البنوك البريطانية تجني المليارات من أزمة الإسترليني

02 أكتوبر 2022
مارة أمام مقرّ بنك إنكلترا في العاصمة لندن (Getty)
+ الخط -

تتجه البنوك التجارية البريطانية لحصد أرباح ضخمة خلال العام الجاري، إذ لديها احتياطات ضخمة مع البنك المركزي البريطاني (بنك إنكلترا)، تقدر بنحو 900 مليار جنيه إسترليني حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري. وهو ما يعني أنها قادرة على شراء سندات الدين للشركات وصناديق المعاشات التي بيعت بأسعار رخيصة خلال الأسبوع الماضي.

وحسب صحيفة" فاينانشيال تايمز"، فإن هذه الإيداعات الضخمة تجلب للبنوك البريطانية عوائد تقدر بنحو 20 مليار جنيه إسترليني بحساب الفائدة الحالية. وكل ارتفاع في الفائدة بـ10 نقاط أساس سيضيف لعوائد البنوك نحو مليار جنيه إسترليني.

واضطرت العديد من الشركات وصناديق المعاشات لبيع سنداتها بأسعار رخيصة خلال الشهر الماضي بسبب حاجتها الماسة للسيولة المالية. وكانت السندات وجبة رخيصة للبنوك التجارية.

ويرى محللون أن أكبر البنوك التجارية في المملكة المتحدة، ستتمكن من تحقيق أرباح وفيرة من ارتفاع أسعار الفائدة بشكل صاروخي خلال العام الجاري. وكانت البنوك التجارية وفروعها الخاصة بالإقراض العقاري قد علقت التسليف العقاري في الأسبوع الماضي لتفادي مخاطر العقارات.

وأدت الاضطرابات المالية التي أثارتها الميزانية "المصغرة" لوزير الخزانة كواسي كوارتنغ إلى أن تراهن الأسواق على أن أسعار الفائدة في المملكة المتحدة يمكن أن تبلغ ذروتها عند 5.8 في المائة في الربيع المقبل، وهو ما سيخلق طفرة كبيرة لمصارف القطع.

وقال مصرفي كبير لـ"فاينانشيال تايمز": "سيكون هناك تراكم للثروات وستبدو هوامش أرباح البنوك واسعة جداً في الربع الأخير من العام". ورفع بنك إنكلترا بالفعل أسعار الفائدة إلى 2.25 في المائة في الأسبوع الماضي من مستوى قياسي منخفض بلغ 0.1 في المائة خلال فترة الوباء العام الماضي.

وضاعفت البنوك الأربعة الكبرى في المملكة المتحدة، وهي باركليز و"إتش إس بي سي" ولويدز وناتويست، احتياطياتها تقريباً على مدى السنوات الثلاث الماضية من الإيداعات، ولكنها تدفع عليها فوائد منخفضة جداً، إذ يدفع بنك باركليز لحسابات الادخار بين 50 ألف جنيه إسترليني إلى مليون جنيه إسترليني، نحو 0.25%، بينما يدفع مصرف ناتويست نحو 0.4%. وكانت قد أوقفت نحو 1600 منتج من منتجات الرهن العقاري خلال الأسبوع الماضي. وحتى الآن أخفق المقرضون المتميزون من البنوك الكبرى في تحويل مكاسبها من ارتفاع أسعار الفائدة إلى المدخرين، مما أوجد ما أطلق عليه أحد كبار المصرفيين "سوق من مستويين" تعود مكاسبها للمصارف على حساب المواطن المدخر. وتشير تقديرات مصرف جيفريز الأميركي إلى أن بنوك باركليز ولويدز وباركليز ستستفيد من أزمة الإسترليني وربما سترفع إيراداتها بنحو 12 مليار جنيه إسترليني بين العام الجاري وعام 2024. وفي ذات الصدد قال محللو مصرف "يو بي أس" السويسري إن زيادة الفائدة بنسبة 0.5 نقطة مئوية ستزيد أرباح البنوك قبل المخصصات بنسبة 3 إلى 4 في المائة. ولكن يلاحظ أن أسعار الأسهم بالمصارف التجارية الكبرى تراجعت ما بين 7 و12 في المائة خلال الشهر الماضي، تحت ضغط الغزو الروسي لأوكرانيا، ومصاعب سلاسل التوريد وحالة عدم اليقين في سوق الرهن العقاري.
وأدى الانخفاض الحاد في أسعار السندات الحكومية لمدة 30 عاماً، والذي نتج عن إعلان خفض الضرائب الأسبوع الماضي، إلى مطالبات بمزيد من السيولة، لجمع الأموال. وباعت صناديق التقاعد الأصول المالية، بما في ذلك السندات الحكومية، ما تسبب في مزيد من الانخفاض في أسعار السندات. وتدخل بنك إنكلترا لشراء "السندات الذهبية" يوم الأربعاء، مما أدى إلى استقرار السوق، لكن صناديق التقاعد تواصل بيع الأصول لتلبية طلبات النقد. وقال مدير صندوق جوبيتر الاستثماري في لندن، أرييل بتسلئيل، لـ" فاينانشيال تايمز": "هناك الكثير من البيع القسري أو الاضطراري بسبب الحاجة للسيولة النقدية". وأضاف أن تدخل بنك إنكلترا ساعد في خفض عائدات السندات طويلة الأجل، لكن الأصول الأخرى مثل سندات الشركات ظلت "تحت الضغط" وحتى سندات الشركات عالية الجودة المقومة بالجنيه الإسترليني عُرضت لضغط بيع شديد في الأسبوع الماضي. وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" ارتفعت العوائد على السندات التجارية بنسبة نقطة مئوية واحدة منذ الإعلان عن برنامج شراء السندات الحكومية، إذ ارتفعت إلى 6.58 في المائة.

المساهمون