التطبيع والاحتلال يخنقان الاقتصاد المصري

28 ابريل 2021
صورة لسفينة قناة السويس الجانحة إيفرغيفن (فرانس برس)
+ الخط -

لا يمكن فصل الخطوة التي أقدمت عليها الإمارات، قبل ثلاثة أيام، عبر ضخ استثمارات ضخمة بقيمة 1.1 مليار دولار في قطاع الغاز الإسرائيلي، عن دعوة إسرائيلية، أمس، إلى تدشين بدائل لقناة السويس وتحريض دول العالم على القناة.

وهي الدعوة التي أطلقها "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، ودعا خلالها إلى دراسة تنفيذ مشاريع إسرائيلية لربط آسيا وأوروبا، لتقليص اعتماد التجارة العالمية على قناة السويس.

وزعم المركز أن حادثة السفينة "إيفرغيفن" مسّت بحركة التجارة العالمية، ما فتح المجال للحديث عن إيجاد بدائل للقناة، وخاصة بدائل إسرائيلية.

مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي يُحرض دول العالم على قناة السويس ويدعو إلى بدائل إسرائيلية

ووفق تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث الأمن القومي، فإنّ حادثة جنوح السفينة العملاقة في القناة سلّطت الضوء على المشاريع البديلة التي يمكن أن تقترحها إسرائيل لتقليص اعتماد العالم على قناة السويس، والمتمثل بالربط البري بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، من منطلق أن مصالح شبكات التجارة العالمية تقتضي إيجاد بدائل أخرى وعدم الاعتماد على قناة السويس فقط.

والمركز، لمن لا يعرفه، يرتبط بأجهزة استخبارات إسرائيلية، وينحدر معظم باحثيه من خلفيات مرتبطة بالشؤون الخارجية والأمن والعلاقات الدولية وصنع السياسة. وأغلبهم شغل مناصب رفيعة المستوى في مؤسسات عامة مختلفة، مثل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

موقف
التحديثات الحية

ولا يمكن فصل خطوات التطبيع المتسارعة بين الإمارات ودولة الاحتلال، وأحدثها صفقة الغاز الضخمة، عن صفقات أخرى تدعم خطط الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى محاصرة قناة السويس، وتستهدف تقليص دور أهم الممرات الملاحية في العالم، وواحدة من بين أبرز 5 موارد للنقد الأجنبي في مصر.

ولا يمكن التعامل مع مشروع تأسيس خط إيلات عسقلان لنقل النفط الذي وُقِّع أخيراً بين مستثمرين إماراتيين وإسرائيليين وشركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية المملوكة لإسرائيل، بمعزل عن مشروعات تطبيع أخرى في قطاعات حيوية تستهدف كلها التأثير سلباً  بالاقتصاد المصري. 

من بين هذه المشروعات مشروع إنشاء خط السكك الحديدية بين إيلات على البحر الأحمر وموانئ إسرائيلية على البحر المتوسط، مثل عسقلان. فهذه النوعية من المشروعات تؤثر بقوة في قناة السويس، خاصة أنها تستهدف جذب أهم عميل لدى القناة المصرية، وهو النفط الخليجي، وبالتالي تقليص عدد السفن المارّة بالقناة، خاصة شاحنات نقل النفط والغاز العملاقة، وسفن نقل البضائع الصينية والهندية وغيرها إلى أوروبا.

خط إيلات عسقلان لنقل النفط وإنشاء خط سكك حديد بين إيلات وعسقلان مشروعات إسرائيلية تهدد قناة السويس

وبداية الأسبوع الجاري، أعلن صندوق الثروة السيادي الإماراتي التابع للدولة عزمه على شراء حصة تبلغ 22% في حقل تمار للغاز الطبيعي، وهو الحقل الواقع ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية في شرق البحر المتوسط وقبالة سواحل غزة، وسطت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي بالقوة منذ سنوات.

وحسب مصادر إسرائيلية، منها صحيفة "كلكلست" الاقتصادية، فإن رغبة الإمارات في إبرام صفقة الغاز الضخمة، تفسر قرار الدولة الخليجية أداء دور أكبر في ملف غاز شرق المتوسط والاستحواذ على حصة مهمة منه، والمشاركة بفاعلية في المحور الإقليمي الذي يضمّ إسرائيل واليونان وقبرص، واستبعد مصر في الفترة الأخيرة.
وتدل الصفقة على "اتساع دائرة التعاون الاقتصادي والاستراتيجي بين الإمارات وإسرائيل، خاصة أن هذه أول صفقة تجارية كبيرة بين البلدين منذ تطبيع العلاقات بينهما في سبتمبر الماضي". 

وقد يكون لصفقة الغاز تلك صلة بالتقارب المصري التركي الأخير، والتنسيق بين البلدين في ملفات عدة، منها غاز المتوسط.

لا يمكن فصل كل هذه التطورات عن تصريحات آفي سمحون، رئيس المجلس الاقتصادي في ديوان الحكومة الإسرائيلي، الأخيرة لصحيفة "معاريف" التي كشف فيها النقاب عن عدة مشاريع مشتركة تجري مناقشتها مع الإمارات ستؤثر سلباً بقناة السويس.

وهذه المشاريع تشمل تدشين خط سكة حديد يربط ميناء حيفا المحتلة بمدينة أبوظبي ويمر بالأردن والسعودية، وتحويل ميناء إيلات إلى ميناء مياه عميقة لتعزيز قدرته الاستيعابية، بحيث يكون قادراً على استقبال الحاويات التي تنقل البضائع من آسيا إلى أوروبا. وهذا المشروع تحديداً سيمنح إسرائيل بوابة مائية في الجنوب على البحر الأحمر.

التطبيع السريع بين الإمارات ودولة الاحتلال يخنق الاقتصاد المصري، وتأثيره ليس فقط بقناة السويس، بل بقطاعات وأنشطة أخرى رئيسية، منها الموانئ، والاستثمارات الأجنبية والصادرات وغيرها. وعلى صانع القرار المصري أن يتحرك بسرعة لتقليص الآثار السلبية لتلك المشروعات الضخمة المصاحبة للتطبيع.

المساهمون