الجفاف يعصف بزراعة العراق: تقلّص المساحات المزروعة وتهاوي المحاصيل

18 اغسطس 2022
الأراضي المتصحرة بلغت 15‎% من مساحة العراق (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

كشف مسؤول في وزارة الزراعة العراقية، لـ"العربي الجديد" عن تراجع حاد في حجم المساحات المزروعة بالمحاصيل الموسمية وخاصة القمح والشعير خلال العام 2022، بفعل أزمة الجفاف المتواصلة في البلاد، والتي تفاقمت مع شح الأمطار خلال فصل الشتاء الماضي.

وأضاف أن التراجع الحاد التي تظهره بيانات وزارة الزراعة العراقية الأخيرة قابله ارتفاع في الصادرات وخاصة من تركيا وإيران ودول آسيوية أخرى، بما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطن الذي كان يستفيد من فارق السعر في البضائع الزراعية المسوقة من خلال الفلاحين.
ووفقا للمسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، فإن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والشعير خلال العام 2022 تراجعت من 11 مليونا و600 ألف دونم إلى أقل من 7 ملايين دونم، وهو أقل نسبة زراعة للمحصولين منذ سنوات طويلة.

وأضاف أن خطة وزارة الزراعة التي أعدت مع وزارة الموارد المائية قضت بتقليص حجم المساحات المزروعة من محاصل محددة أبرزها الأرز الذي يتطلب كميات كبيرة من المياه، وسمحت بزراعة باقي المحاصيل الاستهلاكية اليومية مثل البطاطس والباذنجان والطماطم وغيرها من السلع التي تحتاجها المائدة العراقية.

إلا أن تأثر العراق بشح الأمطار كان الأبرز، حيث أدى ذلك إلى خلل كبير بسبب اعتماد أغلب مساحات الزراعة للقمح والشعير على الأمطار وليس الديمية (ري بالأنهار والمياه الجوفية).
وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أعلنت السلطات العراقية، أن الجفاف وشح المياه سيجبران البلاد على تقليص المساحات المزروعة للموسم الزراعي 2022 بمقدار النصف. وجاء في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) أن السلطات قرّرت "تحديد المساحات المزروعة بطريقة الإرواء السطحي، (نهري دجلة والفرات) بواقع 50% عن المساحة المزروعة في العام الماضي".
وحسب إحصاءات رسمية، فإن مجموع إنتاج القمح في العراق بلغ 4 ملايين و234 طنا خلال الموسم الشتوي لسنة 2021، وهذا الرقم انخفض كثيرا وبنسبة 32 بالمائة عن إنتاج سنة 2020 الذي أنتج فيه أكثر من 6 ملايين و238 طنا.

وأعلنت بغداد الاكتفاء الذاتي في هذه السنوات، لكن انتكاسة حقيقية يعاني منها العراق الموسم الحالي، في ظل تراجع ما تحتويه مخازن الشركة العامة لتجارة الحبوب (حكومية) من القمح، وفقا للخبير بالشأن الاقتصادي محمد القيسي.
ويضيف القيسي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن العراق سيعاني خلال شتاء 2022 المقبل والذي يفترض أن يبدأ نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل من عجز كبير في تأمين القمح والأرز بما سيرفع من طاقة الاستيراد إلى مستويات قياسية.

مجموع إنتاج القمح في العراق بلغ 4 ملايين و234 طنا خلال الموسم الشتوي لسنة 2021، وهذا الرقم انخفض كثيرا وبنسبة 32 بالمائة عن إنتاج سنة 2020

 

ووفقا للقيسي، فإن العراق الذي حقق اكتفاءً ذاتيا في القمح سنة 2020، سيستورد هذا العام ما لا يقل عن 3 ملايين طن منه، لسد الحاجة المحلية منه على أقل تقدير، لافتا إلى نقص حاد في منتجات أخرى مثل السمك الذي عاودت وزارة الزراعة للسماح للتجار باستيراده بعد تضرر قطاع الأسماك المنتجة بفعل الجفاف، إلى جانب زراعة الشلب (أحد أنواع الأرز) والذرة ومنتجات أخرى.

وينبه القيسي إلى أن مخاطر الأمن الغذائي بفعل الجفاف لا تقتصر على موسم أو اثنين، إذ إن خروج مساحات زراعية كبيرة من الأراضي بفعل التصحر يعتبر تحديا جديدا أمام السلطات العراقية. وحسب مدير عام دائرة الغابات ومكافحة التصحر في وزارة الزراعة، راوية مزعل، في تصريحات سابقة، فإن "انحسار الأمطار للموسم الشتوي 2021، وانخفاض إطلاقات المياه من دول المنبع، أديا إلى تقليل الخطة الزراعية، ما ساهم في تصحر الأراضي في البلد بسبب انعدام إنتاجيتها".
وأكدت في تصريح صحافي يوم الجمعة الماضي، أن "مساحة الأراضي المتصحرة في البلد بلغت نحو 27 مليون دونم، أي ما يعادل تقريباً 15‎% من مساحة العراق"، مؤكدة أن "نحو 55‎% من مساحة العراق تعد أراضي مهددة بالتصحر خلال الفترة المقبلة".

وأضافت أن "تحجيم التصحر يعتمد على الخطة الزراعية، وأن المساحات التي تخرج من الخطة تكون بسبب قلة الحصص المائية لها، ولا يمكن تحديدها دون انتهاء الموسم الصيفي"، مشيرة إلى أن "القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني يعتمد على الماء باعتباره العامل المحدد الرئيس للعمليات الزراعية وزيادة الإنتاج".

وأضافت أن مشكلة التصحر تحتاج إلى تضافر جهود كبيرة من القطاعات ذات العلاقة، إذ إن الأمر ليس مقتصراً على وزارة الزراعة لوحدها.

المساهمون