التوترات تزيد سطوة الدولار على الجنيه المصري

16 ابريل 2024
مكتب صرافة في القاهرة (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجنيه المصري يواجه ضغوطًا بسبب قوة الدولار والتوترات الجيوسياسية، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار وزيادة تكلفة الواردات وأسعار النفط، مما يزيد الطلب على الدولار.
- الحكومة المصرية تواجه تحديات في تحسين أرصدة البنك المركزي بالدولار بسبب تأخر تنفيذ القروض الدولية، مما يصعب عليها تلبية احتياجاتها من الدولار لدفع مستحقات الدائنين واستيراد الضروريات.
- تقلبات في السوق المصرية تعكس عدم يقين المستثمرين بشأن مستقبل الجنيه، مع ارتفاع أسعار الذهب وتأثير سلبي على قطاعات مثل التأمين والأدوية، بينما تستفيد قطاعات أخرى مثل التعدين والكيماويات.

تفرض قوة الدولار الغاشمة سطوتها على الأسواق الدولية، بما يرتد بمزيد من الضغوط على الجنيه المصري الهزيل الذي يتعرض لضربات متواصلة منذ نحو ثماني سنوات. وارتفعت العملة الأميركية بمعدل جنيه في السوق الرسمية، بمجرد فتح أبواب البنوك للعمل بعد فترة إجازة استمرت أسبوعاً، وذلك بعد زيادات سابقة على مدار الأسابيع الماضية.

وتدق هذه الزيادة ناقوس الخطر من جديد، مع وجود ضغوط هائلة على الجنيه، ظهرت في الأفق مع تصاعد التوترات بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تنذر باشتعال أكبر للحرب في المنطقة التي تشهد بالأساس اضطرابات مستمرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة الذي دخل شهره السابع.

يتوقع اقتصاديون أن يواصل الجنيه تراجعه أمام الدولار والعملات الرئيسية خلال الفترة القادمة، مع عدم وجود رؤية للمستويات التي سيتوقف عند حدودها، مع وجود حالة عدم اليقين التي تسيطر على الوضع الجيو سياسي في المنطقة. تؤكد حنان رمسيس خبيرة أسواق المال لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع الدولار والعملات الرئيسية مقابل الجنيه خلال الأيام الماضية، جاء مرتبطاً بصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، الذي دفع إلى زيادة أسعار النفط خلال الأيام الماضية ورفع من قيمة الواردات في دولة تعتمد على استيراد المحروقات وأغلب سلعها الرئيسية.

تشير خبيرة أسواق المال والاستثمار إلى أنه رغم توقيع الحكومة اتفاقيات مالية بقيم كبيرة، لبيع أرض رأس الحكمة على البحر المتوسط شمال البلاد بقيمة 35 مليار دولار، والحصول على قروض جديدة من صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي، بمبالغ إجمالية تزيد عن 55 مليار دولار، فإن هذه التدفقات مازال معظمها قيد الإعداد، ولم تصل إلى مرحلة التنفيذ إلا الدفعة الأولى من بيع رأس الحكمة للجانب الإماراتي.

وأوضحت أن المتحصلات بالدولار متأخرة وتحتاج إلى مزيد من الوقت لدخولها في أرصدة البنك المركزي، والمؤسسات المصرية، بينما الحكومة تواجه زيادة كبيرة في حاجتها إلى الدولار لدفع مستحقات الدائنين والإفراج عن السلع الموجودة في الموانئ، واستيراد الأدوية ومستلزمات الإنتاج، بما يزيد الضغوط على طلب الدولار، في وقت تعهدت به الحكومة الالتزام بمرونة سعر الصرف، الأمر الذي يجبر البنوك على رفع سعر العملة الأميركية، وفقا لضغوط الطلب مع قلة العرض.

وعاود الدولار ارتفاعه في البنوك والسوق الموازية، أمس الاثنين، بعد رحلة هبوط أمام الجنيه، استمرت 4 أسابيع. وبلغ سعر الدولار في البنك المركزي 47.52 جنيهاً للشراء 47.65 جنيهاً للبيع. بينما صعد في البنوك بما يقارب الجنيه إلى 48.5 جنيه للشراء في المتوسط، بينما يتجاوز هذه المستويات في السوق الموازية ليلامس 50 جنيها.

جاءت الزيادة في سعر الدولار في أسعار السوق الرسمية للعملات الصعبة متأثرة بقوته الصاعدة في الأسواق الدولية، التي تسحق باقي العملات الأجنبية، متحصناً بالقوة العسكرية الأميركية الهائلة وتحسن الأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة، ومحليا باستئناف النشاط بالأسواق، بعد إجازة طويلة بفترة الأعياد، وارتفاع عدد المسافرين للخارج، والاستعداد لرحلات الحجاج الشهر المقبل.

رصدت "العربي الجديد" عودة الزيادة بقيمة الدولار بالسوق الموازية، لتلبية احتياجات صغار المتعاملين من المقبلين على السفر واستعادة الثقة في حيازة العملة الصعبة، مع استمرار الأداء الحكومي المتراجع في مواجهة الأزمة الاقتصادية، ووجود مخاوف من ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والسلع المستوردة خلال الفترة المقبلة. وكان الدولار قد شهد تراجعا عند 46.72 جنيها للشراء و47.57 جنيها للبيع، في السوق الموازية منتصف مارس/آذار الماضي، مع تراجع كافة أسعار العملات الأخرى لتقترب من مستوى السعر السائد في البنوك التجارية، التي عرضت الدولار عند متوسط سعر 47.90 جنيها للشراء و48 جنيهاً للبيع.

تبدي حنان رمسيس خبيرة المال والاستثمار خشيتها من استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، بما يدفع شركات الشحن الرئيسية في العالم، إلى استمرار مقاطعة مرور سفنها في البحر الأحمر، الأمر الذي يزيد من خسائر قناة السويس من عوائد المرور بالعملة الصعبة. وتؤكد أهمية بحث الحكومة عن مسارات بديلة، للحصول على العملة الصعبة، عبر ضغط المصروفات بالدولار، وتنمية المشروعات الزراعية والإنتاجية، لخفض اعتماد الأسواق على الاستيراد من الخارج، محذرة من استمرار الحرب مع تزايد حاجة الحكومة للاستيراد، بما يبقي الضغط قوياً على طلب الدولار.

وفي مقابل صعود الدولار وبالتالي الذهب، سجلت البورصة أداء متذبذباً خلال تعاملات، أمس. وجاءت شركات التأمين والأدوية والمقاولات والمطاحن والأسواق الحرة، على رأس الشركات التي تأثرت سلباً بالارتفاع المسجل في العملة الخضراء والمعدن النفيس، فضلا عن رغبة المستثمرين في حيازة أسهم بشركات منتجة للسلع كثيفة الطلب ولديها أصول رأسمالية جيدة وفرص للتوسعات المستقبلية.

وأحزرت شركات التعدين والكيماويات والأسمدة، والورق والعقارات والإسمنت أداء أفضل، حيث سجلت بعض الشركات زيادة في قيمة السهم متخطية 11%، بينما سادت نسبة 4% أغلب التعاملات على الأسهم في المنطقة الخضراء. وظلت شركات الإسكان والسياحة وبعض البنوك في المنطقة الرمادية، دون تحقيق نتائج إيجابية أو سلبية خطيرة.

وتعكس تعاملات البورصة حالة التخوف لدى المتعاملين من عودة الجنيه للتدهور مقابل الدولار والعملات الصعبة، مع زيادة أسعار الذهب عالمياً، وبداية صعوده مجدداً في السوق المحلية، وعدم اليقين في ظل تطورات الأوضاع الجيو سياسية بالمنطقة وعزم قوات الاحتلال الاسرائيلي على اقتحام رفح خلال الأيام المقبلة، بما يؤجج الأوضاع العسكرية في البحر الأحمر ويضع المنطقة على شفا حرب إقليمية.

واستقرت أسعار الذهب على مستوى مرتفع بلغته منذ 4 أيام، رغم تراجع سعر أوقية الذهب من 2360 إلى 2348 دولارا على الشاشة العالمية، أمس. وسجل العيار 21 الأكثر تداولاً 3280 جنيهاً للغرام وبلغ عيار 24 نحو 3748 جنيهاً وعيار 18 نحو 2186 جنيهاً، وعيار 14 بلغ 2186 جنيهاً للغرام. فيما وصل سعر الجنيه الذهب بدون مصنعية إلى 26240 جنيهاً والأونصة نحو 116.58 ألف جنيه.

وشهدت أسواق الذهب ارتفاعا في سعر الدولار إلى 49.63 جنيها، متأثراً بزيادة سعر الدولار في السوق الموازية، عن المعدلات السائدة في البنوك والتي تزيد بنحو جنيهين عن البنوك.

المساهمون