التضخم يلتهم ميزانيات الجزائريين... ومخاوف من 2023

13 نوفمبر 2022
التضخم وصل إلى مستويات قياسية الشهر الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

تكتوي جيوب المواطنين في الجزائر مع نهاية السنة الحالية بلهيب أسعار مختلف المواد واسعة الاستهلاك، بعد زحف التضخم عليها، ليضاف عبء آخر على القدرة الشرائية المنهكة بالأساس بتراجع الدينار.

وخلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي سجل معدل التضخم واحداً من أعلى المعدلات التي عرفتها البلاد بوصوله إلى 9.6%، حسب الرقم الذي تحصل عليه "العربي الجديد" من الديوان الجزائري للإحصاء، مقابل 7.23% في نفس الفترة من السنة الماضية، فيما توقعت الحكومة نسبة 5.5% في موازنة السنة الحالية.

ويرجح خبراء اقتصاد أن يواصل التضخم منحاه التصاعدي ليبلغ الرقمين سنة 2023، بتواصل انهيار الدينار، محذرين من تداعيات ذلك على معيشة المواطنين والاقتصاد، الذي تتوقع الحكومة أن يستقر نموه عند 3.1% نهاية السنة الحالية.

وكان وزير المالية الجزائري عبد الرحمان راوية قد أشار في تصريحات صحافية أخيراً، إلى أن الدينار فقد قرابة 11% من قيمته أمام الدولار الأميركي و21% مقابل اليورو، وذلك جراء تعويم البنك المركزي العملة المحلية، لامتصاص جزء من التضخم الذي خلفته عملية طباعة النقود التي تعتمد عليها الحكومة الجزائرية منذ نهاية السنة الماضية لسد العجز المسجل في الخزينة العمومية.

وفي ظل غياب الرقابة على الأسواق في الجزائر، يبقى المواطن وحده من يدفع الفواتير، خاصة أن مشروع قانون الموازنة العامة للسنة القادمة الذي ينتظر أن يصادق عليه البرلمان لم يحمل زيادات في الرواتب، أو تخفيض للضرائب.

يقول توفيق زيان، مواطن التقته "العربي الجديد" في سوق "الحراش" الشعبي في ضواحي العاصمة الجزائرية، إنه " لم يُفاجأ بهذه الزيادات، ففي السنة الماضية حدث نفس السيناريو، حيث ارتفعت الأسعار فور كشف الحكومة عن تعويم الدينار"، مضيفا أن "جيب المواطن أصبح يحمل الحل للحكومة لمواجهة الأزمة التي تسببت بها، ويعوض الخسائر التي يتكبدها التجار".

ويشكو عبد المنعم خواصي الذي يعمل موظفاً في شركة عمومية، من غلاء الأسعار مع نهاية السنة، قائلا " أظن أنه حتى تعيش في الجزائر بكرامة يجب أن تتقاضى راتبا لا يقل عن 60 ألف دينار (428 دولاراً)، ولن تصمد ميزانيتك بأقل من ذلك لأكثر من أسبوعين في مواجهة أسعار المواد واسعة الاستهلاك فقط، من دون احتساب مصاريف الإيجار والكهرباء والغاز والعلاج".

ومع كل ارتفاع للتضخم، يُبعث السجال والجدال في الجزائر حول القدرة الشرائية للجزائريين، فمنذ بداية أزمة النفط منتصف 2014، تعرضت جيوب المواطنين للعديد من الامتحانات والضغوط، سواء بارتفاع الضرائب وأسعار الطاقة والمواد واسعة الاستهلاك، أو انخفاض قيمة الدينار بقرابة الثلث منذ 2014.

يقول الخبير الاقتصادي جمال نور الدين لـ"العربي الجديد" إن "ما كان يشتريه المواطن مقابل 600 دينار سنة 2021 أصبح يشتريه بـ 1200 دينار اليوم، وبالتالي فإن القدرة الشرائية فقدت قرابة نصف طاقتها وهو أمر خطير، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الحكومة لم تقم باتخاذ إجراءات مقابلة كرفع الرواتب أو دعم أكثر لأسعار المواد واسعة الاستهلاك".

وأضاف نور الدين أن "جيوب الجزائريين ستكون مع اختبار آخر مطلع 2023، مع عودة البنك المركزي لانتهاج سياسة تعويم العملة".

المساهمون