الحرب تعيد قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي سنوات إلى الوراء

09 ابريل 2024
نشطاء ينددون أمام بنك باركليز في باريس بتمويل شركات التكنولوجيا الإسرائيلية (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحرب على غزة تسببت في أزمة اقتصادية للشركات العالمية والمحلية في إسرائيل، مع تأثيرات سلبية على قطاعات مثل التكنولوجيا والأمن الإلكتروني، مما أدى إلى انسحاب رؤوس الأموال وتراجع الاستثمارات.
- تقرير "RISE" يكشف عن انخفاض قيمة الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا إلى 1.6 مليار دولار، الأدنى منذ 2015، مع تدهور مشاعر العاملين والمستثمرين تجاه البيئة الاستثمارية في إسرائيل.
- الأزمة الاقتصادية تمتد لتشمل قطاعات متعددة بما في ذلك البنوك، مع مخاوف من تفاقم الوضع بسبب استمرار الحرب والمقاطعة الدولية، مما ينذر بتأثيرات سلبية أوسع على الاقتصاد الإسرائيلي.

لم تكن صفقة استعادة شركة ماكدونالدز العالمية امتيازها في إسرائيل أخيراً هي الوحيدة التي تشير إلى عمق الأزمة التي تشعر بها الكثير من الشركات العالمية بسبب أنشطتها في دولة الاحتلال، التي دخلت الحرب التي تشنها على قطاع غزة شهرها السابع، وإنما تمتد أزمة الاستثمارات الدولية إلى قطاعات حيوية أخرى على رأسها التكنولوجيا، حيث تُظهر تقارير متخصصة انسحاب رؤوس أموال كبيرة من القطاع، ما يعيده سنوات إلى الوراء.

تشير تقارير عدة إلى عمليات تخارج واسعة من قطاع التكنولوجيا في إسرائيل، حيث أظهر تقرير صادر عن معهد "RISE" الإسرائيلي أن الاستثمارات في شركات التكنولوجيا هوت بأكثر من 30% مقارنة بالأشهر الستة التي سبقت الحرب، كما انخفض عدد المستثمرين الأجانب بنسبة 23%.

وبلغت قيمة الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا خلال الربع الأخير (من يناير/كانون الثاني حتى نهاية مارس/آذار) 1.6 مليار دولار، نصفها تقريبا في ست شركات فقط، وهو أدنى معدل للاستثمار منذ عام 2015، وفق ما نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية أمس الاثنين عن تقرير "RISE".

وبحسب التقرير، هناك تغيرات سلبية في مشاعر العاملين في مجال التكنولوجيا الفائقة والمستثمرين في العالم تجاه إسرائيل.

وقال الرئيس التنفيذي للمعهد أوري غاباي إن "الحرب فاقمت أزمة الهايتك (التكنولوجيا الفائقة) في إسرائيل"، محذرا من أن صناعة التكنولوجيا قد تتدهور أكثر.

وأوضح غاباي: "علينا أن نتذكر أن التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية تعتمد إلى حد كبير على الاستثمارات الأجنبية، وبما أن المستثمرين الأجانب يخشون الاستثمار في إسرائيل، فقد نتدهور إلى نقطة منخفضة سيكون من الصعب التعافي منها".

ووفق المعهد، فإن الحرب "أعادت التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية سنوات إلى الوراء". وبجانب الانخفاض الكبير في عدد المستثمرين الأجانب بنسبة 23%، سجل القطاع تراجعاً أعمق في عدد المستثمرين الإسرائيليين بنسبة 30%.

في الأثناء، أظهر تقرير منفصل صادر عن منصة الشبكات "سايبر تك جلوبال" وشركة البيانات والأبحاث "إسرائيل فنتشر كابيتال" أن اتفاقات التخارج في مجال الأمن الإلكتروني في إسرائيل قفزت 65% على أساس سنوي العام الماضي، لتصل إلى 7.1 مليارات دولار، وهو ما يتجاوز نصف اتفاقات التخارج في قطاع التكنولوجيا بأكمله.

وأشار التقرير، الذي نُشر يوم الأحد الماضي، إلى أن القيمة الإجمالية للتخارج في قطاع التكنولوجيا بشكل عام بلغت نحو 11 مليار دولار في 2023.

وقطاع التكنولوجيا الفائقة هو أحد القطاعات المحفزة للاقتصاد الإسرائيلي، ويعمل فيه 16% من إجمالي عدد العاملين، ويمثل أكثر من نصف صادرات إسرائيل.

ويشكل القطاع أيضا ثُلث ضرائب الدخل ونحو خُمس الناتج الاقتصادي الإجمالي، وفقا لبيانات بنك إسرائيل المركزي. ويسيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي على عدد كبير من الشركات العاملة في المجال.

وتتنقل عدوى التخارج من الاستثمارات من قطاع إلى آخر في إسرائيل بسبب الحرب التي دخلت شهرها السابع، ويتخوف الكثير من أصحاب رؤوس الموال الأجنبية من اتساعها لتشمل حرباً مباشرة مع حزب الله اللبناني وإيران.

وذكر موقع "غلوبس" الاقتصادي الإسرائيلي أن سلسلة من التحركات تظهر أن استمرار الحرب قد يكبد الشركات، بما فيها الدولية، ثمناً باهظاً، مشيرة إلى أن استعادة شركة ماكدونالدز العالمية أخيراً امتيازها في إسرائيل ليست الوحيدة التي تعبر عن عمق الأزمة التي تشعر بها الكثير من الشركات الدولية.

وأعلنت ماكدونالدز، يوم الخميس الماضي، أنها قررت شراء امتيازها في إسرائيل من شركة "ألونيال ليمتد" الذي حصلت عليه قبل 30 عاماً، بما يعيد لماكدونالدز ملكية 225 مطعماً يعمل فيها أكثر من 5000 موظف، وذلك بعد حملة مقاطعة واسعة لمنتجاتها في الكثير من الدول بسبب دعم فرعها في إسرائيل جيش الاحتلال.

وكان الرئيس التنفيذي للشركة كريس كيمبكزينسكي قد قال، في يناير/ كانون الثاني الماضي، إن ماكدونالدز شهدت "ضرراً ملموساً" في عدد من الأسواق في الشرق الأوسط وخارجها بسبب الحرب على غزة.

وبخلاف قطاعي التكنولوجيا والأغذية، تمتد أزمة الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع البنوك أيضاً. ووفق تقرير "غلوبس"، فإن صندوق الاستثمار الأيرلندي يبيع استثماراته في شبكة رامي ليفي وخمسة بنوك هي "هبوعليم" و"لئومي" و"ديسكونت" و"مزراحي تفاحوت" و"فيرست إنترناشيونال".

وفي وقت سابق، قاد صندوق الثروة النرويجي خطوة مماثلة، وأعلن أنه يقوم بفحص ممتلكاته في تسع شركات إسرائيلية. كما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، قبل أيام، أن الولايات المتحدة تدرس وضع علامات على المنتجات التي تُنتَج في المستوطنات.

وبحسب "غلوبس"، فإن ما يحدث بالنسبة للاستثمار في إسرائيل بمثابة كرة ثلج متدحرجة، لذا ينبغي على إسرائيل أن تخشى العواقب الاقتصادية الناجمة عن تفاقم الحرب.

ويقول إيال وينتر، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية، إن "هناك خيطا يربط بين جميع الحالات.. في جميع الأحوال، الهدف هو دفع دولة إسرائيل إلى النظر في الاعتبار الاقتصادي، والتوصل إلى استنتاج مفاده أن الحرب يجب أن تتوقف".

وأضاف أن "الشركات عادة ليست لديها أجندة سياسية، بل لديها أجندة تجارية"، مؤكدة أن "صورة إسرائيل في العالم في أدنى مستوياتها التاريخية، وهناك رأي عام مناهض للغاية لإسرائيل نتيجة للحرب".

وأشار إلى أن الشركات الناشئة في إسرائيل هي الأكثر تضرراً، فهي تعيش على الاستثمارات، واليوم، فإن مخاطر الحرب لا تشجع المستثمرين.

وتؤثر الحرب أيضاً على وضع الشركات الإسرائيلية التي لها عمليات عالمية. وفي أحدث تقارير الشركات من قطاع التكنولوجيا الفائقة، هناك قسم يحذر من تصعيد محتمل في الرأي العام، ما قد يؤثر على سلوك العملاء ويتدهور إلى حد مقاطعة الشركات أو المنتجات، حتى من قبل الدول.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في تقرير لها، يوم الأحد، أن إسرائيل أصبحت أقرب إلى المنبوذة عالمياً من أي وقت مضى.

وأشارت إلى أن إسرائيل بدأت تشعر للتو بالتأثير الاقتصادي للحرب، ومع استمرارها، لا يزال الإسرائيليون لا يعرفون ما إذا كان الأسوأ لم يأت بعد.

المساهمون