الجزائر: المضاربات تقفز بأسعار مواد البناء

28 اغسطس 2023
عاملون في مصنع لافارج الفرنسي للإسمنت في الجزائر (فرانس برس)
+ الخط -

لم تسلم مواد البناء من موجة ارتفاع الأسعار التي تلف السوق الجزائرية، وسط احتدام المضاربات التي استغلت حظر الحكومة استيراد هذه المواد وتزايد الطلب عليها بعد هدوء استمر عدة أشهر في وقت سابق من هذا العام.

وقفزت أسعار الإسمنت خلال الشهر الجاري إلى قرابة 1000 دينار للقنطار (7.4 دولارات)، مقابل نحو 750 ديناراً للقنطار (القنطار يعادل 100 كيلوغرام) قبل نحو شهرين، بزيادة تبلغ نسبتها 33%، فيما تجاوز سعر قنطار الحديد صنف "12 ميليمتر" المخصص للبناء 10 آلاف دينار، بينما كان لا يتجاوز 9 آلاف دينار.

مادة الرمل هي الأخرى مستها قفزات الأسعار حيث بلغ سعر شاحنة "رمل وادي سوف" ذات حمولة 18 طناً 70 ألف دينار (518 دولارا) في حين لم يتعد سعرها 55 ألف دينار. أما مواد السيراميك فقد شهدت هي الأخرى ارتفاعات حيث انتقل متوسط سعرها من 900 دينار للمتر المربع الواحد للمنتج المحلي إلى 1200 دينار، ومن 1300 دينار إلى 1700 دينار بالنسبة للسيراميك المستورد من إيطاليا، في حين غابت كل أنواع السيراميك الإسبانية بسبب قطع العلاقات بين البلدين منذ يونيو/حزيران 2022.

ويرى تجار تحدثوا مع "العربي الجديد" أن قرارات الحكومة القاضية بمنع استيراد مواد البناء، بغية التحكم في فاتورة الاستيراد أدت الى ارتفاع أسعارها بفعل زيادة الطلب ونقص المعروض، وهو ما فتح باب المضاربة والاحتكار، لافتين إلى أن علامات الاستفهام تطرح حول الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار الإسمنت الذي يشهد إنتاجه ارتفاعاً في الجزائر.

ويقول محمود نشادي، أحد تجار الجملة لمواد البناء في بلدية "عين النعجة" في ولاية الجزائر المعروفة ببيع مواد البناء، إن "هذا الارتفاع في أسعار المواد جزء منه مبرر وجزء غير مبرر، فالمبرر منه يرجع إلى تفاعل السوق مع إخضاع مواد البناء لنظام الحصص ورخص الاستيراد، ما أربك السوق وأخل بميزان العرض والطلب. أما غير المبرر فيبقى الارتفاع الذي مس مادة الإسمنت، لا سيما أن الإنتاج المحلي يغطي الطلب الداخلي، وبالتالي هناك إشكالية تتعلق بإمداد المصانع للأسواق بهذه السلعة التي وقعت في قبضة المحتكرين الذين يشترون كميات كبيرة وسط تواطؤ من المنتجين".

وكانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت في 2020، تحقيق البلاد الاكتفاء الذاتي في ما يتعلق بمادة الإسمنت، من خلال إنتاج 30 مليون طن بعد فتح مصنع "بسكرة" للإسمنت بشراكة مع شركة "لافارج" الفرنسية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

بدوره، يقول عبد الحكيم جعفر الشريف، تاجر ومستورد لمواد البناء، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن السوق تضرر بعد تجميد استيراد مواد البناء، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار المواد المصنعة محلياً، مشيرا إلى أن المستوردين ينتظرون تحرير وزارة التجارة لرخص الاستيراد.

من جانبه، يقول عضو المنظمة الجزائرية لأرباب العمل والمقاولين محمد إسرحان إن "الحديث عن الاكتفاء الذاتي في مادة الإسمنت يبقى مجرد كلام سرعان ما تكذبه القفزات المتكررة التي تشهدها أسعار هذه المادة، فلو كان هناك إنتاج وفير وتحكم الحكومة في السوق لما استطاع المضاربون أن يفرضوا منطقهم، إذ في كل مرة نسمع فيها إشاعات عن ارتفاع أسعار الاسمنت وحتى الحديد وإذا بها تحدث ما يعني أن السوق بات بيد المضاربين والوسطاء".

ويضيف إسرحان لـ"العربي الجديد" أن "سوق مواد البناء تقدر بحوالي 3 مليارات دولار، وهي كبيرة بينما تبقى خارج سيطرة الحكومة، فحتى شركات الإسمنت العمومية رهينة المضاربين الذين نجحوا في الاستحواذ عليها من خلال تقديم رشاوى، إذ كثيراً ما يقال لنا، نحن المقاولين، إن الإسمنت نفد في المخازن بالرغم من حيازتنا على تراخيص حكومية تعطينا الأولوية في الحصول على هذه المادة".

ويلفت إلى أن المشاريع السكنية التي أطلقتها الحكومة هي الأخرى أدت إلى ارتفاع الطلب على مواد البناء، وهو عامل لا يجب إغفاله، بالإضافة إلى مشاريع أخرى تتطلب كميات كبيرة من الإسمنت والحديد.

المساهمون