منظمة التجارة العالمية تخفض توقعاتها لنمو تجارة السلع في 2024 بسبب التوترات الجيوسياسية

26 فبراير 2024
مديرة منظمة التجارة العالمية أكدت وجود رياح معاكسة لتوقيع اتفاق حرية التجارة (فرانس برس)
+ الخط -

قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو-إيوالا، اليوم الاثنين، إن معدل نمو التجارة السلعية "العالمي" يمكن أن يقل عن 3.3% هذا العام.

وأضافت نغوزي خلال الاجتماع الوزاري للمنظمة في أبوظبي أن "نمو حجم تجارة السلع العالمية عام 2023 انخفض عن 0.8% التي توقعناها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبالنظر إلى جميع المخاطر السلبية، فمن المحتمل ألا نحقق معدل نمو تجارة السلع البالغ 3.3% هذا العام". 

كما اعتبرت أنه سيكون من الصعب تحقيق نتائج قي اجتماعات اليوم بشأن اتفاقات حرية التجارة، بسبب "الرياح المعاكسة الاقتصادية والسياسية"، مثل الحرب في أوكرانيا وهجمات الحوثيين اليمنيين في البحر الأحمر والتضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية والصعوبات الاقتصادية في أوروبا والصين.

لكنها قالت للصحافيين هذا الشهر إن فريقها يعمل على مدار الساعة لوضع اتفاقيات تطرح خلال المحادثات، مشيرة إلى أن "المواقف التفاوضية لا تزال رغم ذلك على قدر من الصعوبة"، ولا سيما بشأن الزراعة. 

ويعقد المؤتمر اليوم في ظل خلافات دولية ومخاوف على الاقتصاد العالمي الذي يواجه، بحسب صندوق النقد الدولي، تهديدات جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وهجمات الحوثيين على السفن المتجهة لإسرائيل في البحر الأحمر.

وقال دبلوماسي أوروبي إن "الوضع الراهن الذي يتسم بتوترات جيوسياسية وتطلعات كبرى من الدول النامية جراء الأزمة المالية وأزمة كوفيد والتوترات الاقتصادية الناجمة عن التضخم... كل ذلك يتراكم ليطرح خطر تشظّي الاقتصاد العالمي".

وهو ما تحذر منه أوكونجو-إيوالا منذ أشهر داعية الدول إلى الالتفاف حول منظمة التجارة العالمية والعمل على إصلاحها وفتحها على رهانات القرن الحادي والعشرين.

اجتماعات المنظمة 

وافتتحت منظمة التجارة العالمية، الاثنين، في أبوظبي مؤتمرها الوزاري الذي يستمر أربعة أيام، عازمة على التطلع إلى المستقبل ولكن بدون آفاق واضحة لتحقيق نتيجة في ظل نقاط توتر جيوسياسية وبلبلة في حركة نقل البضائع عبر العالم.

وأعلنت المديرة العامة للمنظمة مخاطبة الأعضاء الـ164 خلال افتتاحها المؤتمر: "يعود لكم الآن أن تتوصلوا إلى إجماع حول قرارات تهدف إلى بناء مستقبل أفضل للتجارة العالمية".

من جهتها، قالت رئيسة المجلس العام لمنظمة التجارة أتاليا ليسيبا مولوكومي إنه "في ظل انعدام اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، علينا أن نسهر بصورة جماعية على أن تكون منظمة التجارة العالمية قادرة على الاضطلاع بتحديات اليوم".

ومن المتوقع أن يشهد المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية مفاوضات صعبة، في ظل آلية تحتم اتخاذ القرارات بالإجماع.

ويشارك في المؤتمر آلاف المندوبين حتى 29 شباط/فبراير، لكن المنظمة غالبا ما تمدد اجتماعاتها.

معجزة 2022 

ورأى المفوض الأوروبي للتجارة فالديس دومبروفسكيس أن "تكرار النجاح، المعجزة" التي حصلت عام 2022 "سيكون تحديا حقيقيا"، محذرا من أن "المفاوضات على النقاط الأهم، صيد السمك والزراعة وتعليق الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية، ستكون صعبة حتى اللحظة الأخيرة".

وتوصلت القمة الوزارية السابقة المنعقدة في مقر المنظمة في جنيف في حزيران/يونيو 2022، إلى اتفاق تاريخي حظر المساعدات لصيد السمك المضر بالحياة البحرية فضلا عن اتفاق حول براءات اللقاحات المضادة لكوفيد.

ويعتبر هذا المؤتمر الوزاري آخر فرصة لتحقيق تقدم في المفاوضات بهذا الصدد قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر والتي من المحتمل أن يفوز فيها دونالد ترامب.

وكان الرئيس الأميركي السابق قد أطلق في عهده حربا تجارية مع الصين، وشلّ قدرة المنظمة على البتّ في الخلافات التجارية وهدد بإخراج بلاده منها.

وأعربت مندوبة التجارة الأميركية كاثرين تاي أخيرا عن "التزام الولايات المتحدة بإصلاح منظمة التجارة العالمية وإنشاء نظام تجاري متعدد الأطراف أكثر استدامة ويستفيد منه جميع الأعضاء".

لكن مارسيلو أولارياغا، الأستاذ في كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة جنيف، حذر من أنه "لا يمكن توقع تنازلات هائلة من الولايات المتحدة في أي مسألة كانت في منظمة التجارة العالمية. إدارة (الرئيس جو) بايدن لا يمكنها تقديم تنازلات كبرى" خلال سنة انتخابية.

مواصلة التقدم 

لكن المصدر أوضح لوكالة "فرانس برس" أن "المهم بالنسبة لنظام تعددي كهذا، هو مواصلة التقدم"، معتبرا أنه "مع إدارة بايدن، لدينا على الأقل الانطباع بأنه في مقدورنا مواصلة ذلك".

وإذا كانت المفاوضات حول مواضيع رئيسية مثل الزراعة تبقى محتدمة، فمن المتوقع تحقيق اختراقات صغيرة في أبوظبي، ولا سيما على صعيد المساعدة للدول الأكثر فقرا.

وستوقع دولتان جديدتان هما جزر القمر وتيمور الشرقية رسميا، الاثنين، وثيقة انضمامهما إلى منظمة التجارة. 

اتفاق تسهيل الاستثمارات الدولية 

وأصدرت أكثر من 120 دولة ومنطقة، من بينها الصين والاتحاد الأوروبي، وليست من بينها الولايات المتحدة، إعلانا وزاريا، ليل الأحد الاثنين، أفادت فيه عن وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يهدف إلى تيسير الاستثمارات الدولية في التنمية.

ينص الاتفاق بين الأهداف المحددة على الحد من عدم اليقين التنظيمي وتحسين الشفافية وتبسيط وتسريع الإجراءات الإدارية أو حتى منع ومكافحة الفساد.

يمثل الموقعون على الاتفاقية ثلاثة أرباع أعضاء منظمة التجارة العالمية، بينهم حوالي 90 اقتصادا ناميا و26 اقتصادا من الأقل تقدما.

وتريد الدول الموقعة على الاتفاق دمجه ضمن منظمة التجارة، لكن بعض الدبلوماسيين يخشون معارضة الهند التي ترفض من حيث المبدأ أي اتفاق لا يشمل جميع الأعضاء. 

لكن إزاء صعوبة التوصل إلى إجماع كامل، يجري إبرام عدد متزايد من الاتفاقات متعددة الأطراف التي تنطبق فقط على الدول المشاركة فيها، وهو ما باتت المنظمة نفسها تشجعه. 

ورحبت نغوزي أوكونجو إيوالا بـ "الاتفاق المبتكر الهادف إلى مساعدة الموقعين عليه على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من أجل تحفيز النمو ومكاسب الإنتاجية وخلق فرص عمل والاندماج في سلاسل الامدادات العالمية".

وشددت أيضا على أنه "سيساهم في جعل الاقتصاد العالمي أكثر مرونة وأكثر شمولا". 

وقال وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو: "هذا الاتفاق سيساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وكذلك في تحديث قواعد منظمة التجارة العالمية. ندعو كل أعضاء منظمة التجارة العالمية إلى دعم دمجه في نظام منظمة التجارة العالمية خلال المؤتمر الوزاري الثالث عشر للمنظمة".

(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون