الجزائر: تهديدات عديدة لموسم حصاد القمح

22 يونيو 2023
توقعات أولية بنقص في المحصول بنحو 25% (فرانس برس)
+ الخط -

انطلق موسم حصاد القمح في الجزائر، وسط مخاوف الفلاحين من موسم غير وافر، وتوقعات أولية بتسجيل نقص في المحصول بنحو 25% مقارنة بالعام الماضي، إذ سجلت كبرى المحافظات المنتجة للقمح نقصاً في المياه وتقلص المساحات المروية، كما سجلت ولايات أخرى تلفاً في المحاصيل بسبب الأمطار الكبيرة التي سجلتها الجزائر طيلة شهر مايو/أيار المنصرم، فيما يبقى هاجس الأسعار وحده ما يقلق الفلاحين، لتعويض الخسائر.

ويتوقع فلاحو الجزائر أن يعرف موسم حصاد السنة الحالية الذي انطلق مع بداية الشهر الماضي تراجعاً في محصول القمح، أقل من الأرقام التي سجلت في السنتين الماضيتين، التي كان فيها الإنتاج بين 6 و7 ملايين طن.
حسب رئيس اتحاد الفلاحين الجزائريين، ديلمي عبد اللطيف، فإن "محصول هذه السنة يتوقع أن يصل عند نهاية موسم الحصاد في نهاية أغسطس/ آب تحت عتبة 4.5 ملايين طن". ويرجع نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" هذا الرقم إلى "تقلص المساحات المستغلة بحوالي 20 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية، وذلك بسبب الجفاف الذي ضرب الجزائر الشتاء المنصرم وامتد إلى غاية فصل الربيع".

وأضاف ديلمي أن "دعم الدولة للفلاحين خاصة بالأسمدة الزراعية وبالآلات خلال عمليات الحرث لم يساعد على زرع مساحات جديدة، عكس السنوات الماضية لأنّ الريّ من الآبار يحتاج إلى مصاريف كبيرة".

ويطغى شعور الإحباط على شريحة واسعة من مزارعي المحافظات المنتجة، بعدما خيّبت النتائج المتوقعة أحلاماً بنوها على امتداد الموسم الزراعي الذي كان يلوح واعداً إلى حدود شهر فبراير/شباط الذي شحت فيه التساقطات المطرية.

ويمثل نقص الأمطار وتراجع المخزونات المائية المخصصة للري أبرز أسباب تأثر المحاصيل الزراعية عموماً والحبوب خاصة، إذ يفرض التغيّر المناخي معطى جديداً على المزارعين والسلطات التي تواجه نقص الإنتاج المحلي باللجوء إلى استيراد كميات إضافية من الحبوب، سواء المخصصة للاستهلاك البشري أو الموجهة للأعلاف.

وبسبب تواتر مواسم الجفاف في السنوات الأخيرة يعرف إنتاج الحبوب تذبذباً كبيراً، ما تسبب في تفاقم واردات الغذاء.
وفي السياق، قال رئيس غرفة الفلاحة في محافظة تيارت (350 كم غرب العاصمة الجزائرية)، عبدي العربي، إن "موسم القمح للموسم الحالي يحمل إشارات سلبية توحي بأنه سيكون أسوأ المواسم مقارنة بالسنوات القليلة الماضية؛ فجميع المحاصيل التي تعتمد على الأمطار في عمليات الريّ أعطت إنتاجاً ضئيلاً، إذ إن الفلاحين عاشوا فترات جفاف وانحباس للأمطار عكس العام الماضي".

وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد" أن "الفلاحين يتوقعون حصد قرابة 250 ألف طن من القمح في المحافظة مقارنة بـ400 ألف طن مسجلة السنة الماضية على طول 600 ألف هكتار من الأراضي المزروعة في المحافظة، وهو رقم يبقى بعيدا عن الرقم الأعلى المسجل في السنوات العشر الأخيرة والمقدر بـ 700 ألف طن سنة 2009".
وأكد الفلاح عبد القادر بن أحمد من ولاية البويرة شرق العاصمة الجزائر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أمطار مايو كانت بمثابة رصاصة الرحمة، حيث أتلفت السنابل الجاهزة للحصاد، وبللت القمح، وأصبح غير قابل للاستهلاك، وسيتم تحويل المحاصيل المتضررة إلى أعلافٍ للمواشي، لتخفيف الأضرار".
ووسط هذا التشاؤم، يبقى هاجس السعر الذي يعود مع كل عملية حصاد، يؤرق الفلاحين الذين يشتكون من الأسعار التي تحددها وزارة الفلاحة بعد استشارة دواوين الحبوب والتي لا تغطي بحسبهم المصاريف في وقت تستورد الجزائر ما تعادل قيمته 1.5 مليار من القمح سنوياً.


إلى ذلك، يقول فلاح من محافظة البويرة (120 كم شرق العاصمة) يمتلك أرضاً مساحتها 10 هكتارات، لعموري دحماني، إن "الحكومة دأبت على تحديد سعر مرجعي للقمح عند بداية موسم الحصاد يكون فيه الفارق بين كل سنة وأخرى بعض الدنانير وفي غالب الأحيان لا يتعدى السعر 5 آلاف دينار للقنطار الواحد (31 دولاراً) حيث يفترض على دواوين القمح عدم النزول عن ذلك السعر المدعّم عند الشراء وهو ما تفعله أحيانا حيث تشتري الدواوين تحت هذا السعر المحدد من طرف الحكومة الذي لا يغطي 50 بالمائة من تكلفة زراعة القنطار الواحد".

وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد" أن "مصاريف اليد العاملة مرتفعة، إذ يُدفع للشباب في عملية الحصاد بين 1000 و1500 دينار (10 دولارات) لليوم الواحد يضاف إلى ذلك ارتفاع تكلفة الوقود وهي زيادات لم تأخذها وزارة الفلاحة ودواوين الحبوب والقمح بعين الاعتبار".
وعجزت الجزائر عن تحقيق الاكتفاء في مجال إنتاج القمح، فرغم ارتفاع الإنتاج فوق عتبة 5 ملايين طن سنوياً، إلّا أن ارتفاع الطلب الداخلي، المقدر بـ 15 مليون طن، جعل الجزائر تسجل اسمها على رأس قائمة زبائن القمح الأوروبي والأميركي، بفاتورة واردات ضخمة.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت حملة ضد المتلاعبين بالقمح وأسعاره، أفضت إلى إغلاق عشرات المطاحن الخاصة مع متابعتها قضائياً، والتحقيق مع عشرات المطاحن الأخرى، بتهمة تضخيم الفواتير.

المساهمون