الجزائر: تحذير من تفويت فرصة "الطفرة المالية" بسبب حرب أوكرانيا

18 نوفمبر 2022
تنفذ الجزائر حالياً مشاريع عديدة مستفيدة من الزيادة الكبيرة في الإيرادات (فرانس برس)
+ الخط -

حذر نواب في البرلمان الجزائري الحكومة والسلطة السياسية من مخاطر إهدار فرصة الطفرة المالية التي تعيشها الخزينة العامة بفعل ارتفاع عائدات المحروقات نتيجة أزمة الطاقة العالمية وحرب أوكرانيا، ومن تداعيات زيادة الإنفاق على التشغيل من دون تخطيط جدي لتحقيق التنمية وإنعاش الاقتصاد والخروج من تبعية "ريع النفط".

وخلال مناقشة قانون موازنة 2023 الجارية في البرلمان، طرحت الحكومة أضخم موازنة في تاريخ البلاد منذ الاستقلال، حيث بلغت 98 مليار دولار للعام القادم، 2023، بزيادة 24.5 مليار دولار مقارنة مع موازنة العام الجاري، 2022.

والجزء الأكبر منها موجه إلى تغطية نفقات التسيير، وجزء خاص بالتجهيز والاستثمار، وهو ما كان محل انتقاد لافت من النواب، حيث سأل النائب عن كتلة "حركة مجتمع السلم" (معارضة) عبد الوهاب يعقوبي: "لماذا ترفع موازنة 2023 نفقات التشغيل، من أجور ووقود وألبسة ومأكولات ومراسم وحفلات للرئاسة والوزارات بأضعاف مضاعفة، بينما نحن في أمسّ الحاجة إلى ترشيد النفقات والاستغلال الأمثل لارتفاع الواردات بعد صعود سعر البترول كي نخرج من التبعية للمحروقات التي تهدّد أمننا الاقتصادي القائم على الريع؟".

وأضاف يعقوبي أن "السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو عن فائدة رفع نفقات التسيير في وقت يتنافس الكبار على الدفع ببلدانهم للاستثمار، والمخيف في كل ذلك أن هذا الانتعاش لصندوق الاحتياط الصرف ظرفي وليس هيكليا، نتيجة ارتفاع سعر النفط، الذي يبقى مرهونا بعوامل خارجية جيوسياسية، لا سيما الوضع في أوكرانيا، وليس لركائز اقتصاد قوي يضمن استقرار المداخيل التي تؤمن حياة الجزائريين".

وانتقد النائب غياب مؤشرات الشفافية في الموازنة المطروحة، وقال: "كنا نتمنى أن يحدث الانتقال إلى عرض قانون المالية لعام 2023 تغيرا هيكليا حقيقيا في مجال تسيير الأموال العمومية عبر ربط الموازنة بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة بتكريس مفهوم الشفافية عن طريق تمكين النواب والمواطنين من الإطلاع على البيانات والقواعد المختلفة للدوائر الوزارية وتمكينهم من سهولة مساءلة الحكومة ومسؤولي البرامج والقائمين على تدبير المال العام، لكن للأسف تمخض الجبل فولد فأرا".

وفي السياق، عبّر النائب إسماعيل خاشع عن كتلة "حركة البناء الوطني" (من الحزام الحكومي)، عن تخوفه من حدوث صدمة نفطية في حال تغيرت معطيات الواقع الدولي في الفترة المقبلة، ما قد يؤدي إلى خفض عائدات النفط.

وقال خاشع: "ما زلنا نلحظ أن هناك اعتمادا كليا على الريع النفطي، وكيف تتم تغطية العجز المالي، وهذا هو الأهم، وما هي الموارد والآليات لتغطيته، علما أن ارتفاع سعر المحرقات كان وليد أزمة دولية فقط، ولا يمكننا الاعتماد عليه لعدم ثبات أسعار المحروقات".

ويُفهم من المخاوف، التي أعرب عنها النواب، وجود محاذير من إهدار فرصة مالية مهمة تتميز بتدفق عائدات كبيرة، ومن تكرار سياسات الإنفاق نفسها التي طبقتها حكومات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قبل عام 2019، حيث أنفقت ما مجموعته 980 ملياردولار خلال عقدين، من دون أن يحدث ذلك أي أثر على إنعاش الاقتصاد وتحريره من التبعية للمحروقات، حيث ظلت عائدات البلاد من النفط  تمثل أكثر من 98% من إجمالي الإيرادات.

بدوره، حذر النائب فؤاد عصمان، عن كتلة "التجمع الوطني الديمقراطي" (ثاني حزب)، من تماهي الحكومة مع أسلوب الإنفاق دون وجود خطط لتنمية الاقتصاد وزيادة الناتج الخام الداخلي، وقال: "نلاحظ في مشروع قانون الموازنة أنه ليس هناك ترشيد للنفقات، بل يتضمن موازنة كبيرة للتشغيل في مقابل نسبة ضئيلة للتجهيز".

وأضاف عصمان أن الحكومة "خصصت 18 مليار دولار للدعم الاجتماعي الذي يزيد من الاستهلاك بدلا من الإنتاج"، معتبرا أنه "يجب رفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية، والتفكير في آليات جدية لاستيعاب القيمة الضخمة من الأموال الموجودة في السوق السوداء، والمقدّرة بـ90 مليار دولار، بحسب تصريحات سابقة لرئيس الجمهورية".

وبالنسبة للنائب مولود العايب، عن كتلة "جبهة المستقبل" (من الحزام الحكومي)، فإن الحكومة لم تضع تقديرات محتملة لإمكانية وقوع هزة ما في حال انخفضت أسعار النفط نتيجة للتقلبات الدولية الحاصلة، وتأثير ذلك على الاقتصاد.

وقال خلال مناقشة مشروع الموازنة إن "الحكومة قدمت توقعات دقيقة وثابتة حول نسبة النمو المحتمل، بدلا من توقعات تقريبية تراعي الواقع الدولي المضطرب والعوامل الإقليمية، لتفادي الوقوع في مواقف تبريرية مستقبلا".

كما حذر العايب من "ضخ كتلة نقدية معتبرة للإنفاق العمومي، من دون وجود خطة لمحاربة التضخم"، وقال إن "الرئيس وضع تحقيق النمو هدفا سياسيا من دون القدرة على محاربة التضخم، والحكومة لم تقدم خطة واضحة لمحاربة التضخم وتحقيق التنمية".

المساهمون