التعويم القادم للجنيه المصري ... متى الموعد؟

27 أكتوبر 2022
الجنيه المصري يفقد 16% من قيمته مقابل الدولار/فرانس برس
+ الخط -

كانت مصر على موعد، اليوم الخميس، مع 3 إجراءات قاسية، جرى الإعلان عنها في اطار محاولة الحكومة احتواء أزمة مالية واقتصادية معقدة تمر بها البلاد منذ بداية العام الجاري، ومن أبرز ملامحها أزمة العملة والتراجع المستمر في قيمة الجنيه.

فقد جرى تعويم سعر صرف الجنيه للمرة الثانية خلال عام واحد وللمرة الثالثة منذ نهاية العام 2016، وبموجب هذا التعويم، فقدت العملة نحو 16% من قيمتها في يوم واحد وما يزيد عن 40% منذ تعويم مارس/آذار الماضي، وقفز سعر الدولار إلى ما يزيد عن 23 جنيها في إغلاق تعاملات اليوم.

وهذه الخطوة ستغذي موجة غلاء الأسعار الحالية في الأسواق خاصة وأن مصر تستورد نحو 60% من احتياجاتها الغذائية من الخارج، كما تجاوزت فاتورة وارداتها السنوية غير البترولية 76 مليار دولار في العام الماضي 2021.

كما قرر البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة بنسبة 2% بهدف احتواء التضخم، والمحافظة على استقرار سعر الصرف، وزيادة جاذبية الجنيه للاستثمار، ومحاربة ظاهرة "الدولرة، المنتشرة على نطاق واسع مع ندرة النقد الأجنبي في الأسواق ووضع البنوك قيوداً على الواردات.

فقدت العملة نحو 16% من قيمتها في يوم واحد وما يزيد عن 40% منذ تعويم مارس/آذار الماضي

صاحب الخطوتين إعلان الحكومة عن الحصول على قروض دولية جديدة بقيمة 9 مليارات دولار، منها 3 مليارات من صندوق النقد الدولي والباقي موزع ما بين دول ومؤسسات مالية عالمية وإقليمية أخرى.

الخطوتان الأولى والثانية، التعويم ورفع الفائدة، لا يمكن فصلهما عن الخطوة الثالثة، وهي الحصول على قرض صندوق النقد الدولي بعد مفاوضات شاقة ومتعثرة بدأت منذ مارس الماضي.

ذلك لأن من أهم شروط الصندوق لتمرير القرض المطلوب هو اجراء تعويم جديد لقيمة الجنيه وزيادة سعر الفائدة، وهو ما تم، ضمن إجراءات تقشفية أخرى لم تفصح عنها الحكومة والصندوق بعد.

وربما تشمل تلك الإجراءات إلغاء ما تبقى من الدعم المقدم للوقود من بنزين وسولار وازالته بالكامل، وتحرير سعر الكهرباء والمياه وبيعهما بالتكلفة، واجراء زيادات أخرى في أسعار السلع والخدمات الأساسية، مثل السلع التموينية، والمواصلات العامة وأنبوبة غاز الطهي.

كما تتضمن الإسراع في بيع أصول الدولة من بنوك وشركات، وربما تمتد لإجراءات أخرى، منها خصخصة قطاعي التعليم والصحة، وزيادة سعر رغيف الخبز.

قرض صندوق النقد كان مفاجئاً للأسواق ومتابعي ملف المفاوضات الجارية بين الطرفين طوال 8 أشهر، ذلك لأن الحكومة المصرية طلبت الحصول على قرض بقيمة 15 مليار دولار كما تحدثت بنوك استثمار عالمية كبرى.

قرض صندوق النقد كان مفاجئاً للكثير من متابعي ملف المفاوضات الجارية طوال 8 أشهر،

لكن ما تم تمريره بالفعل هو 3 مليارات دولار، وهو مبلغ ضعيف جدا مقارنة بالالتزامات المستحقة على مصر، سواء لسداد أعباء الديون الخارجية، أو كلفة الواردات البالغة ما يزيد عن 9 مليارات دولار شهريا.

كما أن هذا المبلغ الضعيف يجرى منحه من الصندوق على مدى 4 سنوات، وهو ما يعني أقل من مليار دولار سنويا.

وبالتالي ما تم الإعلان عن اقتراضه اليوم الخميس لا يكفي تغطية بند واحد، هو سداد الديون المستحقة على البلاد قبل نهاية العام المالي الجاري، فما بالنا بالالتزامات الحالية والمستقبلية الأخرى.

موقف
التحديثات الحية

بالطبع، فإن حصول حكومة مصر على قروض جديدة بقيمة 9 مليارات دولار قد يفتح الباب أمامها للحصول مرة أخرى على قروض تضاف لتلال القروض الخارجية القائمة والتي تتجاوز 160 مليار دولار.

فهل تعي الحكومة الدرس هذه المرة وترشد من الاقتراض الخارجي، وتعالج أزمات عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات، ولا تعتمد مرة أخرى على الأموال الساخنة في الدفاع عن قيمة الجنيه واستقرار سوق الصرف، حتى لا تضطر لتعويم الجنيه مرات أخرى في السنوات المقبلة استجابة لإملاءات وشروط الدائنين الدوليين، وتحت ضغط أعباء تلك الديون؟

المساهمون