بدأت حملات مقاطعة العلامات الداعمة لإسرائيل تتوسّع وتؤتي ثمارها في الجزائر، سواء على مستوى مواقع التواصل الافتراضي وعلى الواقع، حملات وإن رمزية في أيامها الأولى إلا أنها تحولت إلى قوة دفعٍ لمنتجات محلية، بالأخص في مجال المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، ومواد التجميل وغيرها.
وكان لوسم "ماتشريش_سلعتهم"؛ أي لا تشتر سلعتهم باللهجة الجزائرية، التأثير الكبير في توجيه بوصلة مقاطعة العلامات الداعمة لإسرائيل، بطرح فكرة تعويض ما يتم استهلاكه من علامات أجنبية، ثبُت دعمها لتل أبيب، بعلامات جزائرية، إلا في حالة "الضرورة القصوى" إذا تعلق الأمر بالأدوية أو ما لا يتم إنتاجه محلياً.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق عمليات المقاطعة التي مسّت بالدرجة الأولى المشروبات الغازية، خاصة علامات "كوكا كولا" و"بيبسي" و"فانتا"، لاقترانها بدعم اسرائيل في مخيلة الجزائريين، ما أثر كثيراً على مبيعاتها.
غياب المشروبات المستوردة
وفي جولة بشوارع العاصمة الجزائر، لرصد مظاهر المقاطعة، وقفت "العربي الجديد" على غياب شبه لافت للمشروبات العالمية، خاصة في المطاعم ومحلات الأكل السريع، إذ أكد مدير أحد المطاعم في شارع "ديدوس مراد" الشهير وسط العاصمة الجزائرية، عبد الله شواصي، أنه "فضل مقاطعة بيع كل المشروبات العالمية المستوردة والمُنتجة محلياً في الجزائر بترخيص من "الشركة الأم"، وذلك أمام هول ما نراه يومياً من مجازر إسرائيلية على إخوتنا في غزة".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "المقاطعة بالنسبة إليه هي قناعة شخصية، حتى وإن كانت لا تضرّ العلامات العالمية، ولكنها ستكون ككرة ثلجٍ قد تكبُر، وفي المقابل اكتشفنا علامات جزائرية من المشروبات، نسوقها بأسعار أقل وتلقى رواجاً لدى الجزائريين الذين باتوا يقاطعون العلامات العالمية بدرجات متفاوتة".
وسمحت حملات المقاطعة بدفع مبيعات شركات المشروبات الجزائرية، التي قفز الإقبال عليها، وهو ما يؤكده مدير شركة "بواسون مارك" لإنتاج المشروبات الغازية والعصائر، الذي قال لـ "العربي الجديد" إن "تجار الجملة والموزعين تضاعفت طلبياتهم في الأيام الأخيرة"، مرجعاً ذلك إلى مقاطعة المطاعم وحتى محلات "سوبر ماركت" العلامات العالمية، وفي مقدمتها "كوكا كولا" و"بيبسي" وحتى "شويبس".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أنه "يراقب دعوات المقاطعة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والأثر الذي خلفته على أسواق المشروبات، ما دفع ببعض ممثلي العلامات لإطلاق عروض ترويجية جديدة بتخفيض الأسعار، ما يعني نجاح حملات المقاطعة".
تغيير الخطط التسويقية
كشف عضو الجمعية الجزائرية لمنتجي المشروبات، محمود زياري، أن "سوق العصائر والمشروبات الغازية والكحولية يقدر بـ 260 مليار دينار، أي ما يعادل 1.5 مليار دولار"، مضيفاً أن حصة العلامات الأجنبية فيها تقدر بحوالي 45 بالمائة، 50 بالمائة منها مستوردة بقيمة تلامس 400 مليون دولار سنوياً".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "المعطيات الأولية التي وصلت إلى الجمعية كشفت عن تغير المنحى التسويقي والاستهلاكي لصالح العلامات المحلية، ربما نتيجة حملات المقاطعة التي انتشرت بقوة مع تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة".
ولم تكن سوق المشروبات وحدها المتأثرة بحملات المقاطعة، المتداولة ضد علامات عالمية داعمة لإسرائيل، بل انتقلت لسوق مواد التجميل، إذ أكّد تجار لـ "العربي الجديد" وجود نفور للجزائريين من العلامات الفرنسية بالأخص، وفي مقدمتها "لوريال" و"غارنيي" وغيرهما من العلامات.
إلى ذلك، أكد الخبير في الاقتصاد السياسي عبد القادر جنادي أن "نجاح حملات المقاطعة في دفع العلامات الجزائرية كبديل يأتي من باب دعم القضية الفلسطينية وقطع ممر من ممرات التطبيع مع إسرائيل، وهو العلامات العالمية الداعمة للكيان، لكن هناك عاملاً آخر، تزامن مع العدوان الإسرائيلي وانتشار حملات المقاطعة، وهو موجات الغلاء التي عصفت بالقدرة الشرائية للجزائريين الذين باتوا أكثر استهلاكاً للمحلي، كون أن الأسعار منخفضة مقارنة بأسعار العلامات العالمية المستوردة، خاصة مجال الغذاء كالمشروبات والأجبان والشوكولاتة، وحليب الأطفال، أو بالنسبة لمواد التجميل، فيما تبقى عمليات المقاطعة منعدمة في مجال الملابس كون أن هذه الأسواق تهيمن عليها العلامات المقلدة ويصعب التحكم فيها".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "إشكالية المقاطعة تبدو نسبية في الجزائر لغياب التمثيل الحقيقي للعلامات و"الفرنشايز" وثانياً تغول السلع الصينية المقلدة على الأسواق، وبالتالي ستكون حملات المقاطعة محدودة في بعض المجالات، وتساعد ظرفياً العلامات الجزائرية التي يجب أن تستغل هذه الفرصة لتحسين منتجاتها وخفض أسعارها".