ألقت عملية "طوفان الأقصى" وتصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة بظلال قاتمة على العديد من المشاريع الإقليمية التي تعتزم الإمارات المشاركة بها ومنها مشروعا "الممر الاقتصادي" بين الهند وأوروبا، و"طريق التنمية" الذي تعمل العراق على مده من ميناء الفاو جنوبا وحتى الأراضي التركية شمالا.
وحسب مراقبين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن الاضطرابات بالمنطقة ولعبة التوازنات التي تحاول أن تتبعها أبو ظبي في المشروعين الإقليميين، يهدد مصالح إماراتية بالمنطقة وخاصة مع حالة اللايقين التي تمر بها المنطقة في ظل تهديد احتمال توسيع الحرب التي قد تشمل دولا أخرى.
وفي هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الإمارات تسير على حبل رفيع في الموازنة بين مصالحها في الشرق والغرب، عبر دخول الإمارات كطرف مهم في مشروعي الممر الاقتصادي وطريق التنمية، بما يعكس امتداد حالة "اللايقين" إلى علاقاتها، سواء مع جيرانها من دول الخليج أو إسرائيل أو مع تركيا والهند أيضاً.
وفي هذا الإطار، تحاول الإمارات باعتبارها جزءا مهما من مشروع الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا، أن تحافظ على علاقاتها الجيدة مع الهند وإسرائيل والاتحاد الأوروبي والسعودية، كما تحاول رأب الصدع بينها وبين الإدارة الأميركية الحالية.
ويرى الشوبكي أن رغبة أبو ظبي في المشاركة بطريق التنمية مع تركيا والعراق تعبر عن المشروع "الأساس" للإمارات، لكونها جزءا من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ولأن الاستفادة من المشروع ستحقق على المدى القريب، إذ ستنتهي المرحلة الأولى منه عام 2028، حسب المخطط.
أما الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا فلا يزال مشروعا على الورق، ولذا تحاول الإمارات ضمان ما هو واقعي والموازنة بينه وبين ما هو مستقبلي، في إطار رغبتها في تنمية علاقاتها مع الصين وتركيا والعراق، وكذلك مع قطر، لكونها الدول المنخرطة في المشروع، حسبما يرى الشوبكي.
وبعدما أعلنت تركيا معارضتها لمسار الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا، وأكدت أن المشروع لن ينجح إذا لم تكن تركيا جزءا منه، فإن مشروع "طريق التنمية" عبر العراق إلى تركيا هو الأقرب والأفضل إلى أوروبا، من منظور الإمارات، بحسب الشوبكي، الذي أشار إلى أن أبو ظبي تلعب على حبال المنافسة الاقتصادية بين الدول المنخرطة في كلا المشروعين.
لكن هذه اللعبة خطرة، بحسب توصيف الشوبكي، الذي يتوقع أن تجد أبو ظبي نفسها مستقبلا أمام خيار تحديد اتجاه واحد لها في أحد هذين المشروعين، وفق حسابات اقتصادية تراهن على المشروع الذي سينفذ أولا أو الذي سينجح أكثر.
من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الإمارات تسعى لاقتناص فرص استثمارية في آسيا وأفريقيا، في إطار تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية كمصدر رئيسي للإيرادات، ولذا فليس مستغربا أن تطلب رسميا المشاركة في مشروع طريق التنمية الذي يربط ميناء الفاو، جنوبي العراق، من خلال سكك حديدية وطرق وخطوط أنابيب تنقل النفط والغاز إلى تركيا.
ويوضح إسماعيل أن موقع العراق كبلد عربي مجاور للإمارات يحفز طلب أبو ظبي، خاصة أن بغداد بصدد إعادة بناء البنية التحتية التي أنهكت على مدى عقود بسبب الحروب والصراعات السياسية، وتعمل على أن يكون العراق وجهة استثمار جاذبة.
ويؤكد إسماعيل أن "طريق التنمية" لا ينافس أو يزاحم مشروع الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي بالنسبة للإمارات، رغم أن له بعدا جيوسياسيا يتمثل في تطوير العلاقات الاقتصادية مع العراق وتركيا، فالعراق يحتاج الى الاستثمارات الخليجية والكفاءات ويمثل مدخلا إماراتيا لأوروبا عبر تركيا، فيما ستستفيد الإمارات من الممر الاقتصادي الهندي الى أوروبا على المدى الطويل. ولكن كل هذا يتوقف على تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة ومدى توسعها.