أطلق أصحاب مصانع الأكياس البلاستيكية في الجزائر تحذيرات من إغلاق مصانعهم وتشريد آلاف العمال بسبب القرارات الحكومية، وفي المقابل يدافع المسؤولون عن توجهاتهم بمساعيهم نحو الحفاظ على البيئة وصحة المواطنين.
وشرعت الحكومة الجزائرية بدءاً من مطلع السنة الحالية، بالتخلص التدريجي من الأكياس البلاستيكية السوداء، إلى أن يصل إلى حد المنع النهائي نهاية 2022 مع التوجه نحو سنّ القانون الذي يمنع تصنيع أو ترويج أو استيراد أو استعمال الأكياس البلاستيكية، ما يهدد قوت الآلاف من العائلات الجزائرية التي تقتات من جمع وإعادة صناعة الأكياس البلاستيكية.
وفور إعلان هذا المشروع، بدأ مصنعو الأكياس البلاستيكية بالتعبير عن سخطهم، حيث يتهمون الحكومة بتبني الانتقال من استعمال "الأكياس السوداء" إلى استهلاك الأكياس "صديقة البيئة" أو إلى "القفة" المصنوعة من شجرة "الحلفاء" أو "الورق المقوى"، دون تقديم بدائل معقولة للمشتغلين في هذه الصناعة، ما يهدد فرص العمل التي تتيحها.
غير أن استغاثة المصنعين وكل المساعي التي بذلوها في إقناع الحكومة من أجل تأجيل تنفيذ هذا المشروع، اصطدمت كلها بـ "تعنت" الحكومة، حسب أصحاب المصانع.
ويصل حجم مبيعات القطاع في الجزائر إلى 250 مليون دولار سنوياً بحجم استهلاك يتعدى 5 مليارات من الأكياس، وفق أرقام وزارة البيئة، غير أن المهنيين يشيرون إلى أن ذلك الرقم يمكن أن يتضاعف بثماني مرات، إذا احتسبنا القطاع غير الرسمي.
إغلاق المصانع
ويشير المستثمرون في القطاع إلى أن المهلة التي منحتها الحكومة للمهنيين من أجل توفير أكياس بلاستيكية قابلة للتحلل السريع، ستسبب إغلاق العديد من المصانع، في ظل عدم تقديم بدائل تدعم الاستثمار.
وفي هذا السياق، يقول صاحب مصنع لصناعة الأكياس من مختلف الأحجام، ناصر مداني، أن "المصنعين تفاجأوا بقرار الحكومة الذي جاء دون مقدمات ومؤشرات واضحة، وبين عشية وضحاها تتحدث وزارة البيئة عن معاقبة المحلات التي تستعمل الأكياس، بل تعاقب المصانع، وهذا أمر غير معقول، لأننا نشتغل وفق القانون الجزائري، وندفع الضرائب، ونشاطنا مرخص، بل مدعم من خزينة الدولة".
وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد": "لا ندري مصير مصانعنا وعمالنا لأن الحكومة ترفض الحديث معنا وتوضيح الصورة لنا".
وكانت الجزائر قد أطلقت مشروع "دعم تشغيل الشباب" في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة مع وصوله إلى الحكم عام 1999، الذي يسمح للشباب بأخذ قروض بنكية لفتح شركات صغيرة دون دفع الضرائب والأقساط البنكية لمدة 5 سنوات. وكانت مصانع وورشات صناعة الأكياس البلاستيكية الأكثر طلباً، حيث منحت البنوك الحكومية قرابة 5200 قرض لشباب تفوق قيمة القرض الواحد 10 ملايين دينار (90 ألف دولار).
تشريد العمالة
يقول صاحب مصنع لصناعة الأكياس الصغيرة والزراعية، نور الدين لعزري، لـ "العربي الجديد" إن مصنعه يشغل 40 عاملاً، وقد يضطر إلى مراجعة حساباته لتغيير النشاط الذي دخله قبل 18 سنوات ضمن مشروع "دعم تشغيل الشباب".
وحسب المهني الجزائري فإن "قرابة 45 ألف عامل مباشر وغير مباشر في هذا القطاع، سيجدون قوتهم يتبخر في القريب العاجل".
وتسعى الجزائر عبر تبني الأكياس متعددة الاستعمال، لحسم مشكلة الأكياس البلاستكية، علماً أن الحكومة كان قد فرضت منع الأكياس البلاستيكية السوداء سنة 2010، غير أن ذلك المنع لم تلتزمه سوى المتاجر الكبرى التي اختارت استعمال أكياس قابلة للتحلل.
تجنب المخاطر البيئية
تشدد الحكومة على أن الأكياس البلاستيكية تنطوي على مخاطر تهدد البيئة وصحة الإنسان والماشية والتربة.
وفي رد على مخاوف المصنعين، قال مدير مركزي في وزارة البيئة والطاقات المتجددة، كمال عمرون، إن "الوزارة وقّعت اتفاقاً مع مندوبي منتجي الأكياس البلاستيكية، يقضي بتوقيف إنتاج وتسويق الأكياس البلاستيكية السوداء واستبدالها بأكياس بلاستيكية مطابقة للمعايير والمقاييس الموجودة في التنظيم ساري المفعول، والحوار مستمر مع المعنيين من أجل إيجاد البدائل النهائية لهذه الإشكالية".
وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد" أن "وزارة البيئة تعهدت بمرافقة منتجي الأكياس البلاستيكية لتغيير هذا النمط من الإنتاج إلى نمط آخر صديق للبيئة ودعم كل المبادرات الخاصة بإنشاء مؤسسات لاسترجاع المواد البلاستيكية في إطار نظام أيكولوجي".