التحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.. تقدّم أوروبي وتخلّف محلي

17 يناير 2023
اتهامات محلية ودولية موجهة إلى حاكم "المركزي" رياض سلامة (فرانس برس)
+ الخط -

يشير وصول المحققين الأوروبيين إلى إحراز تقدم في واحد من عدة تحقيقات بشأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي تخضع فترة رئاسته للبنك المركزي على مدى ثلاثة عقود لمزيد من التدقيق منذ انهيار النظام المالي في لبنان، في مقابل تخلف ملاحقته القضائية محلياً. فعلامَ تتركز التحقيقات؟

ويواصل المحققون عملهم في بيروت للاستماع إلى شهود في إطار تحقيقهم في عمليات غسل أموال واختلاس يُشتبه أن الحاكم ارتكبها، وهو ما ينفيه سلامة الذي لا يزال يحظى بدعم فصائل لبنانية قوية.

سلامة، الذي لم تتم إدانته في أية جريمة، قال إن التحقيقات تأتي في إطار حملة لتقديمه كبش فداء للمسؤولين عن الانهيار المالي عام 2019. كما ينفي شقيقه رجا، وهو متهم آخر في التحقيقات، ارتكاب أي مخالفات.

وفيما يلي عرض لبعض المعلومات عن القضايا ضد سلامة:

تحقيقات أوروبية

بدأت التحقيقات بتحقيق سويسري فيما إذا كان سلامة ورجا قد حصلا بشكل غير قانوني على أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي بين عامي 2002 و2015.

ومنذ ذلك الحين، بدأت دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وليختنشتاين تحقيقاتها الخاصة فيما إذا كانت عشرات الملايين من الدولارات يُقال إنها مختلسة من مصرف لبنان قد تم غسلها في أوروبا.

وفي مارس/آذار 2022، أعلنت منظمة التعاون في مجال العدالة الجنائية التابعة للاتحاد الأوروبي عن تجميد نحو 120 مليون يورو (130 مليون دولار) من الأصول اللبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وموناكو وبلجيكا. وتم تجميد الأصول في قضية قال فيها ممثلو الادعاء في ميونخ إن سلامة متهم فيها.

وتلقى لبنان عدة طلبات تعاون من هيئات قضائية أوروبية. وفي يناير كانون الثاني 2023، وصل فريق من محققين أوروبيين من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ لاستجواب شهود والحصول على أدلة إضافية.

تعثُر التحقيق اللبناني

وقالت السلطات اللبنانية إنها فتحت تحقيقها الخاص بعد تلقيها طلب مساعدة قضائية من سويسرا.

وشكك منتقدون فيما إذا كان القضاء اللبناني، الذي يعتمد تعيين قضاته إلى حد كبير على الدعم السياسي، سيحقق بجدية في شأن شخصية تحظى بمكانة سلامة بالنظر إلى الدعم السياسي الكبير الذي يتمتع به.

ولا ينكر القضاء اللبناني الصعوبات. وقال أكبر قاض لبناني في تصريحات عامة في نوفمبر/تشرين الثاني إن التدخل السياسي في العمل القضائي أدى إلى وضع فوضوي يتطلب "ثورة في المقاربات" لحله.

وواجه جان طنوس، القاضي المعين لتولي التحقيق المبدئي، عقبات، من بينها، بحسب تقارير، تدخل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لمنعه من الحصول على بيانات من البنوك. ونفى ميقاتي هذه التقارير.

وأفادت "رويترز" بأن غسان عويدات، مدعي عام التمييز، منع طنوس من حضور اجتماع في باريس العام الماضي مع المدعين الأوروبيين الذين يحققون في أمر سلامة.

وأمر عويدات في يونيو/حزيران 2022 قاضي تحقيقات باتهام سلامة رسمياً بارتكاب جرائم، من بينها غسل الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير والتهرب الضريبي. لكن القاضي رفض وسعى إلى تنحيته عن القضية قبل أن يُستبعد منها بسبب طلب سلامة رده. ولم يشهد التحقيق أي تقدم منذ ذلك الحين.

وأسفر تحقيق منفصل أجرته النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان غادة عون عن اتهام سلامة في مارس/ آذار بالإثراء غير المشروع في قضية تتعلق بشراء شقق في باريس وتأجيرها كان بعضها عن طريق البنك المركزي.

ونفى سلامة الاتهامات، وقال إن المحاكمة لها دوافع سياسية. وأحيلت القضية إلى قاضي تحقيق، لكن سلامة لم يحضر أي جلسات.

سلامة يواصل الضغط

استمر سلامة في ممارسة ضغوط مكثفة خلال التحقيقات، مستغلاً دعم شخصيات بارزة مثل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

وكان سلامة بمثابة حجر الزاوية في نظام مالي خدم مصالح القوى الرئيسية في لبنان بعد الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. ويقول العديد من المراقبين إن هذه الجماعات تخشى أن يكون لسقوطه تداعيات عليها.

وتنتهي آخر فترة لتوليه المنصب، ومدتها ست سنوات، في يوليو/تموز. لكن بينما دعا الرئيس السابق ميشال عون إلى تغيير سلامة، لم تقترح أقوى الجماعات اللبنانية أي بديل له حتى الآن.

وربما تعرقل الأزمة السياسية التي تركت لبنان بلا رئيس وحكومة كاملة الصلاحيات أي محاولة لتغييره. ورغم قول سلامة إنه سيغادر المنصب في يوليو/تموز، يقول بعض المحللين إنه يمكن تمديد فترته مرة أخرى.

(رويترز)

المساهمون