التضخم يحاصر السودانيين: منع الإمدادات يزيد حدة الأسعار

19 أكتوبر 2024
في أحد أسواق الخرطوم، 10 يونيو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه السودانيون تحديات اقتصادية حادة بسبب الصراع الذي يعيق حركة الإمدادات ويرفع الأسعار، مع خطط قوات الدعم السريع لإنشاء منطقة حرة ومحفظة مالية متعددة العملات في دارفور وكردفان، مما يؤثر على توافر السلع الأساسية.

- توقفت واردات السلع الأساسية مثل السكر والدقيق والأرز إلى دارفور وكردفان، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتصاعد التضخم، وزاد من معاناة التجار والمواطنين بسبب قرار الدعم السريع بإيقاف الصادرات.

- يعاني إقليم دارفور من نقص حاد في الأدوية وارتفاع أسعارها، مما يزيد الأعباء على المواطنين، وقد يؤدي إلى زيادة التهريب والتجارة غير المشروعة، مما يعقد الوضع الاقتصادي.

يواجه السودانيون تحديات تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، حيث أدى الصراع إلى الحد من حركة الإمدادات، ما أثر مباشرة على توافر السلع وارتفاع الأسعار. وصعّدت قوات الدعم السريع لهجتها اقتصادياً نحو السودانيين، حيث قال مستشار قائد الدعم السريع أيوب عثمان نهار في تغريدة على منصة إكس إن المجلس الاستشاري لقائد قواته يعكف على وضع تصور لإنشاء منطقة حرة في دارفور وكردفان تختص بالصادرات، بموازاة العمل على إنشاء محفظة مالية متعددة العملات لتكون بديلاً جديداً للتعاملات المالية.

وأضاف: "وعليه، فقد أصدرنا توجيهاً وتم تنفيذه بالفعل اعتباراً من العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول بإرجاع كل الشاحنات إلى المدن التي تحركت منها وتسليم الشحنة إلى أصحابها إلى حين الانتهاء من الإجراءات والتدابير الجديدة".

وقررت الدعم السريع في منشور هذا الأسبوع عدم السماح بمرور السلع والماشية والمعادن إلى مناطق سيطرة الجيش. وحدد المنشور الماشية بأنواعها، السمسم، الصمغ العربي، زيت الطعام، التنباك، الدخن والذرة، الذهب، المعادن الأخرى، الويكة، الكركديه والأمباز، وقال إن كل من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة والحجز ومصادرة السلع المهربة لصالح قوات الدعم السريع.

وفي الأثناء، شهدت مناطق واسعة من إقليم دارفور وكردفان ارتفاعاً جديداً في أسعار السلع والمنتجات الغذائية المستوردة، وتصاعداً في مستويات التضخم. وروى تجار من ولاية كردفان لـ"العربي الجديد"، معاناتهم من توقف موارد السلع من العدس والدقيق والسكر والأرز والمعكرونة والشعيرية والبسكويت والحلويات القادمة من جمهورية مصر العربية.

وقال تاجر فضل عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إن الزيادات شملت زيادة في سعر جوال السكر من 150 ألف جنيه إلى مائتي ألف جنيه، وجوال الدقيق من 60 ألفاً إلى 90 ألف جنيه، وقال إن الزيادة أصبحت يومية، حيث إن كل هذه السلع كانت تأتي من مصر. وأضاف أن قرار الدعم السريع بإيقاف الصادرات أثّر على هذه السلع، حيث تم منع دخولها إلى دارفور، وإن كل العربات التي حملت في السابق بالسلع تعود بلا شحنات.

تأثيرات على الأسعار

وأضاف: "يبدو أن قرارات مماثلة فرضت في المناطق التي يسيطر عليها الجيش بعدم دخول السلع إلى ولايات دارفور وكردفان عبر الولاية الشمالية". وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تبيّن منع 570 شاحنة كبيرة تحتوي على فول سوداني وكركديه وصمغ عربي وإرجاع ثلاثة آلاف رأس من الإبل والبقر، كلها كانت في طريقها إلى مصر.

وأوضح أحد السائقين أن الأمور تسير إلى الأسوأ، حيث يتم إرجاعهم من منفذ إلى آخر، ويقول: "دعواتكم، البلد إلى الهاوية". ويقول تاجر بولاية شرق دارفور لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن الدعم السريع في كافة محليات شرق دارفور أوقفت العديد من الشاحنات المحملة بمحصول الفول السوداني وزيت الفول، الذي يتم إنتاجه بكميات كبيرة في المنطقة، أثناء توجهها إلى محلية الدبة في الولاية الشمالية التي تسيطر عليها قوات الجيش السوداني.

يصدر السودان إلى مصر سلعاً زراعية وحيوانية، أبرزها الفول السوداني، والصمغ العربي، والإبل والضأن والأبقار وحب البطيخ وغيرها، وهي سلع تُنتَج في مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع في ولايات دارفور وكردفان. ونتيجة للحصار المفروض على إقليم دارفور، اتسعت فجوة الأدوية، خاصةً أدوية الأمراض المزمنة مع اشتداد مرض الملاريا.

وشكا مواطنو الإقليم من ارتفاع حاد في أسعار الأدوية، وأكدت مصادر طبية تحدثت لـ"العربي الجديد"، النقص الحاد في أقراص الملاريا وأدوية الأمراض المزمنة والمستلزمات الطبية بالتزامن مع انتشار البعوض والحشرات بسبب التدهور البيئي الذي يشهده الإقليم، ما أدى إلى انتشار التهاب ملتحمة العين والحميات بين المواطنين.

وتضاعف سعر قرص الملاريا إلى 2000 جنيه بعدما كان 900 جنيه، فيما ارتفع سعر الحقنة إلى 1000 جنيه سوداني من 500 جنيه، دون احتساب تكاليف مقابلة الطبيب والتحاليل المخبرية التي تصل إلى حوالي 200 ألف جنيه في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها مواطنو الإقليم. وقال الاقتصادي هيثم فتحي لـ"العربي الجديد"، إن كل الذي يحدث يعاني منه المنتج والمصدر، والمتضرر الثاني هو المواطن المستقبل للمنتجات من مصر، خاصةً أن المستهدف بالقرار هي مصر لكنها لن تتأثر ويمكنها فتح أبواب أخرى، ولكن المصدرين هم الذين سيتأثرون، خاصةً الذين لديهم سجلات استيراد وتصدير.

ولفت فتحي إلى أن هذه الإجراءات ستفتح أبواباً جديدة، من بينها زيادة عمليات التهريب، حيث يمكن دخول السلع من دول وسيطة عبر حدود السودان الممتدة. أضف إلى ذلك، في حال منع الصادرات إلى دول مثل مصر، بالتأكيد ستجد لها بدائل أخرى، مثل ما حدث للحوم، وبذلك يزداد الأثر الداخلي أكثر.

واعتبر أن تطبيق وتنفيذ هذا الموضوع على الواقع ليس سهلا، لأن إنشاء المناطق الحرة يهدف إلى تحقيق أهداف تتعلق بتنمية الصادرات من أجل إيجاد قاعدة تصديرية قوية وزيادة النقد الأجنبي والقيمة المضافة، وتحقيق أهداف غير مباشرة كنقل التكنولوجيا والتنمية الإقليمية. ولكن لا أعتقد أن الدعم السريع تنطلق من هذا المبدأ.

المساهمون