التضخم يهدد أطفال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتقزم والهزال

07 ابريل 2023
يحذر التقرير من مخاطر توسع دائرة التقزم والهزال بين الأطفال (Getty)
+ الخط -

شذ البنك الدولي في تقريره الصادر أمس الخميس، حول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عما درج عليه المحللون والاقتصاديون من التركيز على البعدين الاقتصادي والنقدي للتضخم، خاصة في جانبه الغذائي، فقد ركز البنك على تأثير ذلك على الأجيال القادمة.

وقد توصل التقرير الصادر أمس الخميس، والمعنون بـ"حين تتبدل المصائر: الآثار طويلة الأجل لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن التضخم سينعكس على النتائج الدراسية للأطفال الذين يعانون من تداعيات التضخم، كما ستتقلص إيراداتهم ويواجهون مشاكل صحية عندما يكبرون".

ويعتبر التقرير أنه مع التسليم بالطابع الظرفي للتضخم، فإنه خلف أضرارا كبيرة، حيث ارتفع انعدام الأمن الغذائي من 11.8% في 2006 إلى 17.6% في العام الحالي، ما يدفع البنك إلى التعاطي مع هذه الوضعية بجدية قبل التحول إلى أزمة كبيرة.

رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي روبرتا غاتي تؤكد أن التضخم يمكن أن يؤدي إلى سوء التغذية لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 أعوام، ما سيرفع مخاطر تأخر نموهم ونتائجهم المدرسية واندماجهم في سوق العمل وإنتاجيتهم وإيراداتهم.

ويشير التقرير إلى أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية منذ فبراير/شباط من العام الماضي، يمكن أن يزيد مخاطر نمو مئات الآلاف من المواليد في المنطقة، ويؤكد خبراء البنك أن سوء التغذية لا يفضي فقط إلى تراجع القدرة على التحصيل الدراسي، بل يؤدي إلى تراجع إيراداتهم عندما يكبرون، وهي آثار عابرة للأجيال كما يرى فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويتصور التقرير أن هذه الظاهرة أكثر وضوحا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تعاني من سوء تغذية وانعدام الأمن الغذائي، بفعل ارتهان أغلبية البلدان للواردات الزراعية في ظل تراجع المحاصيل بسبب الجفاف.

وتوصل التقرير إلى أن متوسط تضخم أسعار الغذاء على أساس سنوي في 16 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين مارس/آذار وديسمبر/كانون الأول 2022، بلغ 29%. وكان هذا أعلى من معدل التضخم الكلي الذي ارتفع في المتوسط إلى 19.4% على أساس سنوي خلال تلك الفترة، مقارنة بنسبة 14.8% بين أكتوبر/تشرين الأول 2021 وفبراير/شباط 2022، وهو شهر الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويلاحظ التقرير أنه "على مستوى كل المجموعات الفرعية الأربع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي شملها التقرير – البلدان النامية المستوردة للنفط، والبلدان النامية المصدرة للنفط، والبلدان الواقعة في صراعات، ودول مجلس التعاون الخليجي – يشكل التضخم ما بين 24% إلى 33% من انعدام الأمن الغذائي المتوقع في عام 2023".

ويحذر التقرير من مخاطر توسع دائرة التقزم والهزال بين الأطفال جراء التضخم الذي يفضي إلى سوء التغذية، الذي تعرفه العديد من البلدان في المنطقة حتى قبل الأزمة الصحية والحرب في أوكرانيا.

ويشير التقرير إلى أن الطفل يعتبر مصابا بالتقزم إذا كان طوله أكثر من انحرافين معياريين دون القيمة الوسيطة للطول بالنسبة للعمر الذي حددته منظمة الصحة العالمية، والتقزم هو نتيجة للتدهور الصحي، بما في ذلك سوء التغذية المزمن الذي تراكم على مدى حياة الطفل.

وتعاني ليبيا وسورية واليمن من أعلى معدلات التقزم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسبق هذه المعدلات المرتفعة للتقزم الصراعات في سورية واليمن، ومن المرجح أن يكون مستوى التقزم قد تدهور منذ ذلك الحين، في الوقت نفسه، قد تكون معدلات التقزم قد تفاقمت بسبب زلزال عام 2023.

ويلاحظ التقرير أن بلدان مجلس التعاون الخليجي ممثلة في البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية تسجل أدنى معدلات التقزم في المنطقة، غير أن أداءها يعد ضعيفا للغاية بالمقارنة بالبلدان المماثلة في الدخل.

ويشير إلى أن الزيادة في أسعار الغذاء بين مارس ويونيو من العام الماضي، ربما تسببت في إصابة ما بين 200 ألف و285 ألف مولود جديد بالتقزم، وهو ما يعني زيادة تلك المخاطر ما بين 17% و24%.

ويؤدي هذا الوضع إلى انخفاض سنوات الدراسة المتوقعة بمقدار 0.06 و0.08، أي ما يعادل 0.7 و0.9 سنوات الدراسة المتوقعة.

ويحيل الهزال على المئوية للأطفال بين الولادة و59 شهرا ممن تقل نسبة وزنهم قياسيا إلى الطول بأكثر من انحرافين معياريين عن القيمة الوسيطة في معايير منظمة الصحة العالمية لنمو الطفل.

ويؤشر الهزال على مشاكل خطيرة في صحة الطفل. وهذا الارتباط سلبي، مما يعني تراجع الهزال مع زيادة التنمية، وكما في ظل التقزم، يعتبر أداء العديد من بلدان المنطقة أسوأ بشكل ملحوظ من نظيرتها في الدخل.

ويسجل التقرير أن تغذية وصحة الأطفال في المنطقة كانتا غير كافيتين قبل الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا، مما يشير إلى أن الأنظمة الصحية في المنطقة ليست على مستوى الاستعداد اللازم بشكل عام.

المساهمون