دائرة التنديد بعدم تجديد روسيا اتفاق الحبوب تتوسّع ومخاوف الأمن الغذائي تشتد

19 يوليو 2023
ميناء أوديسا الأوكراني الرئيسي لتصدير الحبوب تعرض للقصف الروسي مجدداً اليوم (أسوشييتد برس)
+ الخط -

فيما تواصل روسيا قصفها منطقة أوديسا الاستراتيجية بما تحتضن من موانئ تصدير حيوية، تتسع دائرة التنديد بقرار روسيا عدم تجديد انخراطها في اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، فيما أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ستيفان دوجاريك، الثلاثاء، أن الأمين العام سيواصل البحث عن كل السبل الممكنة من أجل تصدير الحبوب الأوكرانية والروسية.

فما أحدث المواقف بشأن رفض موسكو يوم الاثنين تمديد الاتفاق الذي استمر العمل به عاما، وسمح بتصدير عشرات الملايين من أطنان الذرة والقمح والحبوب الأوكرانية لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي التي لاحت في الأفق بعد اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا؟

من باريس، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ارتكب "خطأ فادحا" بإنهاء مشاركة بلاده في اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية. وقال الرئيس ماكرون بعد قمة في بروكسل بين قادة دول الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، الثلاثاء: "لقد قرر استخدام الغذاء سلاحا، أعتقد أنه خطأ فادح"، مضيفا: "نرى بوضوح أن روسيا قررت تجويع دول تواجه أصلا صعوبات".

وتابع الرئيس الفرنسي أن "الطرق البرية التي تمكنّا من تأمينها منذ بداية الأزمة والتي تمثل 60% من نقل الحبوب، مهمة وسنواصل جهودنا"، وفقا لما نقلت وكالة "قنا".

ومن لندن، طالب وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفيرلي روسيا، الثلاثاء، بالعودة إلى مبادرة شحن الحبوب التي أطلقتها الأمم المتحدة بوساطة تركية عام 2022. وقال في بيان إن هذه المبادرة لعبت دورا كبيرا منذ انطلاقها في خفض أسعار الغذاء العالمية واستقرارها، وإيصال 32 مليون طن من المنتجات الغذائية إلى أسواق العالم.

فرنسا: الطرق البرية التي تمكنّا من تأمينها منذ بداية الأزمة والتي تمثل 60% من نقل الحبوب، مهمة وسنواصل جهودنا

كما أكد الوزير البريطاني أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أنه "بدون الحبوب التي توفرها هذه المبادرة، قد يزداد عدد الذين يعانون من سوء التغذية في أنحاء العالم بالملايين".

ومن طوكيو، أعرب وزير خارجية اليابان يوشيماسا هاياشي عن مخاوفه العميقة بشأن قرار روسيا وقف الاتفاقية التي تسمح باستمرار صادرات الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود، وقال في تصريح له، اليوم الأربعاء، إن روسيا ستتحمل المسؤولية النهائية عن التأثير السلبي لقرارها وقف اتفاقية الحبوب الأوكرانية.

وأثنى الوزير على جهود الأمم المتحدة وتركيا للحفاظ على الإطار الدولي، مؤكدا دعم بلاده لتلك الجهود، وتجديدها مطالبة موسكو بالعودة إلى الإطار الدولي واستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية.

من جانبه، قال وزير شؤون مجلس الوزراء الياباني ماتسونو هيروكازو إن قرار روسيا "مؤسف للغاية"، وإنه قلق إزاء تبعاته المحتملة على الإمدادات الغذائية العالمية، مضيفا أنه من أجل ضمان الأمن الغذائي العالمي، ستعمل الحكومة على إقناع روسيا بالعودة إلى الاتفاقية بالتنسيق مع مجموعة الدول السبع وأعضاء آخرين في المجتمع الدولي.

وفي السياق عينه، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، عن أسفه لتعليق اتفاق تصدير الحبوب. وفي تغريدة نشرها في حسابه على "تويتر"، الثلاثاء، قال محمد إنه يأسف لتعليق اتفاق الحبوب الذي يدعمه الاتحاد، وحث الأطراف على حل جميع المشاكل لضمان الوصول الآمن للحبوب والأسمدة إلى الأماكن التي تحتاج إليها، وخاصة أفريقيا.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ستيفان دوجاريك إن الأمين العام سيواصل البحث عن كل السبل الممكنة من أجل تصدير الحبوب، موضحا في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء، أن مبادرات مختلفة تم طرحها بعد تعليق روسيا العمل باتفاقية شحن الحبوب عبر البحر الأسود، وفقا لما أوردت "الأناضول".

ورأى أنه يجب على الأطراف أن يجتمعوا لتحديد طرق آمنة وعملية للتصدير، مشيرا إلى أن التأثير الإيجابي للحبوب الأوكرانية والروسية على السوق العالمية لا يمكن تجاهله، وأضاف: "سيواصل الأمين العام للأمم المتحدة البحث عن كل الطرق الممكنة من أجل تصدير الحبوب الأوكرانية والروسية. فهو مصمم بهذا الصدد".

Stéphane Dujarric
(Getty)

هذا، وواصلت روسيا قصفها الصاروخي لمنطقة أوديسا في جنوب أوكرانيا، وفق ما أعلن حاكم المنطقة في وقت مبكر من اليوم الأربعاء، لليلة الثانية على التوالي منذ انسحاب موسكو من اتفاق تصدير الحبوب، علما أن أوديسا وضواحيها تضم أبرز 3 موانئ يمكن لأوكرانيا من خلالها في إطار مبادرة الحبوب في البحر الأسود تصدير منتجاتها الزراعية رغم الحرب والحصار الذي تفرضه روسيا، بحسب "فرانس برس".

وحذرت روسيا، الثلاثاء، أوكرانيا من مساعيها لمواصلة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود مشيرة إلى أنه لم تعد هناك "ضمانات أمنية" بعد انتهاء العمل باتفاق كان يتيح نقلها رغم الحرب.

سمحت صفقة الحبوب لثلاثة موانئ أوكرانية بتصدير 33 مليون طن حبوب والمواد الغذائية الأخرى إلى العالم

وشهدت مدينة إسطنبول التركية في 22 يوليو/تموز 2022، توقيع اتفاق مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية بين كل من روسيا وأوكرانيا بوساطة تركيا والأمم المتحدة. ونص الاتفاق على تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، ما سمح بتصدير ما يقرب من 25 مليون طن من الذرة والقمح وحبوب أخرى، لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي التي لاحت في الأفق بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

والاثنين الفائت، رفضت موسكو تمديد اتفاقية نقل الحبوب الأوكرانية التي تنتهي في اليوم ذاته، وقالت: "توقفت اليوم، وستمدد حال تنفيذ الجزء الروسي منها". واشتكت روسيا من أن القيود والعقوبات المفروضة عليها على خلفية الحرب الدائرة مع أوكرانيا أعاقت صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة، وهي منتجات تعتبرها موسكو مهمة أيضا لسلسلة الغذاء العالمية.

وأثار انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب انتقادات دولية واسعة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، بينما دعت الصين إلى استمرار اتفاق الحبوب "بشكل متوازن ومنفذ بالكامل".

وفي يوليو/تموز 2022 وقعت تركيا والأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا في إسطنبول اتفاقا لاستئناف صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية للمساعدة في معالجة أزمة الغذاء العالمية، والتي توقفت مؤقتا بعد بدء الحرب الروسية في 24 فبراير/شباط 2022. وسمحت صفقة الحبوب لثلاثة موانئ أوكرانية بتصدير 33 مليون طن متري من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى إلى العالم منذ تحرك أول سفينة في 1 أغسطس/ آب 2022.