الحجّاج المصريّون.. نظام حجز يفضح أزمة غلاء وبيروقراطية

05 يوليو 2023
الحجيج في طريقهم إلى مكة المكرمة على متن "مصر للطيران" (الأناضول)
+ الخط -

وسط حالة ارتباك شديدة واجهت الحجاج المصريين، في هذا الموسم، أثناء النفرة من عرفات، والإقامة بمنطقة المشاعر في منى، وتفويج رحلات العودة، فاجأت السلطات السعودية الحجيج بتعديل نظام حجز مخيمات منى وعرفات.

فقد ألغى النظام الجديد تخصيص أماكن ثابتة لكل دولة، ومنح أولوية السكن بالمخيمات بأسبقية الحجز. وتسببت الإجراءات الجديدة، في حالة هلع بين شركات السياحة المصرية، والجمعيات الأهلية التي تدفعها القيود الحكومية إلى التعثر في إنهاء إجراءات السفر وتوزيع الحصص المقررة لكل شركة وجمعية، لحين اقتراب موسم الحج الجديد، بينما تطلب السلطات السعودية البدء في إجراءات التعاقد، خلال أيام بعد انتهاء موسم الحج الجاري.

وطلب ممثلو شركات السياحة من رئيس مجلس الوزراء بصفته رئيس اللجنة العليا للحج، عقد اجتماع طارئ فور عودة البعثات الرسمية من الأراضي المقدسة.

على أن تضم اللجنة وكلاء وزارات الداخلية، والسياحة، والتضامن الاجتماعي، لتعمل على إنهاء حالة التخبط الإداري التي تصاحب توزيع حصص تأشيرات الحج، وتدبير العملة الصعبة للجهات المنظمة للرحلات، ومواجهة سماسرة التأشيرات الحاصلين على الغالبية الكاسحة من حصص التأشيرات في الموسم الحالي، بعد تنازل الحكومة عن حصة الدولة من تأشيرات الحج كاملة، والتي تقدر بألف تأشيرة لكل مليون نسمة.

واعتادت الحكومة تأخير صدور قرارات تنظيم الحج إلى ما قبل 4 أشهر من تنظيم الموسم الجديد، وتوزيع تأشيرات الحج على وزارات الداخلية، والجمعيات الأهلية، وشركات السياحة، مخالفة القانون الذي يسمح لشركات السياحة بمفردها بتنظيم رحلات السفر للحج والعمرة.

وتمنح الحكومة تأشيرات حج لجهات تابعة للجيش والأجهزة الأمنية، بعيداً عن حصص الأطراف الثلاثة، وتتحرك كل جهة بمفردها، بما يثير ارتباكاً في تنفيذ الإجراءات وتلاعباً في الأسعار، ويجعل من أسعار الحج الأعلى من نوعها في العالم.

وتعتمد الدول الإسلامية جهة تنفيذية واحدة للإشراف على رحلات الحج، تتولى الحجز الجماعي للأفراد، وتنظيم الرحلات باسم الدولة، بما يتيح للدول الحصول على أماكن مميزة ورخيصة في الإقامة بمكة والمدينة والمشاعر، بينما تعد التجربة المصرية الفريدة من نوعها في تعدد الجهات التي تعتبر موسم الحج فرصة للحصول على امتيازات مالية وخدمات ذاتية بعيدة من مصالح الحجاج.

وتسببت القيود البيروقراطية الحكومية على الشركات في إسناد تسكين الحجاج بالمشاعر إلى شركة طوافة غير كفوءة، حرمت مئات الحجاج من توفير المخيمات والأطعمة في منى، مع إجبارهم على قبول أسعار خدمات مُغالى بها.

وتسربت أعداد هائلة من الراغبين في السفر إلى مكاتب السماسرة، التي حصلت على تأشيرات زيارة بهدف الحج، حيث بلغت قيمة التأشيرة 125 ألف ريال، بينما تراوحت أسعار الحج ما بين 175 ألفاً و250 ألف جنيه.

في السياق، يقول وزير الحج السعودي توفيق الربيعة: "لن تكون هناك معاملة تفضيلية لحجاج دولة على حساب أخرى في توزيع المواقع بالمشاعر المقدسة، في الموسم المقبل".

وأوضح في تصريحات صحافية، أن المواقع ستحدد بناء على أسبقية الحجز في التعاقدات، ويكون مستعداً للعام المقبل، مشيراً إلى تسليم وثيقة الترتيبات الأولية إلى مكاتب شؤون الحج للموسم المقبل 1445 هجرياً، متضمنة حصة كل دولة والبرنامج الزمني الجديد.

وحدد الوزير تسلم وثيقة الترتيبات الأولية للحج اعتباراً من مطلع الشهر الجاري، على أن تبدأ الاجتماعات التحضيرية وفتح المسار الإلكتروني، وإدخال البيانات، وإعلان قائمة الشركات المرخص لها بتفويج الحجاج، يوم 16 سبتمبر/ أيلول المقبل، إضافة إلى التعاقد مع الهيئة العامة للطيران المدني، وتفعيل المحفظة المالية في هذا المسار.

وذكر الربيعة أنه سيبدأ العمل بباقات الخدمة في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، والانتهاء من تعاقدات السكن والمشاعر يوم 25 فبراير/ شباط 2024، مشدداً على أن الدولة التي ستنهي تعاقداتها مبكراً ستكون لها الأولية في أخذ الأماكن واختيار المواقع المناسبة لها في المشاعر، حيث سيجري إلغاء الأماكن المخصصة بصفة دائمة لكل دولة، والمتبعة خلال الموسم الحالي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتقرر البدء في إصدار تأشيرات الحج مطلع مارس/آذار حتى 29 إبريل/نيسان 2024، على أن تبدأ قوافل الحجيج في الوصول إلى الأراضي المقدسة 9 مايو/أيار 2024.

يشير عضو غرفة شركات السياحة المصرية عادل شعبان إلى أن الحكومة لم توفر الحصة الكاملة المقدرة للدولة، والتي تتعدى 100 ألف حاج، خوفاً من التزامها بتقديم العملة الصعبة للمسافرين.

وأوضح شعبان أن إجمالي التأشيرات الرسمية لقطاع السياحة بلغ 16 ألف تأشيرة فقط، بما يعادل حصة حجاج القرعة، وضعف حصة الجمعيات الأهلية، بما دفع الراغبين في الحج إلى الاستعانة بالسماسرة.

من جانبهم قال أعضاء في غرفة شركات السياحة المصرية لـ"العربي الجديد" إن تأخر الحكومة في فتح باب الحج سنوياً، سيؤدي إلى فقدان المصريين الميزات المتمتعين بها حالياً، بالأماكن المخصصة بمنى وعرفات، إضافة إلى مواجهة زيادة الأسعار.

وحذروا من أنه في حالة عدم استجابة الحكومة لتنفيذ التعليمات السعودية، سيلجأ الحجاج إلى سماسرة السفر الذين سيوفرون تأشيرة الحج، بما يرفع معدلات السفر والإقبال على شراء العملة من السوق الموازية، وبالتالي انفلات أسعار الصرف.

المساهمون