الداخلية في إسرائيل بعد تحولات سريعة شهدها السوق في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مناطق متاخمة لقطاع غزة جنوباً واندلاع الاشتباكات مع حزب الله شمالاً، حيث أظهر تحليل أجرته مؤخراً شركة "madlan" المتخصصة في المحتوى العقاري داخل إسرائيل، ركوداً في الطلب على العقارات في المناطق الجنوبية والشمالية، لكنه بدا أكثر حدة في الشمال، ما دعا تال كوبل، الرئيس التنفيذي للشركة، إلى التعليق قائلاً في تصريحات لموقع يديعوت أحرونوت إن "الحرب أدت إلى وضع غير مسبوق، إذ جرى محو مدن بأكملها من خريطة الطلب"، موضحاً أنه "كلما اقتربت المستوطنة من السياج الحدودي زاد التهديد وعدم اليقين بشأن المستقبل، الأمر الذي بات يؤثر ليس على حجم المعاملات فقط، وإنما على قيمة العقارات أيضاً".

وبحسب التحليل، فإن المناطق الشمالية سجلت تنفيذ 58 صفقة عقارية في الربع الأخير من العام الماضي مقارنة بـ441 صفقة في الفترة نفسها من عام 2022، بهبوط بلغت نسبته 55.9%. وفي المناطق الجنوبية في نطاق ما يعرف بغلاف قطاع غزة، جرى تنفيذ 287 صفقة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023، مقابل 1342 صفقة عام 2022.

وفي ظل حالة عدم اليقين الكبيرة بشأن الوضع الأمني فإن سوق العقارات تعرضت لأضرار جسيمة، لا سيما في مناطق الشمال، حيث جرى إخلاء مدن حدودية من سكانها وتحولت إلى مدن أشباح، من دون تحديد موعد نهائي في الأفق لانتهاء هذا الوضع وفق تقرير لموقع يديعوت أحرونوت. ووفق تقرير لصحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية فإن نحو 20% من العائلات الإسرائيلية، التي تم إجلاؤها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قررت عدم العودة إلى مناطق غلاف غزة، وتبحث عن مساكن بديلة في بلدات أخرى بعيدة عن مناطق القتال.

 

المساهمون